قريع: أستطيع التعامل مع عرفات لكن مشـكلتي الرئيسية هي شارون

قال: أنا وأبو مازن من مدرسة واحدة.. والأمر لا يتعلق بالتوصيفات ولكن بكيفية التغيير

TT

يبدو ان رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد أحمد قريع، أحد مهندسي اتفاقية أوسلو عام 1993، قد خسر الاسبوع الماضي السباق في الصراع على السلطة مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.

فبحلول نهاية الاسبوع أفلح عرفات في تعزيز الهيمنة على المؤسسات الأمنية ووضعها تحت امرته. وهكذا فان كثيرين يخشون ألا يستمر قريع، في منصبه اكثر من سلفه محمود عباس، الذي استقال في سبتمبر (أيلول) الماضي بعد أربعة أشهر في منصبه. غير أن آخرين يراهنون على قريع، 66 عاما، الذي حصل على مصادقة البرلمان الفلسطيني باعتباره الفرصة الأفضل للسلطة الفلسطينية. وفي لقاء مطول أجرته الخميس الماضي لالي ويماوث محرر «نيوزويك ـ واشنطن بوست» قال قريع ان بوسعه التعامل مع كل من عرفات واسرائيل. وبدا، وهو يجلس في مكتبه برام الله، واثقا من انه سيجري قريبا محادثات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون.

* ما الذي تأمل في انجازه؟

ـ آمل ان تكون هناك امكانية للبدء بعهد جديد من التعاون وفتح طريق المفاوضات ووضع نهاية للنزاع. أتطلع الى لقاء مع شارون وهو يرحب بذلك. ولكننا نريد لهذا اللقاء ان يجري الاعداد له على نحو جيد. ان أبناء شعبنا يعانون من الكثير. وهكذا الحال بالنسبة للاسرائيليين. ولا بد ان ينتهي اللقاء الى توجيه رسالة واضحة الى الشعبين مفادها اننا سنعمل معا من أجل وضع نهاية للمعاناة. وسنتوصل الى اتفاقية لوقف اطلاق النار ونبدأ مفاوضات لانهاء النزاع والعيش كجيران طيبين.

* هل كنت على اتصال مباشر مع شارون؟

ـ بصورة مباشرة، كلا، ولكن هناك اتصالات بين مدير مكتبي ورئيس موظفي شارون.

* هل تبحث في امكانية تحقيق وقف لاطلاق النار مع «حماس» و«الجهاد الاسلامي»؟

ـ ليس (فقط) وقفا لاطلاق النار مع «حماس» و«الجهاد الاسلامي». فاستراتيجيتي تقضي بالتوصل الى فهم واضح مع جميع الفلسطينيين. ومن ناحية ثانية التفاوض مع اسرائيل بهدف التوصل الى وقف لاطلاق النار.

* ألا يتعين عليك مهاجمة البنية التحتية للارهاب كما تحدد «خريطة الطريق»؟

ـ لا استطيع الموافقة على اننا ارهابيون. ولكن هناك أفعالا من قبيل قتل المدنيين التي ندينها بشدة. نريد ان نكون اقوياء بما يكفي لوضع نهاية لهذا الوضع. وقد قلت اننا سنكافح ضده (الارهاب).

* بقدر ما أفهم فان شارون لن يتحرك بدون وقف لاطلاق النار؟

ـ شارون ليس اسحق رابين. وقد قال رابين عام 1995 «سنقاتل الارهاب كما لو انه لم يكن هناك سلام وسنواصل العمل من أجل السلام كما لو انه لم يكن هناك ارهاب». آمل أن يكون شارون على ما يكفي من الحكمة للاعتقاد بهذا الموقف لأن اسرائيل تعاني من اراقة الدماء والقتل والكراهية. ولم يسبق لي أن رأيت الكراهية كما هي عليه الآن.

