تركيا تعتقل 18 شخصا عقب اعتداءات اسطنبول

ارتفاع عدد قتلى الهجومين الانتحاريين إلى 32 وبريطانيا تنفي اعتزامها إغلاق بعض سفاراتها في العالم

TT

اعتقلت سلطات الامن التركية 18 شخصا في اطار التحقيق في العمليات الانتحارية التي استهدفت الخميس الماضي مصالح بريطانية في اسطنبول موقعة 32 قتيلاً بينهم انتحاريان ومئات الجرحى لا يزال 54 منهم في المستشفيات. من ناحية اخرى، نفت الحكومة البريطانية اعتزامها اغلاق بعض سفاراتها في العالم بعد اعتداءات الخميس التي استهدفت قنصليتها ومصرفاً بريطانياً.

وافادت صحيفة «حرييت» التركية الواسعة الانتشار امس ان شرطة مكافحة الارهاب اعتقلت الاشخاص الـ18 في عمليات مداهمة «متتالية» في ثلاثة احياء واقعة في الشطر الآسيوي لاسطنبول للاشتباه في علاقتهم بالاعتداءات الاخيرة.

من جانبه، اكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان امس ان الانتحاريين الاربعة الذين نفذوا عمليات الخميس الماضي وتلك التي استهدفت الاسبوع الماضي معبدين يهوديين اتراك. واضاف اردوغان، الذي كان يتحدث في جنازة شرطيين قتلا في الاعتداءات ان «هؤلاء الاشخاص الذين لديهم صلات عالمية نفذوا هذه الهجمات. من العار ان يكون ممثلوهم من مواطنينا لكنني اعتقد ان الشرطة ستقبض عليهم». وتعهد اردوغان بأن تواصل حكومته الحرب على الارهاب، مؤكداً ان بلاده لن تخيفها الهجمات. وقال: «نحن ندين أي اعمال ارهابية تنفذها اية جماعة دينية او ايديولوجية واعتقد ان الارهاب لن يجد مكانا في بلدنا».

وافادت الصحف التركية انه يشتبه في ان الانتحاريين الاربعة هم اصوليون من مدينة بنغول الشرقية الفقيرة، وقالت انهم ازاد اكنجي وفيريدون اوغورلو ومسعود جابوك وغوخان هلال تونتاس.

وحمل قائد شرطة اسطنبول امس الصحافة مسؤولية اعتداءي الخميس الماضي بنشرها «بطريقة لا مسؤولة» انباء عن التحقيق بينما كانت السلطات على وشك اعتقال المدبرين. وقال جلال الدين جراح في تصريحات بثتها وكالة انباء الاناضول التركية ان «نشر معلومات بطريقة لا مسؤولة باسم حرية الصحافة مسؤول مع الاسف عن موت 27 شخصا». واكد جراح ان الصحف التركية كشفت اسماء المسؤولين عن الهجومين فور وقوع العمليتين الانتحاريتين على الكنيسين اليهوديين في 15 نوفمبر (تشرين الثاني). واضاف: «توصلنا بسرعة الى التعرف على المجرمين بعد الهجوم الاول ووصلنا الى شركائهم لكن الصحافة التي تصرفت بطريقة غير مسؤولة كشفت المدبرين وشركاءهم».

وكانت الصحف التركية نشرت غداة الاعتداءين على المعبدين اليهوديين اسماء وصور اثنين من الانتحاريين المفترضين وهما مسعود جابوك وغوهكان الالتونتاس وشريكيهما المفترضين ازاد اكينجي وفريد اوغورلو.

