مهاجمان انتحاريان وراء الهجوم على المعبدين اليهوديين في اسطنبول واستجواب ثلاثة بينهم امرأتان

400 كيلوغرام من المتفجرات استخدمت في الهجوم * الموساد يشارك في التحقيقات وقنصل إسرائيل لا يستبعد تورط «دولة»

TT

اعلنت مصادر دبلوماسية تركية ان تحقيقا تركيا مبدئيا خلص الى ان «مهاجمين انتحاريين» وراء تفجير معبدين يهوديين في اسطنبول. وقال مصدر دبلوماسي قريب من التحقيقات ان التحقيق التركي توصل الى ان الهجومين المنفصلين كانا تفجيرين انتحاريين قام بهما شخصان يقودان شاحنتين تحتويان على كمية من المتفجرات تقدر بـ400 كيلوغرام. وذكر محققون اسرائيليون يشاركون في التحقيقات ان خبراء الطب الجنائي عثروا وسط حطام التفجيرين على بقايا بشرية وانه امكن بعد تجميع هذه البقايا تشكيل جثة. بينما ذكرت صحيفة «ميلليت» التركية نقلا عن خبير تركي في الطب الجنائي يشارك في التحقيقات انه تم العثور على بقايا جثتين في موقع الهجوم وعليهما اسلاك تستخدم للتفجير. ويأتي ذلك في الوقت الذي اعتقلت فيه الشرطة التركية ثلاثة اشخاص للاشتباه في تورطهم او علاقتهم بشخص «ضالع مباشرة» في تفجير المعبدين اليهوديين في اسطنبول اول من أمس واللذين أسفرا عن سقوط 23 قتيلا ونحو 300 مصاب، بينما بدأت فرق محققين من اجهزة الاستخبارات التركية والاسرائيلية التفتيش بين حطام التفجيرين عن اي ادلة تقود للجناة، فيما لم يستبعد قنصل اسرائيل في اسطنبول وقوف «دولة» وراء التفجيرين.

وذكرت محطة «ان. تي. في» التلفزيونية التركية انه تم احتجاز ثلاثة اشخاص على علاقة بالتفجيرين بينهم امرأتان محجبتان بدون ان تذكر اية تفاصيل اخرى. ولم تؤكد مصادر الشرطة رسميا الخبر الذي نقلته ايضا شبكة «سي. ان. ان. ترك» وصحيفة «حريت» التركية التي نقلت عن مصادر باجهزة الاستخبارات وشرطة مكافحة الارهاب ان هؤلاء الاشخاص الثلاثة نقلوا الى قيادة الامن في المدينة لاستجوابهم. واضافت المصادر ان عناصر من اجهزة المخابرات التركية شاركوا في عملية الاستجواب وانهم فيما يبدو يعتقدون ان احد اقارب هؤلاء الاشخاص قد يكون «ضالعا مباشرة» في الاعتداءين. ولم تكشف هوية هؤلاء الاشخاص ولا المنظمة التي يمكن ان يكونوا اعضاء فيها.

وقال متحدث باسم الشرطة ان الوقت ما زال مبكرا لذكر اية تفاصيل عن التحقيقات اذ ان العمل ما زال مستمرا، مضيفا انه «ليس هناك شيء مؤكد»، بينما ذكرت وكالة انباء «الاناضول» التركية شبه الرسمية نقلا عن مسؤول امني تركي كبير ان كلا من الشاحنتين (الفان) اللتين استخدمتا في الهجوم كانتا محملتين بـ400 كيلوغرام من المتفجرات وخليط من مادة «سولفات الالمنيوم» و«النيترات» وزيت اشعال مضغوط. واضافت ان كل هذه المتفجرات تم اخفاؤها في حاويات صغيرة اخفيت بدورها في اكياس، ثم وضعت محاطة بحاويات اخرى خاوية للتمويه. وأكدت الوكالة ان التحقيقات اظهرت ان رخصتي الشاحنتين مزورتين.

وذكرت مصادر امنية ان محققين من جهاز الاستخبارات الاسرائيلي «الموساد» وجهاز الامن الداخلي «شين بيت» وصلوا امس الى اسطنبول للمشاركة في تحقيق رسمي يجريه نائب لرئيس الشرطة الاسرائيلية، ويفتش رجال الامن الاتراك والاسرائيليون وسط حطام الهجومين بحثا عن أدلة تقود الى منفذي الانفجارين، كما يتفقد فريق من الطب الشرعي الاسرائيلي المكان بحثا عن أجزاء بشرية. وذكر المحققون الاتراك والاسرائيليون ان التحقيقات التي اجريت حتى الآن تشير الى ان الهجومين تم الاعداد لهما بدقة وانهما نفذا بطريقة منظمة للغاية مما يدل على «القاعدة» او تنظيم ارهابي دولي آخر وراء الاعتداءين.