* تخشى الولايات المتحدة ان يقوم عرفات بتقويضك كما فعل مع سلفك أبو مازن (محمود عباس)؟

ـ المشكلة الحقيقية هي اسرائيل وليس عرفات. أبو مازن رجل طيب بذل كل ما في وسعه. وقد كنت حاضرا في أول لقاء له مع شارون. تحدثنا عن السجناء والحصار ووضع الرئيس عرفات وهو وضع غير مقبول. وعدنا من دون ان نحقق شيئا. وحاول أبو مازن اقناعي بلقاء شارون ثانية، ولكنني قلت «هذه غلطة. دعنا نرى ما يقدمون»، ولكنهم لم يقدموا شيئا. ثم ذهبنا الى واشنطن، والتقينا مع الرئيس (جورج) بوش الذي قدم كل الدعم لأبو مازن. وقلت للرئيس بوش «سيعود أبو مازن بدعم من ادارتك، ولكنه بحاجة الى دعم الشعب الفلسطيني. ولن يحصل على ذلك ما لم يتغير الوضع على الأرض. ونرجو منك دفع شارون الى تغيير الوضع». وقال الرئيس ان شارون قادم وسنناقش الأمور. ولكن لم يحدث شيء. وكان أبو مازن قد التقى شارون ثلاث او اربع مرات ولكن لم يقدموا له شيئا.

* من المؤكد ان عرفات ساعد على تقويض أبو مازن، ألا تتفق معي؟

ـ عرفات انسان. وهو الرئيس المنتخب وهو تحت الحصار. لم يكن راضيا عن أبو مازن. ولن يكون راضيا عني اذا ما بقي وضعه على حاله. ولهذا فان أحد الشروط الاساسية لنجاحي يتمثل في ان على الاسرائيليين ان يغيروا الطريقة التي يتعاملون بها مع عرفات. ينبغي أن يكون حرا ليتوجه الى غزة او الخارج. ان عرفات في السجن. وقد دمر الاسرائيليون المؤسسات الأمنية الفلسطينية. ان بوسعهم الحصول على الأمن اذا ما تحدثوا الى الفلسطينيين. ويمكن ان يجري حادث هنا أو هناك ولكننا نستطيع ان نتعامل مع هذه الحالات معا. ان لدى الفتاة (التي قامت بالتفجير الانتحاري) التي ذهبت من جنين الى حيفا، شقيقا كان قد اغتيل. لا اتفق مع العمل الذي قامت به ولكن اذا ما استمر الاسرائيليون على هذا السبيل فانهم سيخلقون المزيد من ردود الفعل من جانب الفلسطينيين.

* قال شارون انه لن يمضي في طريق الأمن ما لم يتوقف الارهاب؟

ـ أنت لست على خطأ، ولكن هذا لن يحقق أي انجاز. نحن ضد قتل الاسرائيليين والفلسطينيين.

* هل ستطلب من اسرائيل ايقاف أعمال القتل المستهدفة اذا ما توصلت الى وقف لاطلاق النار مع «حماس» و«الجهاد الاسلامي»؟

ـ يجب ان تتوقف كل أعمال القتل ضد الفلسطينيين. ويقول الاسرائيليون انهم يريد أفعالا لا أقوالا. وأنا افكر بالطريقة ذاتها. اريد منهم مساعدتي على تغيير الوضع على الأرض، وتقديم شيء للفلسطينيين.

* تريد من اسرائيل ايقاف القتل المستهدف، وتيسير القيود في نقاط التفتيش، وماذا بعد؟

ـ ايقاف هدم البيوت واطلاق سراح السجناء.

* أقام عرفات مجلس أمن قوميا يعتقد كثيرون انه سيستخدمه لتقويض حكومتك ـ كلا، انه سيدعم حكومتنا. هناك أربعة من أعضاء الحكومة في المجلس وكذلك مسؤولو المؤسسات الأمنية الرئيسية بالاضافة لي. ان عرفات سيمد يد العون.

* ما الذي سيحدث اذا ما دعا مجلس الأمن القومي الى الاجتماع كل يوم؟

ـ أعرف كيف أتعامل مع عرفات. لقد منحني الدعم. واذا ما قامت الولايات المتحدة واسرائيل بدعمنا فان الامور ستمضي الى الامام حسب اعتقادي.

