الناطق باسم حركة قرنق: اتفاق السلام لن يكون شاملا لاستبعاد الأطراف الأخرى

ياسر عرمان لـ «الشرق الاوسط» : ليس مستبعدا أن يكون قرنق أول رئيس منتخب في السودان

TT

تبقت ايام معدودة لانطلاقة الجولة الحاسمة وربما الاخيرة من مفاوضات السلام السودانية، المقررة في الثلاثين من الشهر الجاري. وبنهايتها سيدخل السودان وربما المنطقة كلها في مرحلة جديدة، تتوقف فيها الحرب الأهلية الطاحنة التي استمرت لاكثر من 20 عاماً، وراح ضحيتها نحو مليوني شخص ومثلهم من النازحين واللاجئين.

وللتعرف على ملامح الجولة الاخيرة المقبلة، وما تبقى من قضايا الخلاف فيها وما تم انجازه منها، وعمق الخلافات بين الجانبين، تحدثنا الى ياسر عرمان الناطق باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان، رفض عرمان تحديد جدول زمني لابرام الاتفاق النهائي، لكنه اشار الى ان أياماً قليلة قد تكفي للتوصل الى سلام، اذا توفرت الارادة اللازمة لاتخاذ القرارات المصيرية. ولم يستبعد ان يكون قرنق اول رئيس للسودان في اول انتخابات قادمة، لكنه قال ان حركتهم يهمها في المقام الاول كيفية حكم السودان وليس من يحكم السودان. ورغم تأكيده على مبدأ ان يحكم ابناء الاقاليم ولاياتهم، الا انه قال ان بامكانه ان يشارك في حكومة الجنوب رغم انه شمالي. وفي ما يلي نص الحوار:

* توقع كثيرون ان يتم احراز تقدم كبير في الجولة الماضية، لكنها جاءت مخيبة للامال، ما السبب وما هي العقبات التي واجهتكم؟

ـ التوقعات باحراز تقدم جاءت بسبب التوصل الى اتفاق حول الترتيبات الامنية التي كان يعتبرها البعض من اصعب القضايا، وقد ظن الكثيرون انه بالتوصل الى اتفاق سيكون الطريق ممهدا لاتفاق نهائي. ورغم ان اتفاق الترتيبات كان انجازا هائلا ومهما في حد ذاته باعتباره اول تجربة دولية من نوعها يتم التوصل فيها الى اتفاق بوضع جيشين في بلد واحد، الا ان اهميته لا تتعدى ضمانة استقرار الفترة الانتقالية وحماية الاتفاق الذي سنصل اليه. اما القضايا المتبقية المتمثلة في السلطة والثروة التي نحن بصددها الآن فهي واحدة من اهم اسباب الازمة السودانية، وجوهر القضية التي بسببها اندلعت الحرب. وهي قضايا ليست سهلة كما يظن البعض، وان حلها يجب ان يكون شاملا وشافيا لمنع اي انتكاسة مستقبلية يمكن ان تؤدي الى تكرار الحرب، بالاضافة الى ذلك هناك قضية المناطق الثلاث المتنازع عليها (جبال النوبة، وجنوب النيل الازرق، وابيي) وهي قضية في غاية التعقيد، وتحتاج الى رؤية جديدة للحل، لتكون نموذجا للمناطق الملتهبة الاخرى في الغرب والشرق ولا توجد حتى الان رؤية واضحة لهذا الحل الذي نسعى اليه. وبالتالي يمكن القول ان التوقعات بانجازات ســــريعة لم تكن تراعي هـــذه الـــــظروف ولــــــــم تـــــــكن في محلها.

* التوقعات باتفاق من اين انطلقت تلك التوقعات باتفاق وشيك لدرجة ان وزير الخارجية الاميركية كولن باول حدده نهاية العام الجاري؟

ـ من الصعب جدا وضع جدول زمني لحل مثل هذه القضايا. ولكن ما قاله باول كان بغرض حث الاطراف لتعمل لانجاز ما عليها في اطار هذا الموعد المضروب، ولكن نحن نرى ان الاهم من ذلك القضايا نفسها، وضرورة الخروج بها الى حلول مرضية، فالحرب استمرت 20 عاما، ومن البديهي ان حل تعقيداتها قد يأخذ زمنا طويلا. والهدف الذي نسعى اليه حاليا هو ان نصل الى حلول ترضي الجميع، وهذا لا يعني بالضرورة ان نعمل من دون احساس بالزمن، او برغبات الشعب السوداني الذي يريد الوصول الى سلام عاجل وغير آجل.

