دراسة لمجلس الشورى السعودي تطالب باستراتيجية للتعليم التطبيقي والتقني

عدم مواءمة مخرجات التعليم وهيمنة الحكومة على المؤسسات التربوية وغياب نظام يرعى شؤون عمل المرأة أبرز مكامن الخلل

TT

خلصت دراسة نفذها فريق عمل مكلف من مجلس الشورى بإعداد دراسة استراتيجية وطنية بعيدة المدى للتعليم التطبيقي والتقني والتدريب الفني، إلى عدم مواءمة مخرجات التعليم والتدريب لحاجة سوق العمل الحالية، إضافة إلى هيمنة القطاع الحكومي على غالبية مؤسسات التعليم والتدريب، وغياب نظام يرعى شؤون عمل المرأة وتقاعدها. وكشف فريق العمل أن الخلل في منظومة التعليم والتدريب يتضح من نسبة خريجي الاقسام العلمية من الجنسين التي لا تتجاوز الـ 25 في المائة من عدد الخريجين ومقارنتها بعدد الخريجين من الأقسام النظرية، حيث تبين أن متوسط عدد خريجي الاقسام العلمية خلال الأعوام الثلاثة الماضية لم يتجاوز 12.5 الف خريج، فيما بلغ متوسط عدد الخريجين من الأقسام النظرية 37.1 ألف خريج، يشكلون ما نسبته 75 في المائة.

وبينت الدراسة أن هذا الخلل يتكرر وبشكل واضح في مستوى التعليم والتدريب فوق الثانوي، إذ لا يتجاوز متوسط عدد خريجي الأقسام العلمية عن 5554 خريج بنسبة 39 في المائة، مقارنة بـ 8519 خريجا من الاقسام النظرية وبنسبة 61 في المائة.

أما على مستوى التعليم والتدريب الثانوي الفني فان متوسط عدد خريجي الاقسام العلمية بلغ 14.4 الف خريج بنسبة 74 في المائة، مقارنة بنحو 5061 خريجا، وبنسبة 26 في المائة من الخريجين في الاقسام النظرية، أما على مستوى التعليم والتدريب دون الثانوي فيتضح أن متوسط عدد مخرجات القسم الواحد هو نحو 10 طلاب على الرغم من احتياج سوق العمل لهذه الفئة من الخريجين.

وقد اتضح الخلل في قلة الخريجين من هذا المستوى مقارنة بالمستويين الجامعي وفوق الثانوي، ومع ان الوضع في المستوى الثانوي يعتبر افضل المستويات الثلاثة الاخرى من حيث متوسط عدد الخريجين من الاقسام العلمية، إلا أن أعداد الخريجين والخريجات من الاقسام العلمية في كل المستويات منخفضة مقارنة باحتياجات سوق العمل من القوى العاملة الوطنية في المجالات العلمية، بينما هناك فائض كبير في اعداد الخريجين من الاقسام النظرية في كل مستويات التعليم والتدريب. وتعتبر زيادة الاعداد من خريجي الاقسام النظرية مقارنة باعداد خريجي الاقسام العلمية خللا في منظومة التعليم والتدريب في السعودية، لأن الحاجة ماسة للتخصصات العلمية التي ما زالت تشغل بكوادر غير سعودية في سوق العمل وخاصة القطاع الاهلي.

وأبرزت الدراسة زيادة في نسبة خريجي المستويات الجامعية مقارنة بالمستويات الاخرى، حيث بلغت هذه النسبة خلال الأعوام الثلاثة الماضية نحو 56 في المائة من اجمالي الخريجين، في حين لم تتجاوز نسبة خريجي المستويات الثلاثة الاخرى مجتمعة 44 في المائة، منها 22 في المائة من المستوى الثانوي و15 في المائة المستوى دون الثانوي. ومعروف أن حاجة البلاد التنموية للقوى العاملة هي في التخصصات دون الجامعية مثل التخصصات التقنية والفنية، وتشكل هذه الظاهرة هرما مقلوبا في مخرجات منظومة التعليم والتدريب، حيث القاعدة هي خريجو الجامعات، بينما المفروض ان تكون القاعدة من خريجي الكليات التقنية والمعاهد الفنية ومراكز التدريب، ويتضح من ذلك عدم قدرة مؤسسات التعليم والتدريب القائمة مجتمعة على تلبية احتياجات سوق العمل الحالية، ناهيك من احتياجات المستقبل.

