انحسار نسبة المتعاطفين مع الإرهابيين في السعودية

TT

منذ 11 سبتمبر (أيلول) وتنظيم «القاعدة» يجد تعاطفاً لا يظهر على السطح أو يبرز إلا من خلال ساحات النقاش على شبكة «الانترنت» أو في النقاشات العامة في الدواوين والاستراحات والمكاتب، وبعيداً عن وسائل الإعلام. وحسب المتابعين لساحات الحوار على «الانترنت»، فإن تعاطفاً يلحظ في نسبة عالية بين رواد تلك المواقع، ويصل في أحيان عدة إلى التطرف والتشدد في الدفاع عن أية خطوة يقدم عليها تنظيم «القاعدة». ويشير أحد المتابعين إلى أن صور أسامة بن لادن تكون «حاضرة عادة في توقيعات المؤمنين بمشروعه». وحسب محمد الزيد، أحد المشاركين في منتدى طوى فإن «ما يعبر عنه المواطن المتخفي تحت اسم مستعار، هو بلا شك رأيه الخاص الذي يؤمن به وغير المتلون. لذا فينبغي الاعتماد على ما تأتي به المشاركات عبر المنتديات، لكونها الرأي الصريح لاتجاهات المواطنين تجاه أي حدث أو قضية».

ومع بدء الحملة الوطنية لمكافحة الإرهاب التي أعلنت عبر وسائل الإعلام، وخاصة حين تم الإعلان عن قائمة الـ19 الشهيرة في 7 مايو (أيار) الماضي، كانت ردود الفعل عبر تلك المواقع يتجلى فيها رفض عدد متزايد لوصف «المطلوبين» بـ«الإرهابيين»، بل وتصر فئة واسعة منهم على تسميتهم «مجاهدين»، دون إهمال الإشارة إلى أنهم «مظلومون وضحايا بيانات رسمية غير دقيقة»، حتى كانت ثلاثية التفجير في الرياض بعد 5 أيام من الدفاع المستمر عن عناصر تلك القائمة، وحينها بدأت الوتيرة تخف نسبياً في شأن الدفاع عنهم. إلا أن أحد المهتمين، في هذا النطاق من المشاركات العامة، يرى أنه ورغم ضخامة الحدث «استمرت فئات واسعة من المجتمع تؤيد العمليات بأساليب غير مباشرة ومغلفة»، موضحاً بشكل أدق أن هذه الفئة «توصف بالواسعة، لكونها غير متوقع وجودها نسبياً في تأييد أعمال ارهابية على أرض الوطن». ومع استمرار عمليات الملاحقة للعناصر الخطرة أمنياً، كانت ردود فعل الرأي العام المحلي تتشكل وتتباين مع كل عملية. إلا أنها بشكل عام وحسب ما يصفه محمد الزيد، الكاتب في «الانترنت»، كانت تنخفض تدريجياً «حتى جاء حادث الرياض الأخير، فبدا أن نسبة عالية من المؤيدين السابقين والمتعاطفين مع الإرهابيين أخذت في التراجع عن آرائها، وواجهت الحدث بالإدانة والرفض. ومع ذلك بقيت فئة تناصر العمل من خلال السعي للتبرير بأن من في مجمع المحيا كانوا من الغربيين. إلا أنه وبشكل عام أستطيع القول بأن قناع التنظيم الإرهابي قد سقط باستهداف المسلمين والعرب».

من هنا، كان لبدر العامر، الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تعليق على حالة التعاطف السابق مع الإرهابيين وانحسارها تدريجيا، فقال ان المسألة هي «موجودة بالفعل، وتعتبر تسلسلا شعوريا عاطفيا مع أحداث 11 سبتمبر، وتصاعدت مع ضرب أفغانستان، وكانت من بعد تلك الضربة إلى منتصف شهر مارس (آذار) في حالة من الثبات، حتى جاءت مرحلة ضرب العراق، فتزايد الحنق على الغربيين وتصاعد التعاطف مع تلك العناصر بشكل ملحوظ. ومع تفجيرات الرياض الأولى لم ينخفض مؤشر التعاطف كثيرا».

ويضيف الداعية العامر «في حالة التفجير الأخير، فان الأمر أخذ أبعاداً أخرى، فجميع المستهدفين كانوا من العرب والمسلمين، وهنا لوحظ أن التعاطف مع هذه العناصر انخفض بدرجة كبيرة، والحماس بالنسبة لحاملي فكر «القاعدة» مع أفراد التنظيم خف بشكل بدا واضحاً لأي متابع»، مشيراً إلى أن «بوصلة الحديث لديهم، ورغم انخفاض التأييد توجهت للحديث فقط عن كيفية الوصول إلى الأسباب التي أدت إلى التفجير»، موضحاً أن «العملية الأخيرة شكلت ضربة قاصمة لتنظيم «القاعدة» وخطأ فادحاً يسحب المتعاطفين بعيداً عنها، لأن المتعاطف بدأ يعي أنه قد يكون الضحية في المرات القادمة (لا سمح الله) طالما أن عملياتهم لا تفرق بين أحد. فالفكر التصادمي لا يعترف بالخطوط الحمراء ولا يميز بين الأشياء والأهداف».

وعن حالتي التبرير من قبل المتعاطفين مع تنظيم «القاعدة»، وسقوط القناع عن مشروعه في استهداف الغربيين، يشير محمد خليص الغامدي، الباحث الاجتماعي، الى ان رغم انخفاض حالة التعاطف، فإن هناك «فئة ما زالت تصر على شرعية ما تقوم به «القاعدة» وتسعى إلى إيجاد المبررات للعمل بأن تقول ان المنفذين التبست عليهم المعلومات بوجود الغربيين، أو أن تذهب فئة أخرى إلى تأكيد وجود ضحايا غربيين، فهؤلاء لا يرون بأساً في أن يقتل مسلمون بين العناصر الغربية المستهدفة، استناداً إلى فتاوى يحملونها. إلا أنه بشكل عام وواضح انحسر التعاطف إلى فئة بسيطة. ولا شك أن القناع قد سقط من على وجه التنظيم، وأظهر قبحه الذي أخفي لسنوات».