وبعد اعتداءي الخميس قررت محكمة، بناء على طلب السلطات، منع وسائل الاعلام من نشر معلومات جديدة عن سير التحقيق. لكن في الايام القليلة التالية سربت العديد من الصحف بعض التفاصيل وتحدثت بالخصوص عن اعتقالات جديدة. وانتقد رئيس الوزراء اردوغان هو الآخر تعامل الصحافة مع تداعيات التفجيرات، وقال امس انه رغم قرار الحظر الصادر عن المحكمة «فقد استمرت وسائل الاعلام في نشر صور مروعة وكشف الاسماء». وتساءل: «كيف يمكننا مكافحة الارهاب عندما يحدث ذلك؟ ادعو الصحافة اليوم الى التصرف بطريقة مسؤولة».

ونظم الاتراك امس «مظاهرات سلمية صامتة» تعبيراً عن حزنهم وغضبهم للاعتداءات التي اوقعت اكثر من 50 قتيلاً في اسوأ اسبوع دموي عرفته تركيا في تاريخها الحديث. وقد دعت الى هذه المظاهرات نقابات تركية ومنظمات اهلية بهدف الاعراب عن الاستياء من التفجيرات التي راح ضحيتها مسلمون ويهود ومسيحيون. لكن استعداد السكان لاستقبال عيد الفطر والخوف من وقوع هجمات جديدة اعطيا مشاعر مختلطة لدى الناس.

ووسط مشاعر من الحزن والغضب قام الاتراك امس بدفن قتلاهم الذين كان بينهم الممثل المسرحي المعروف كريم يلمازر، 58 عاما، الذي قتل في الاعتداء على مصرف «اتش. اس. بي. سي». وقد اقيم حفل تأبين ليلمازر في احد مسارح اسطنبول حضرها رئيس الوزراء اردوغان الذي اكد ان «القنابل لن تمنعنا من العيش بحرية، داعيا الاتراك الى حضور اكبر الى المسارح لمواجهة هذه الاعتداءات».

واصدر مجلس الامن القومي التركي، الذي يضم اعلى السلطات المدنية والعسكرية في البلاد، الليلة قبل الماضية بيانا اكد فيه تصميم تركيا على محاربة الارهاب الدولي. وقال المجلس في بيان ان الاعتداءات الاخيرة في اسطنبول «تثبت ضرورة اقامة تعاون اكبر على المستوى الاقليمي والدولي لمكافحة اكثر فاعلية للارهاب على الجبهة الدولية».

وقد تبنى الاعتداءات الاخيرة في اسطنبول تنظيم «القاعدة» وكذلك مجموعة اصولية تركية غير معروفة يعتقد ان لها صلات مع شبكة اسامة بن لادن. وفي لندن، نفت وزارة الخارجية البريطانية امس اعتزامها في الوقت الراهن اغلاق بعض سفاراتها في العالم بعد الاعتداء الذي تعرضت له قنصليتها في اسطنبول الخميس الماضي. وجاء تأكيد الوزارة ردا على مقال نشرته صحيفة «التايمز» البريطانية امس وجاء فيه ان الحكومة البريطانية تفكر في امكانية اغلاق بين عشر وخمسين بعثة دبلوماسية على ان تنقل خدماتها الى سفارة اخرى بالاضافة الى نقل السفارات الاكثر عرضة للاعتداءات من قلب العواصم.

واكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية دراسة الوضع الامني لبعض السفارات ولكن اي اغلاق لم يتقرر في هذه المرحلة. وقالت: «لا ننوي اغلاق أية سفارة. ان درس الوضع الامني يتم حاليا ولكن لا يتم هذا الامر كرد محدد على ما جرى في اسطنبول. ان المسائل الامنية في السفارات تدرس باستمرار. ولكن لا يوجد اي مشروع لاغلاق سفارات ردا على ما جرى في اسطنبول».

الى ذلك قال مسؤول امني طلب عدم الكشف عن هويته انه «اذا كانت القاعدة هي التي ارتكبت اعتداءات بالي وجربة والدار البيضاء او الرياض فذلك لانها لم تستطع حتى الآن ان ترتكب اعتداء من هذا القبيل في الغرب» بعد الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001.