* ما الذي تعتزم القيام به لايقاف العنف؟

ـ سأتحدث مع الاسرائيليين بأوضح طريقة ممكنة. وسأناقش كل القضايا معهم: القاذفات، وصواريخ القسام، والتفجيرات الانتحارية، والانفاق. وفي اليوم الذي نتوصل فيه الى اتفاقية ويوافقون على تغيير الوضع على الأرض، سنكافح (الاهاب) بقوة. هذا هو تفاهمي مع عرفات، فنحن بلد صغير تحت الاحتلال، ولا يمكنني ان ابدأ من دون الحصول على شيء من الاسرائيليين سيحقق لي دعما من شعبي.

* من أجل التوافق مع «خريطة الطريق» من الضروري تفكيك البنية التحتية للارهاب؟

ـ عندا نتوصل الى وقف لاطلاق النار فانني أتعهد بذلك. أنا ملتزم بـ«خريطة الطريق»، وبكل الاتفاقيات الموقعة. أنا اعترف باسرائيل ولكننا نريد من الأميركيين الطلب من اسرائيل ان توقف المستوطنات والجدار. هل تريد الولايات المتحدة ان تمنحنا دولة قابلة للحياة؟ كيف يمكن لذلك أن يحدث مع وجود الجدار؟

* قيل ان بوسع شارون ان يقود اسرائيل نحو تسوية اذا ما أراد القيام بذلك؟

ـ أجل، وقد أبلغته بعد الانتخابات الأخيرة قائلا «أيها السيد رئيس الوزراء اذا كنت تريد السلام فأنت من يقدر على تحقيق ذلك». وأجاب «أبو علاء أنا غاضب فأنت تقول: اذا كنت تريد ذلك».. فقلت «اذا أردت ذلك فبوسعنا تحقيقه في غضون ستة اشهر». والسؤال هو: هل يريد ذلك؟ انه يريده بطريقة مختلفة. لماذا يشعر بهذه الدرجة من الغضب بشأن تفاهم جنيف؟ اعتقد ان ذلك جهد جيد من جانب الطرفين.

* أطلق ابو مازن تصريحات رفض فيها الانتفاضة وأشار الى الضرر الذي ألحقته بالقضية الفلسطينية. هل توافق على ذلك؟

ـ نحن من المدرسة ذاتها. الامر لا يتعلق بالتوصيفات، وانما بكيفية تغيير ذلك.

* معظم المراقبين يعتقدون ان عرفات سيعمل على تقويضك كما فعل مع أبو مازن.

ـ هذا ليس صحيحا. الأميركيون هم الذين قوضوا أبو مازن. فلم يقدموا له شيئا وهكذا فعل الاسرائيليون. الكلمات الجميلة ليست كافية. لقد كان بحاجة الى الدعم.

* ولكن الجميع يلومون عرفات؟

ـ ولكن المسألة ليست عرفات. فبدونه كانت أوسلو مستحيلة، كما هو الحال مع الاتفاق المؤقت. لقد فتح الطريق الى السلام.

* أليس عرفات غير مستعد لقبول وجود دولة يهودية؟

ـ انه يرغب في دولة يهودية اكثر مني. من المسؤول عن جميع الاتفاقيات مع اسرائيل؟ ـ انه صانع القرار.

* ولكن من بدأ الانتفاضة؟

ـ تحالف بين شارون وباراك.

* ما هو تقييمك لشارون؟

ـ كشخص فانه يتميز بالدفء في اللقاء لكنه ليس سهلا. اخشى ان تكون لديه خطة وهو ما يزال يتحدث عن حل مؤقت. والحل هو التوصل الى اتفاق دائم.

* هل ستكون هنا في هذا المكتب العام المقبل؟

ـ آمل ذلك. المسألة الأساسية هي تحقيق شيء للشعب الفلسطيني. والقضية الرئيسية هي الاصلاحات. واكثر من ذلك نحن نريد انتخابات في يونيو (حزيران) المقبل.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»