* انت اكثر من يجيد تقدير الزمن في مثل هذه الحالة بحكم انك معايش للمفاوضات بتفاصيلها الدقيقة، هل تعتقد اننا مقبلون بنهاية هذا العام الى اتفاق سلام نهائي؟

ـ انت تذكر اننا قلنا في «الشرق الأوسط» ان هذه القضايا يمكن ان تحل خلال ايام او اسابيع او شهور، ونحن نعلم ان قضايا السلطة والثروة التي ناقشناها، لاكثر من عام يمكن ان تحل في ايام قليلة، اذا توفرت الارادة اللازمة لاتخاذ القرارات، خاصة من الجانب الحكومي، واشدد هنا على كلمة «الطرف الحكومي» لانها هي التي تملك السلطة والثروة، والمطلوب منا فقط هو تقديم مطالب معقولة. لكن اتخاذ قرار بها والاستجابة لها في يد الحكومة.. فليس الذي يعطي كالذي يأخذ حتى في الاشياء العادية.

* الخلافات حول المناطق

* ما هي اكثر القضايا تعقيدا حاليا في الجولة المقبلة؟

ـ بلا شك ان قضية المناطق الثلاث هي اعقد المشاكل، ونريد ان نصل فيها الى حلول، حول تحديد مستقبلها ومصيرها، ووضعها الدائم، كما نريد ان نحدد كيفية الحكم فيها، ونوعية القوانين التي تحكمها. ونحن في الحركة اقترحنا ان يتم تحديد مصير هذه المناطق عبر استفتاء شعبي لأبناء هذه المناطق يحددون فيه مصيرهم مثل ما تقرر بالنسبة للجنوبيين. واقترحنا ايضا ان تحكم هذه المناطق بنفسها، وان تضع قوانينها الخاصة بها مع مراعاة الدستور القومي. اما في ما يخص موضوع ابيي فنحن نرى ان الوضع الطبيعي لهذه المنطقة هو داخل حدود الجنوب.

* الا يتعارض طرحكم وضع قوانين خاصة للمناطق المهمشة مع بروتوكول ماشاكوس الذي نص على ان يحكم الشمال بالشريعة؟

ـ لا يتعارض.. واذا عدنا الى بنود البروتوكول سنجد نصوصا تجيز للولايات ان تختار شكل الحكم الذي تريد وان تصدر القوانين الخاصة بها.

* ذُكر ان الحكومة قدمت ورقة خلال الجولة الماضية حول موقفها من المناطق الثلاث ولم تتعرض لقضية ابيي، هل يعني ذلك اشارة لتخليها عنها؟

ـ الحكومة لم تقبل حتى بان تكون ابيي ضمن حدود الجنوب، وهذه حقيقة لمسناها خلال المفاوضات.

* الخلافات حول السلطة

*ا عدنا الى محور سؤالنا الاساسي، ما هي العقبات الاخرى في جولة المفاوضات؟

ـ في مجال السلطة هناك عدة عقبات من بينها موضوع الرئاسة، والوضع القانوني للعاصمة القومية، ونسب التمثيل في الاجهزة التنفيذية والتشريعية وغيرها. في موضوع الرئاسة اقترحنا رئاسة دورية بين الحكومة والحركة حددت بثلاث سنوات لكل فترة. وحول العاصمة طالبنا بعاصمة للجميع، تحترم فيها حقوق المواطنين وتحكمها قوانين شبيه بتلك التي تحكم بها القاهرة والرباط وعمان، وقد وافقت على طرحنا هذا كل القوى السياسية السودانية ما عدا المؤتمر الوطني الحاكم. فالقوانين التي نطالب بها للعاصمة سبق ان طبقت في الخمسينات والستينات والسبعينات، وكان الشعب السوداني محتفظاً باسلامه وشيوخه وفقهائه وأئمته، ولم يعترض عليها احد ولم تؤد الى زوال الاسلام من السودان. نحن نتحدث عن واجبات دستورية وليس عن شرب الخمر ولعب الميسر.

