السلطة الفلسطينية: تصريحات شارون بشأن تفكيك مستوطنات محاولة للالتفاف

عزام الأحمد لـ «الشرق الاوسط» لقاء أبو علاء وشارون قد يعقد مباشرة بعد عيد الفطر

TT

اعتبرت السلطة الفلسطينية تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون حول خطة لتفكيك بعض المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة والانسحاب من المدن الفلسطينية، من طرف واحد، تعبيرا عن حسن النيات ازاء حكومة احمد قريع (ابو علاء)، محاولة للاتفاف على ما تشهدة الساحة السياسية من تحركات وتغيرات.

وكانت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي قد قالت في تقرير بثته الليلة قبل الماضية ان شارون يخطط لإزالة بعض المستوطنات بحلول صيف 2004 لافساح الطريق لاقامة دولة فلسطينية. ولم ينف مسؤولون اسرائيليون كل ما جاء في التقرير بل اكدوا بعضا منه. وقال مصدر في مكتب شارون «هناك حديث كهذا ولكن حتى الآن يتعلق الامر فقط بمستوطنات في غزة. يمكن ان يحدث الكثير بحلول الصيف المقبل».

وقال شارون نفسه يوم الخميس الماضي في مؤتمر للاعمال بتل ابيب «لا نستبعد اتخاذ خطوات من جانب واحد تجاه الفلسطينيين».

وجاء هذا التقرير بعد قليل من قول مصادر سياسية اسرائيلية ان شارون يخطط لعدة تحركات ايجابية تجاه الفلسطينيين للتغلب على موجة من الاستياء داخل المجتمع الاسرائيلي ضد سياساته المتشددة، ولدعم رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد. وقال مصدر مقرب من شارون ان تلك الخطوات ربما تتضمن التخفيف لاسباب «انسانية» من الحصار العسكري الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية، وانسحاب القوات من مدينة او اكثر بالضفة الغربية، واستئناف تفكيك تجمعات استيطانية غير مرخص حكوميا باقامتها.

وقال عزام الاحمد وزيرالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لـ«الشرق الأوسط» «ان هذه التصريحات ليست اكثر من محاولة للاستهلاك المحلي والعالمي، ومحاولة من حكومة شارون الالتفاف على قرار مجلس الامن الدولي بالاجماع، واعتماد خطة «خريطة الطريق» كأساس لتسوية الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، وكذلك الالتفاف على الجهود السياسية التي تبذل للتوصل الى حل للأزمة مثل اتفاق سويسرا».

وتابع القول «يضاف الى ذلك بالطبع الضغوط التي يتعرض اليها شارون في الداخل بعد انتقادات رئيس اركان جيشه موشيه يعلون» للسياسة التي تتبعها الحكومة في الاراضي الفلسطينية ومطالبته اعطاء المجال لحكومة ابو علاء حتى لا تلقى مصير حكومة محمود عباس (ابو مازن).

وقال مسؤولون فلسطينيون آخرون انها ليست اكثر من «خطوة علاقات عامة». وقال غسان الخطيب وزير العمل الفلسطيني لوكالة رويترز «سنصدق ذلك عندما نراه بأعيننا».

من جانبه قال صائب عريقات وزير شؤون المفاوضات الفلسطيني «مثل هذه البيانات مجرد خطوات علاقات عامة، لأن التحركات الحقيقية تكون عن طريق تنفيذ «خريطة الطريق».

ويسبق تسريب هذه المعلومات اللقاء المرتقب بين ابو علاء وشارون، الذي قد يعقد حسب الوزيرالاحمد بعد عيد الفطر مباشرة. وتتواصل الاتصالات بين مكتبي رئيس الوزراء لتحديد موعد ووضع جدول عمل للاجتماع الذي يشدد الجانب الفلسطيني على ضرورة ان يكون مثمرا. وقال ابو علاء في حديث للتلفزيون النرويجي قبل ايام انه مستعد للقاء شارون، وانه يعتقد بأن بامكانه ان يضع مع شارون اتفاق سلام في غضون ستة اشهر.

وقال مصدر فلسطيني طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» «ان مدير مكتب ابوعلاء الدكتور حسن ابو لبدة ومجدي الخالدي وكيل وزارة الخارجية ينسقان مع العاملين في مكتب شارون لتحديد موعد للاجتماع والتوصل الى جدول اعمال له»، لكنه اكد انه لم يجر التوصل الى موعد بعد. واذا ما تم لقاء ابو علاء وشارون فانه سيكون اللقاء الاول الذي يجمع الزعيمين منذ تكليف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ابوعلاء بتشكيل حكومة خلفا لحكومة محمود عباس (أبو مازن)، التي استقالت في مطلع سبتمبر (ايلول) الماضي نتيجة تشدد حكومة شارون ورفضها تقديم تسهيلات على صعيد الحياة في الاراضي الفلسطينية أو وقف اعمال الهدم والتدمير وسياسة الاغتيالات، بل رفعت مستواها السياسي بمحاولة اغتيال عبد العزيز الرنتيسي احد كبار قادة «حماس» واغتيال اسماعيل ابو شنب اكثر قادة «حماس» براغماتية ومحاولة اغتيال مؤسس «حماس» الشيخ احمد ياسين واسماعيل ابو هنية ومحمود الزهار مــن كبــار قادتها.

ويأمل ابو علاء في ان يتوصل الى تفاهم فلسطيني داخلي برعاية مصرية، بشأن اتفاق لوقف اطلاق النار يعزز موقفه في الاجتماع مع شارون، ويستخدمه للضغط عليه من اجل الموافقة على ان تكون اسرائيل طرفا في هذا الاتفاق حتى لا تتكرر مشكلة الهدنة الاولى التي اعلنت في 29 يونيو (حزيران) الماضي، من جانب واحد وآلت الى ما آلت اليه من فشل، وبعد 50 يوما تواصلت فيها الاعتداءات الاسرائيلية من كل نوع، كما قال المصدر الفلسطيني لـ «الشرق الاوسط».

الى ذلك نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر مقربة من مكتب ابو علاء ان ممثلين عن الحكومتين يعملون على اعداد «ورقة التزامات متبادلة» يمكن ان تمهد للبدء في تطبيق خطة «خريطة الطريق».

واوضحت المصادر ان فريقا يضم حسن ابو لبدة ودوف فايسغلاس مدير مكتب شارون عقد اخيرا عدة لقاءات «سمحت بالتوصل الى تفاهم يقضي باعداد ورقة التزامات متبادلة يقوم خلالها كل طرف بعرض مطالبه من الطرف الاخر». واستنادا الى المصادر ذاتها تهدف «ورقة الالتزامات» هذه الى «تمهيد الطريق لتطبيق خطة «خريطة الطريق» وعقد لقاء بين قريع وشارون».

واوضحت المصادر ان الادارة الاميركية «تساهم من طرفها في دعم الحوار الفلسطيني ـ الاسرائيلي الحالي، وقدم مندوبون عنها ورقة اقتراحات بخصوص التزامات كل طرف».