بوش يطالب أوروبا بمقاطعة عرفات ويطالب إسرائيل بالكف عن إهانة الفلسطينيين

أنباء عن تأييد ولي العهد البريطاني للحقوق الفلسطينية واختراق أمني غير مسبوق للقصر الملكي

TT

في اليوم الاول لزيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الاميركي جورج بوش لبريطانيا، حث أمس أوروبا لتحذو حذو واشنطن وتل ابيب بمقاطعة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ملمحاً الى «خيانته». ودعا الزعيم الضيف مجدداً الغرب الى التخلي عن تجاهله للقمع وغياب الديمقراطية في الشرق الاوسط. وقال ان فشل التجربة الديمقراطية في العراق سيلقي بالبلاد في هوة الفوضى. وجاء ذلك في كلمة ألقاها بوش امس في قلب الحي الحكومي في العاصمة لندن الذي بدا امس أشبه بزنزانة ضخمة رسمت حدودها الحواجز الحديدية والحضور غير المسبوق لرجال الشرطة والامن. وكان الامير تشارلز ولي العهد استقبل بوش وعقيلته مساء اول من امس في مطار هيثرو نيابة عن الملكة مضيفة الرئيس الاميركي الرسمية حتى يوم غد.

ويشار الى ان رئيس الحكومة البريطانية توني بلير واجه في وقت لاحق من ظهر امس تصويتاً حاسماً بمجلس العموم على نظام «المشافي القاعدية» الذي يجهد لتطبيقه. ولا يستبعد ان يتعرض بلير الى الهزيمة أو الفوز بأصوات قليلة على غير العادة. ومن المقرر ان يعقد بلير وبوش جولة تستغرق ساعتين ونصف الساعة وتتناول الامن المتردي في العراق وعملية السلام في الشرق الاوسط اضافة الى الموقف من ايران وسورية ومعتقلي غوانتانامو البريطانيين وملفات بيئية وتجارية شائكة. ونقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن مصدر رسمي مطلع أغفلت ذكر اسمه ان وزارة الخارجية «منعت» الامير تشارلز من التوجه الى الولايات المتحدة بسبب موقفه المؤيد للحقوق الفلسطينية. واضاف المصدر ان الامير تشارلز «حسب المعايير الاميركية» يحمل «افكاراً خاطئة حيال اسرائيل». وزاد «انه (الامير) يعتقد ان السياسة الاميركية في الشرق الاوسط هي منتهى الجنون»، لافتاً الى ان ولي العهد البريطاني أعرب عن رأيه هذا بصراحة مراراً لوزراء ومسؤولين.

واعتذر متحدث باسم الامير تشارلز في اتصال مع «الشرق الأوسط» عن عدم «التعليق على الامر بسبب طبيعته السياسية». واضاف «ان اهتمام الامير بكثير من الاديان والمناطق حول العالم شيء معروف». وأحجم عن الاجابة على سؤال ما اذا كانت الاراضي الفلسطينية المحتلة بين «هذه المناطق». وقال ان آخر زيارة قام بها ولي العهد الى اسرائيل «كانت في 1995، حين مثل الملكة في جنازة رئيس الوزراء الاسبق اسحق رابين». واوضحت متحدثة باسم القصر الملكي في مكالمة مع «الشرق الأوسط» ان «الملكة وزوجها الامير فيليب لم يزورا اسرائيل، بيد انهما استضافا الرئيس الاسرائيلي (الاسبق) عيزر فايتسمان وعقيلته حين قاما بزيارة دولة الى بريطانيا بين 27 و28 فبراير 1997».

وكان القصر الملكي موضوع قصة صحافية اخرى نشرتها «ديلي ميرور» عن وقائع اختراق مراسلها ريان باري الامني غير المسبوق لمقر الملكة الرسمي. وبدت صور «الجناح البلجيكي» الذي سيقيم فيه بوش خلال أول زيارة دولة لزعيم اميركي منذ 1918، ومائدة فطور الملكة والامير فيليب فضلاً عن صور لغرف نوم الامير اداورد وزوجته صوفي، وجناح الامير اندرو. والاخطر من ذلك كله هو اثبات الحاجب الزائف الذي حصل على العمل بفضل رسالة تزكية كاذبة، انه كان بوسعه لو اراد زرع عبوات ناسفة لقتل افراد العائلة المالكة وضيوفها. وقالت المتحدثة باسم القصر لـ«الشرق الأوسط» ان «تحقيقاً شاملاً قد بدأ لاكتشاف اسباب منحه الوظيفة». من جهة أخرى، وقف أمس بين كل شرطي وآخر شرطي ثالث على أرصفة شارع وايت هول الذي تقوم على جانبيه مباني عدد من الوزارات ومقر رئيس الحكومة توني بلير في 10 داوننغ ستريت. وكان هذا الحضور المكثف لرجال أمن مدنيين وشرطة مسلحين على غير العادة في بريطانيا، استعداداً لمرور موكب الرئيس الاميركي باتجاه «ويستمنستر آبي» المواجه للبرلمان لوضع اكليل على قبر الجندي المجهول قبل توجهه الى «قاعة الولائم» الرسمية القريبة لالقاء كلمته أمام جمهور اختير بعناية.

وفيما بدأ المدعوون من وزراء سابقين وبرلمانيين ومحللين ورجال اعمال يتوافدون على القاعة الرسمية ظهر أمس، كانت أصوات المتظاهرين ترتفع بشعار «بوش ارهابي» من نهايتي شارع وايت هول حيث تقع «قاعة الولائم». وجلس عشرات من المتظاهرين الشبان في ساحة البرلمان المواجهة لمبنى مجلس العموم واللوردات بلافتاتهم التي شجب بعضها الدعم الاميركي لاسرائيل. وتوقعوا ان يرتفع عددهم في وقت لاحق، لا سيما ان طلاب المدارس يخططون لاعتصام في الساحة تعبيراً عن معارضتهم للحرب على العراق.

ودعا الرئيس بوش في كلمته اوروبا الى عدم التعاطي مع عرفات. وقال «ان على زعماء أوروبا سحب كافة أشكال الدعم لأي حاكم فلسطيني يخذل شعبه ويخون قضيته». واعتبر ان الفلسطينيين يستحقون «زعماء حقيقيين» قادرين على تحقيق هدف اقامة الدولة الفلسطينية التي اعرب عن تأييده لها شرط ان تترافق مع ضمان امن اسرائيل. وطالب اسرائيل بتفكيك «بؤر استيطانية» اقيمت من غير اذن رسمي، وبالكف عن «اهانة» الفلسطينيين بصورة يومية. وشدد في الوقت نفسه على ضرورة شجب ومكافحة نزعة «العداء للسامية» التي عرقلت في رأيه التقدم على طريق السلام في الشرق الاوسط. وأعلن بوش ان من واجب وكالة الطاقة الذرية الدولية ان تضمن التزام ايران بنص معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية. واوضح ان «أميركا تعتقد ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجب ان تلتزم بهدفها وتلزم ايران بأداء واجباتها» المنصوص عنها في المعاهدة. وقال «ان الامل بان الخطر (الارهابي) قد مر (امل) مريح وكاذب». واضاف ان الارهابيين لن يترددوا في «قتل الملايين لو حصلوا على الاسلحة التي يسعون لامتلاكها»، موضحاً ان «الخطر (الارهابي) يزداد مع انكار وجوده». ودافع الرئيس الاميركي عن قراره بشن الحرب على العراق، معتبراً ان لا بد من استعمال القوة أحياناً.