إصابة الرئيس المصري بهبوط مفاجئ أثناء إلقائه خطابا أمام البرلمان

التلفزيون المصري يقطع إرساله ووزير الصحة يتحدث عن اصابة مبارك بنزلة برد

TT

أثار الاعلان عن اصابة الرئيس المصري حسني مبارك، 75 عاما، بأزمة صحية امس القلق في الشارع المصري، خصوصا في ظل عدم وجود نائب له منذ توليه السلطة في عام 1981 .

وقطع التلفزيون المصري ارساله اثناء القاء مبارك خطابه الذي كان يتحدث امام الاجتماع المشترك لمجلس الشعب والشورى في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة بحضور اعضاء مجلسي الشعب والشورى والوزراء وكبار قيادات الدولة.

وكان مبارك قد اجل خطابه في افتتاح الدورة البرلمانية من يوم الاحد الماضي الى امس، وقال الشريف وقتئذ ان «السبب اصابته بنزله برد. ولكن عاودته أعراض المرض امس وهو يلقي خطابه امام اعضاء مجلسي الشعب والشورى». وبدا مبارك مرهقا، وظهرت عليه اعراض الاعياء، وتصبب عرقا غزيرا، حتى انه استخدم منديلا لتجفيفه 8 مرات، واثناء حديثه تعلثم وترنح، فسارع طاقم حراسته الخاص الذي كان بالقرب منه بمساعدته على الخروج من القاعة في مشهد صامت الى الاستراحة الملحقة بالقاعة الرئيسية للبرلمان، والتي لم يسمح بدخولها الا لرئيس ديوانه زكريا عزمي، ووزير الدفاع المشير حسين طنطاوي.

واغلق الحرس الخاص للرئيس ابواب قاعة البرلمان الرئيسية، وتم استدعاء الاطباء الذين كانوا برفقة الرئيس. وبعد حوالي 20 دقيقة عاد عزمي الى القاعة الرئيسية، بعد اجراء الاسعافات الاولية للرئيس، ثم سمح لرئيس الوزراء ووزير الاعلام ونقيب الاطباء بالذهاب الى الاستراحة للاطمئنان على الرئيس.

* نزلة برد ولاحظ شهود عيان ان جمال مبارك نجل الرئيس، الذي كان يجلس في الطابق الثالث من شرفة قاعة البرلمان، وبمجرد تعرض والده لهذه الازمة، تحرك فورا نحو الاستراحة للاطمئنان عليه.

وكان المشهد قد غطى تماماً على فحوى خطاب الرئيس، حيث ظل الحديث في الشارع المصري طوال أمس يدور حول هذا الحادث. وبعد مرور نحو45 دقيقة، بدأت علامات الانفراج على وجوه كبار المسؤولين، وعاد فتحي سرور رئيس البرلمان، ومصطفى كمال حلمي رئيس مجلس الشورى للجلوس على المنصه. وطمأن سرور النواب على سلامة الرئيس.

وبدوره اكد الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة ان الرئيس بخير وفي صحة جيدة. وانه يريد ان يطمئن «الشعب المصري والأمة العربية بأكملها على صحة سيادته. واضاف: «اصيب الرئيس مبارك يوم السبت الماضي بنزلة برد شديدة، ووصلت درجة حرارته الى 39.5 درجة مئوية، وصحبه التهاب في الزور ونزلة شعبية حادة، مما اضطر الاطباء الى اعطاء سيادته مضادات حيوية وأدوية برد قوية، وان حالة الرئيس بدأت تتحسن بتناول الادوية، حيث انخفضت درجة الحرارة وظهرت استجابة تامة للعلاج.

وقال ايضا: «ان ضغط الرئيس كان طبيعيا، الا ان تناول الادوية والنوم في السرير ادى الى انخفاضه قليلا، وتم اجراء جميع التحاليل اللازمة ورسم القلب، وجميعها مطمئنة وبخير». واشار الى انه طلب من الرئيس «تأجيل هذه الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشورى الى يوم 30 الشهر الجاري بعد العيد، الا ان سيادته اصر على عقد الجلسة في موعدها».

* قطع الارسال وكان التلفزيون المصري قد قطع ارساله لجلسة الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشورى ظهر أمس، بعد ان بدأ مبارك في القاء كلمته بحوالي 20 دقيقة، حيث توقف صوته تماما وتم نقله الى داخل المجلس بعيدا عن قاعة الاجتماع. وذكر التلفزيون ان هناك ازمة صحية بسيطة تعرض لها الرئيس، وان هناك مجموعة من الاطباء تقوم بفحصه باحدى القاعات الداخلية.

وخرج وزير الاعلام ليعلن أن سبب الحالة التي عليها الرئيس حاليا تعود اساسا الى اصابته بنزلة برد، وتناوله مضادات حيوية، واصراره على ان يلقي كلمته على مرحلة واحدة بدلا من مرحلتين وهو صائم. واضاف انه «حاليا في راحة قصيرة وسيعود لالقاء كلمته بعد قليل وعلى الجميع ان يطمئنوا تماما والحمد لله». وخلال هذه الفترة التي استمرت 45 دقيقة اكتفى التلفزيون الذي قطع ارساله ببث صورة للاجتماع من دون صوت، ثم عاد ليذيع نبذة عن الحياة البرلمانية في مصر عقب الحملة الفرنسية على مصر.

