«التسريب» يفتح ملف الالتزام بسرية مداولات مجلس الوزراء اللبناني

TT

اعاد استنكاف وزير الاعلام اللبناني ميشال سماحة عن تلاوة المقررات الرسمية للجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء اول من امس طرح موضوع التضامن الوزاري والتزام الوزراء سرية المداولات في الجلسات الذي تفرضه الاصول والنظام الداخلي للمجلس الصادر بمرسوم في عهد الرئيس السابق الياس الهراوي.

وغالباً ما ادى تسريب مداولات مجلس الوزراء الى وسائل الاعلام ولا يزال يؤدي الى خلافات بين المسؤولين داخل مجلس الوزراء وخارجه. وقد جرت محاولات كثيرة لوقف هذا «التسريب» لكنها فشلت كلها حتى الآن، الى حد ان نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام مازح بعض الذين التقوه يوم حل ضيفاً على رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري في عهد الرئيس الهراوي معلقاً على هذا التسريب بالقول ان هناك وزراء باتوا بمثابة «محررين» في بعض الصحف، وذلك في اشارة منه الى عدد من الوزراء الذين ذاع صيتهم آنذاك بأنهم يسرّبون محاضر جلسات مجلس الوزراء الى بعض الصحف اللبنانية.

وفي الواقع ان هذه الملاحظة - الاتهام الذي وجهه خدام يومها الى الوزراء المعنيين ـ فعلت فعلها لايام، ثم عاد التسريب الى ما كان عليه وان بتفاصيل اقل. لكنه في عهد الحكومة الحالية وسابقتها سجل ارتفاعاً قياسياً بدليل ان صحفاً عدة تكاد تنشر «تفاصيل التفاصيل» لهذه المداولات، حسبما قال لـ«الشرق الاوسط» احد الوزراء الذي رد السبب في ذلك الى الخلافات الرئاسية القائمة والتي تنعكس على كل الواقع السياسي اللبناني والقوى العاملة على ساحته.

واشار هذا الوزير الى ان التسريب يأتي على انواع. فهناك «التسريب البريء» الذي يمارسه بعض الوزراء وعادة يكونون قلة على سبيل تأدية «خدمة» لبعض وسائل الاعلام بقصد الحصول، في المقابل، على تغطية اوسع لنشاطاتهم داخل وزارتهم او لنشاطاتهم السياسية. ومنها ايضاً «التسريب المقصود او الموجه». وهو الذي يرمي الى تحقيق اهداف معينة، كأن يكون الهدف النيل من فريق سياسي محدد، او «التنقير» عليه، او معرفة ردود فعل الشارع السياسي والرأي العام والناس، او تلميع الموقع السياسي لـ«المسرّب» او لفريق سياسي معين اذا كان ما يسرّب يتصل بمواقف اتخذها هو او هذا الفريق في مجلس الوزراء.

الا ان هذا الوزير يعود ويؤكد ان ليس هناك اي تسريب يحصل من دون اهداف تكمن خلفه، خصوصاً في هذه المرحلة التي تتزاحم فيها الاستحقاقات الداخلية. لكنه توقع ان ينحسر هذا التسريب تحت وطأة الوساطة السورية الهادفة الى تهدئة الساحة السياسية والتي لم تنته فصولاً بعد مذ اثمرت اقراراً للموازنة العامة للدولة للسنة 2004 في مجلس الوزراء الاسبوع الماضي. وقد نشطت هذه الوساطة اثر جلسة مجلس الوزراء اول من امس حيث فاجأ وزير الاعلام ميشال سماحة في نهايتها باعلان استنكافه عن اذاعة مقررات الجلسة احتجاجاً على تسريب بعض الوزراء لمحاضر المداولات خلالها، ولم تستبعد بعض الاوساط الوزارية ان يتم تكليف الامانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء تلاوة المقررات الرسمية لمجلس الوزراء كخطوة تتزامن مع الطلب من الوزراء مجدداً التزام سرية المداولات في المجلس، وذلك في حال استمر وزير الاعلام في موقفه، على ان يتحدث رئيس مجلس الوزراء باعتباره الناطق باسم الحكومة الى الرأي العام عندما تفرض الضرورة ذلك.

الى ذلك، علق امس وزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي على موقف وزير الاعلام فرده الى «ما يحصل في مجلس الوزراء من تسريب المحاضر كاملة الى الصحف». وقال: «ان الوزير سماحة رأى بعد هذه التسريبات ان ألا لاذاعة بيان سرّب الى الصحف بطريقة اخرى. ونحن نحترم موقف وزير الاعلام ونتمنى المحافظة على سرية المداولات في مجلس الوزراء. ونؤيد حرص الوزير سماحة على هذه السرية واذاعة المقررات ببيان رسمي».

وحول احالة ملفي وزير المال فؤاد السنيورة ووزير النفط السابق شاهي برصوميان الى مجلس النواب، قال ميقاتي: «اتمنى ان نفصل بين التجاذبات السياسية والاجراءات القضائية. ولا احد يشك في قدرة ونزاهة وكفاءة الوزير السنيورة، ولكن هذا الموضوع روتيني وما نأمله مجدداً هو ان يتم الفصل بين السياسة والقضاء فصلاً كاملاً».