وعكس التقرير كثرة أعداد الاقسام والتخصصات النظرية التي يعاني خريجوها من شبح الفرص الوظيفية في القطاع العام والخاص، ما يمثل خللا اخر يمكن ان يضاف الى مجموعة الاختلالات في منظومة التعليم والتدريب، وبالتالي يستدعي الأمر مراجعة هذه الاقسام والتخصصات لغرض ترشيدها والحد من الزيادة فيها، وتوجيه الجهود لزيادة اقسام وتخصصات علمية تخدم سوق العمل وتوفر القوى العاملة الوطنية المؤهلة. وتبين أن اجمالي القوى العاملة في القطاع المدني من سعوديين ووافدين تجاوز الـ 4.9 مليون موظف وعامل عدد السعوديين العاملين في القطاع العام الذي يبلغ 661 الفا و522 ألف موظف في القطاع الخاص، ويشكل الوافدون الغالبية العظمى في عدد القوى العاملة بنحو 3.7 مليون موظف وعامل في القطاع الخاص، و135.3 الف موظف في القطاع العام.

وتبين أن من ابرز منطلقات هذه الاستراتيجية خصخصة ما يمكن خصخصته من برامج التعليم التطبيقي والتقني والتدريب الفني، والمشاركة بين الحكومة والقطاع الاهلي في مسؤوليات تخطيط وتمويل ومتابعة برامج التعليم التطبيقي والتقني والتدريب الفني، وتوحيد جهة التخطيط والمتابعة لجهود تنمية القوى العاملة وتوظيفها في جهة واحدة، وربط التعليم التطبيقي والتقني والتدريب الفني بحاجة القطاع الأهلي لتلبية حاجته من القوى العاملة ولتسهيل التوظيف والتركيز في برامج التعليم التطبيقي والتقني والتدريب الفني على التدريب العملي الميداني والتعليم التعاوني، بهدف اكتساب احدث المهارات التقنية، ودعم وتوظيف القوى العاملة السعودية في القطاع الاهلي.

وخلصت الدراسة الى عدم قدرة مؤسسات التعليم والتدريب القائمة مجتمعة على تلبية الاحتياج الحالي وعدم مواءمة بعض مخرجات التعليم والتدريب لحاجة سوق العمل الحالية، وهيمنة القطاع الحكومي على غالبية مؤسسات التعليم والتدريب، وتدني توظيف القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص بحجة عدم مناسبة تأهيلها وتدريبها لحاجة هذا القطاع، وارتفاع اجورها مقارنة باجور الوافدين.

ونقص الطاقة الاستيعابية للاقسام العلمية والصحية والتقنية والهندسية في التعليم العالي، وانخفاض الاعتمادات المالية المخصصة لتمويل التوسع في مؤسسات التعليم والتدريب الحكومية، وعدم الاهتمام باحتياجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع ثقلها العددي الكبير في سوق العمل، واهميتها في الاقتصاد وجود منافسة غير متكافئة بين مؤسسات التعليم والتدريب الحكومي ومؤسسات التعليم والتدريب الاهلية، وغياب نظام لعمل المرأة وتقاعدها وجهة ترعى خصوصية شؤونها في المجتمع السعودي، وفتح باب الاستقدام للعمالة الوافدة وقلة وجود برامج دبلوم فوق الثانوي ضمن الخطط الدراسية الجامعية.