من ناحية اخرى، دعا وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم المجتمع الدولي الى «مكافحة مشتركة» للارهاب. وقال شالوم امام الصحافيين في ختام محادثاته مع نظيره التركي عبد الله غل ان هذه الاعتداءات مثلها مثل تلك التي ارتكبت في مومباسا والدار البيضاء او السعودية تهدف الى زعزعة استقرار الدول المستهدفة. واضاف شالوم الذي وصل صباح امس الى اسطنبول لتفقد الكنيسين المستهدفين واجراء محادثات مع المسؤولين الاتراك «نحن في اسرائيل نعتقد انه اذا حاربنا معا اولئك المتطرفين، فسننتصر». وأدان الاعتداءين ووصفهما بالعمل الارهابي الجبان الذي قام به متطرفون يحاربون الدول التي تتشارك قيم الديمقراطية، والحرية وحكم القانون. وقدم شالوم الذي كان برفقة نظيره التركى عبد الله غل تعزيته لأسر الضحايا المسلمين. ورفض الوزيرين الاسرائيلي والتركي الحديث عن التحقيقات المشتركة حول الاعتداءين، واشارا الى انه ما زال من المبكر الحديث عن التحقيقات.

وكان شالوم قد قال في تصريحات لاذاعة «جيش اسرائيل» ان التحقيقات التي اجريت حتى الآن تميل الى اعتبار «القاعدة» متورطة في الاعتداءين، غير انه اضاف ان هذا ليس نهائيا وان هناك حاجة للمزيد من التحقيقات. وعند سؤاله عما اذا كانت تقارير استخباراتية حذرت قبل اسابيع من هجوم ارهابي في تركيا، رد غل بشكل غامض قائلا ان المعلومات يتم جمعها باستمرار وانه كانت هناك ترتيبات امنية خاصة عند المعابد اليهودية ومن بينها منع انتظار السيارات.

ورفض مسؤولون اتراك ادعاء جماعة اصولية اسلامية تركية مسؤوليتها عن الهجومين. وقال مسؤول أمني «لا يمكن ان تكون جماعات تركية قد نفذت مثل هذا الهجوم» وهي وجهة نظر كررها كبار المسؤولين الاتراك ومعظم الصحف التركية التي تعتقد ان لتنظيم «القاعدة» صلة بالانفجارين.

واعتبرت اميرة ارنون قنصل اسرائيل في اسطنبول ان «منظمة كبيرة» قد تكون مدعومة من دولة اجنبية تقف على الارجح خلف الاعتداءين. وقالت ارنون لوكالة الصحافة الفرنسية «ما زال الوقت مبكرا لاستخلاص استنتاجات، لكن هذين الهجومين كانا ضخمين بحيث لا يمكن الا ان يكونا من تدبير منظمة كبيرة وربما بدعم دولة ما».

وذكرت صحيفة «راديكال» التركية امس ان الموساد حذر الاستخبارات التركية مرتين من اعتداءات محتملة، وان التحذير الاول جاء في ابريل (نيسان) الماضي اذ حذر الموساد من اعتداءات تخطط لها «القاعدة» على المعابد اليهودية وعلى السفارتين الاميركية والبريطانية في انقرة. اما التحذير الثاني فجاء في سبتمبر (ايلول) الماضي، اذ حذر الموساد من اعتداءات تطال المواطنين الاميركيين والاسرائيليين في تركيا. من ناحيته، دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى وضع «خطة لمحاربة الارهاب الدولي» وذلك بعد الاعتداءات. وقال في مطار اسطنبول خلال مؤتمر صحافي بثته شبكات التلفزيون مباشرة «نظرا الى النقطة التي وصل اليها الارهاب في العالم حاليا، اعتبر انه الضروري وضع خطة دولية لمحاربة الارهاب».

وقد افادت وزارة الصحة التركية ان حصيلة الاعتداءين ارتفعت الى 23 قتيلا بينهم 9 يهود، اضافة الى 303 جرحى بينهم نحو 70 جريحا لا يزالون في المستشفيات.