نساء سعوديات يقدن السيارات بعيداً عن أعين الرقابة والفضوليين

البدويات ماهرات في قيادة الشاحنات على الطرق السريعة أو الزراعية وداخل الصحراء

TT

لم يكن يدور في خلد م.ن الذي اصطحب أسرته في رحلة بالسيارة إلى الدمام أثناء استخدامه للطريق الذي يربط العاصمة السعودية بالمنطقة الشرقية أن الشاحنة المخصصة لنقل المياه والمعروفة في السعودية باسم «الوايت» والتي كانت تسير أمامه بسرعة لا تتجاوز 80 كيلومتراً في الساعة والماء يتطاير من صهريجها مسبباً متاعب للسيارات التي تسير خلفها مما يضطر سائقيها إلى استخدام الماسحات لمسح ما علق بالزجاج الأمامي من الماء، لم يكن يعلم أن سائق الشاحنة ليس رجلاً من أبناء جلدته أو من السودان أو اريتريا أو تركيا أو من شرق آسيا بل إن المفاجأة التي كانت تنتظره وأسرته عندما تجاوز الشاحنة لتنبيه سائقها بأن الماء يتطاير من صهريجها مما يسبب مخاطر على المركبات أن السائق لم تكن سوى امرأة سعودية وقد غطت وجهها بالبرقع الذي يبرز عينيها، وداخل كابينة القيادة وبالقرب منها يستند رجل مسن كان يومئ بيديه مما يعني بأنه كان في حديث جانبي مع هذه المرأة التي ربما تكون زوجته أو ابنته، وتركيزهما منصب على الطريق انتظاراً للوصول إلى المخرج الذي يؤدي إلى موقع الإبل العائدة للرجل المسن حيث أن صهريج الماء مخصص للمواشي وسيتم إفراغ محتوياته في أحواض لسقي الإبل داخل صحراء الدهناء. هذا المشهد يتكرر بصورة يومية على الطرق السريعة التي تربط معظم مناطق السعودية فليس من المستغرب حالياً أن تشاهد امرأة تقود سيارة على الطرق السريعة أو الزراعية أو داخل الصحراء لدرجة أن مألوفية المشهد لم تعد تثير اهتمام عابري الطرق.

وتبرز ظاهرة قيام النساء بقيادة السيارات في مناطق البادية والمدن الحدودية وفي الأرياف والقرى، كما تبرز هذه الظاهرة داخل المباني المغلقة لبعض الجامعات والشركات الكبرى. أما في المدن فلا تستطيع المرأة أن تتجاوز الممنوع وتخرج بسيارتها متجهة إلى عملها أو إلى السوق أو حتى المستشفى في حالة اسعافية لكن بعض النساء يتحايلن على قانون المنع باستخدام السيارات المضلَّل زجاجها والذي لا يسمح بمعرفة من بداخل السيارة، او لبس ملابس رجالية والخروج ليلاً في مشاوير خاصة بعيداً عن أعين الفضوليين ورجال الأمن. ويردد البعض في السعودية قصصاً تبرز أهمية أن تتعلم المرأة قيادة السيارة ومنها أن أسرة مكونة من زوجين وطفلين خرجوا للتنزه وتعمقوا في الصحراء واثناء جلوسهم في أحد مجاري الأودية لدغ الزوج عقرب وأصيب بغيبوبة، ولأن زوجته لديها المام بقيادة السبارة قامت بحمل زوجها إلى المستشفى وعلى جناح السرعة وفي المستشفى تم إنقاذ الزوج من موت محقق بفضل سرعة إحضاره إلى المستشفى عن طريق الزوجة. أما القصة الثانية فيرويها ن. م الذي أصيب بجلطة وهو نائم في غرفته في شقة بشمال الرياض وقامت زوجته بحمله بسيارته إلى اقرب مستشفى من سكناهم. يقول: استيقظت من غيبوبة لأجد غرفتي قد تغيرت ملامحها وزوجتي تقف فوق رأسي، لقد أيقنت انني في المستشفى وان الجلطة التي أصبت بها منذ شهور عاودتني. ولما استفسر عقب إفاقته عمن حمله إلى المستشفى أجابت الزوجة انها هي التي قامت بإحضاره إلى هنا، فقد لاحظت الزوجة أن الجلطة عاودت زوجها فذهبت إلى ملابسه وأخذت مفاتيح السيارة من جيبه وسحبت زوجها إلى المصعد ونزلت به إلى موقف السيارات، ثم أدارت محرك السيارة منطلقة إلى مستشفى الحمادي حيث كان الطبيب بانتظاره في قسم الطوارئ وقال للزوجة لقد جئت في الوقت المناسب. إن موضوع قيادة المرأة للسيارة في السعودية تناولته الصحافة والأجهزة الإعلامية بين مؤيد ورافض ولم يعد طرحه هذه الأيام مشجعاً، وهو ما دفع الأسر السعودية إلى إحضار سائقين بمرتب يصل إلى 1000 ريال للسائق باعتباره الحل في ظل مشاغل رب الأسرة وكثرة الالتزامات، إلا أن الأسر الفقيرة لا تستطيع إحضار مثل هذا السائق حيث تجد صعوبة في تأمين السكن والمرتب للسائق، مما يضطر رب الأسرة إلى برمجة يومه وعمله حسب متطلبات الأسرة، والقيام بدور السائق، والحل الآخر هو التعاقد مع سيارات ليموزين لنقل الأطفال إلى المدارس والنساء إلى مقار أعمالهن.