* شيخ الأزهر وقطع شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي لحظات الصمت الذي ساد القاعة الرئيسية للبرلمان، ووقف في شرفة الدور الاول الى جانبه البابا شنوده، وطلب من النواب التزام الهدوء والدعاء بالشفاء العاجل للرئيس حسني مبارك، ثم اخذ يلقي الدعاء بصوت عال: «اللهم انعم على الرئيس بالصحة والعافية دائما، اللهم احفظ الرئيس مبارك»، واخذ النواب يرددون خلفه الدعاء ويدعون للرئيس بالتوفيق والشفاء.

وبعدها عاد مبارك الى قاعة البرلمان ليستكمل خطابه وسط تصفيق بالغ من اعضاء المجلسين وقد وضح تماما مدى الارهاق الذي يعانيه. وخلال 5 دقائق تناول الرئيس في كلمته التي تم اختصارها، القضايا الخارجية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والمسألة العراقية، حيث اشار الى موقف الحكومة الاسرائيلية المتعنت طالبا منها بذل جهد قد يقود الى مائدة المفاوضات وقال: «رغم ذلك لن يتبدد الامل في التوصل الى السلام الذي لن يتحقق ابدا من خلال الامن فقط، ولكن من خلال اقتناع شعبي فلسطين واسرائيل بحتمية الجلوس على مائدة المفاوضات للتوصل الى السلام واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة».

وعن المسألة العراقية قال: «من نفس المنطلق فإن توقف تيار العنف المتصاعد، وعودة الاستقرار الى العراق مرتبط ارتباطا جذريا بانهاء الاحتلال وعودة الحكم في العراق الى ايدي ابنائه في اطار زمني قصير يتزامن مع جهود دولية مكثفة نحو اعادة الاعمار».

واختتم كلمته بقوله: «لقد حملتنا الجماهير مسؤولية بناء مستقبل هذا الوطن، فحملناها بشرف وامانة (تصفيق حاد من الوزراء الحاضرين) وخطونا بأمتنا نحو المستقبل بخطى حثيثه واقدام ثابتة، مسلحين في سعينا هذا لوحدة الصف وسلامة التعدد وقوة الارادة مستندين الى رؤية واضحة للاهداف، وادراك سليم لتحديات الموجز ومتطلباته».

واضاف: «سنظل بإذن الله قادرين على ان ننتصر لارادة هذا الوطن وعلى ان ننهض بمستقبله بما يحقق ذاته وطموحاته المتعددة والتطور والنمو، ونسأل الله ان يبارك مسيرتنا ويحقق امانينا ويرعى على طريق الخير خطانا انه نعم المولى ونعم المصير».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس مبارك سوف يخضع لراحة لمدة أسبوع بناء على تعليمات الفريق الطبي المعالج له، «تحسبا لتعرضه مجددا إلى مضاعفات اثر اصابته الأسبوع الماضي بنزلة شعبية حادة مصحوبة بارتفاع شديد في درجة الحرارة التي وصلت إلى 39.5 درجة وخمول في النشاط الطبيعي للجسم.

وأوضحت أن الرئيس «سيخفض من عدد الساعات المخصصة يوميا لاستقبال كبار المسؤولين العرب والأجانب الذين يتوافدون على القاهرة، كما سيعهد إلى بعض كبار مساعديه بالقيام ببعض الأعمال الشكلية نيابة عنه». وأعربت عن أملها في أن يخلد الرئيس للراحة التامة حتى يتماثل للشفاء ويتمكن من الظهور رسميا كالمعتاد أمام الشعب لدى صلاة عيد الفطر المبارك.

ويمتد يوم عمل الرئيس مبارك في بعض الأحيان إلى نحو16 ساعة متواصلة كما يقول المقربون منه، يمضيها في استقبال الزائرين الأجانب وتسيير شؤون الدولة وقراءة عشرات الملفات التي ترد إلى مكتبه، بالإضافة إلى إجراء اتصالات هاتفية مع عدد من زعماء العالم لدفع العلاقات الثنائية، أو التشاور حول مستقبل عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، والوضع الراهن في العراق واشارت الى «ان تعديل البرنامج اليومي التقليدي الذي اعتاد عليه الرئيس منذ توليه السلطة عام 1981 خلفا لسلفه الراحل أنور السادات، سوف يدوم حتى نهاية شهر رمضان وحلول عطلة عيد الفطر المبارك، وهو ما يزال قادرا على تصريف أمور الدولة، ومتابعة أدق تفاصيلها برغم الأزمة الصحية المفاجئة التي ألمت به أمس».

وطبقا لمعلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط» فقد رفض مبارك تنفيذ نصائح أطبائه بالامتناع عن الصوم إلى حين شفائه من النزلة الشعبية الحادة التي أجبرته على البقاء قيد الملاحظة الطبية الدقيقة. كما رفض نصائح بعض مستشاريه بتأجيل حضور جلستي البرلمان حتى نهاية الشهر الجاري.