* حول موضوع الرئاسة هل تقبلون بمنصب نائب رئيس؟

ـ هذا اقتراح جاء في وثيقة ناكورو التي رفضتها الحكومة.. لكن موقفنا الثابت هو اننا نريد رئاسة دورية، ولم يتقدم احد باقناعنا بخطأ هذا الطرح، او عدم واقعيته، ونحن نرى ان الرئاسة الدورية مفيدة للسودان الذي يمر بظروف تاريخية واستثنائية، ونحن طرحنا ايضا ان تكون الرئاسة مؤسسة وليست فردا، فاذا كان هناك رئيس ونائب رئيس فانهما سيتخذان قرارات مشتركة في قضايا مهمة ومفصلية حددت بعينها.

* هل طرحت قضية استحداث منصب لرئيس وزراء؟

ـ هناك افكار كثيرة مطروحة، ويجري تداولها حاليا وهي محل تفاوض.

* خلال الجولة الماضية تم الحديث عن وجود صفقات، مثل عاصمة علمانية مقابل تخلي الحركة عن ابيي.. هل هذا صحيح؟

ـ لا مجال لصفقات هنا، فنحن امام قضايا في غاية الاهمية، وحلها يجب ان يكون حلا جذريا وليس مؤقتا، وهي قضايا تختلف في خصوصيتها من واحدة الى اخرى.

* حكومة الجنوب

* بالنسبة للجنوب هل توجد ترتيبات لقسمة السلطة فيه ام ستحكمه الحركة منفردة؟

ـ لن ننفرد بحكم الجنوب، وتؤكد ذلك نصوص وترتيبات وقعنا عليها في بروتوكول ماشاكوس العام الماضي. وقبلنا مشاركة القوى الجنوبية في حكم الجنوب من خلال نص في اتفاق الترتيبات الامنية الاخير يدعو الحركة لاستيعاب الميليشيات الجنوبية. ليس لدينا اي تردد في ذلك، ولدينا اتصالات في هذا المجال مع قوى جنوبية وهناك حوار جنوبي ـ جنوبي يسير بخطى حثيثة من اجل توحيد الجنوبيين واستيعابهم في حكومة اجماع وطني جنوبي.

* هل تم طرح مشاركة الشماليين في حكومة الجنوب، خاصة من المقيمين فيه؟

ـ لم يطرح هذا الامر، ولكن من حيث المبدأ فان هناك اتفاقا حتى قبل هذه المفاوضات يدعو لضرورة ان تحكم الاقاليم نفسها بنفسها، كما ان الاقليم الجنوبي ومنذ اتفاقية اديس ابابا للسلام 1972 ظل يحكم ذاتياً.

* لكنك شمالي، احد قادة الحركة الشعبية.. هل يعني ذلك انك لن تشارك في حكومة الجنوب؟

ـ ما نسعى اليه هو ان يحكم أهل كل اقليم منطقتهم، على ان تكون هناك حكومة مركزية للجميع، خاصة في المرحلة الاولى التي تحتاج فيها الاقاليم لحكم نفسها والغاء التهميش السياسي.

* اذن انت لن تشارك في الحكم في الجنوب؟

ـ بما ان الحركة الشعبية هي التي ستحكم الجنوب وبما انني عضو فيها، بالتالي ساشارك في الحكم. ولكن المهم هنا هو اعادة هيكلة السلطة في السودان، وان يتاح للاقاليم حكم نفسها.

* الانتخابات

* اقترحتم رئاسة دورية خلال الفترة الانتقالية بين البشير وقرنق 3 سنوات لكل منهما.. هل يعني ذلك استبعاد الانتخابات من موضوع الرئاسة؟

ـ الانتخابات ستكون متعددة رئاسية وبرلمانية وبلدية. واقتراحنا حول الرئاسة الدورية لا ينفي وجوب انتخابات رئاسية فيه، لان الفترة المقصودة بالدورية هي الفترة الاولى التي تسبق الانتخابات، بمعنى لو اتفقنا على قيام انتخابات بعد 3 أعوام من الفترة الانتقالية فان الرئاسة ستكون للفترة الاولى منها فقط وتكون بالتالي عاماً ونصف العام لكل طرف. وكذلك الحال بالنسبة للبرلمان فان الفترة الاولى التي تسبق الانتخابات سيتم فيها تعيين نواب من الحكومة والحركة والقوى الاخرى بالنسب التي يتم الاتفاق عليها، على ان يتم اختيار النواب في الفترة الثانية عبر الانتخاب الحر الديمقراطي.

* هل تم تحديد موعد لاجراء الانتخابات؟

ـ نحن اقترحنا قيام انتخابات في نهاية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية حتى تتاح الفرصة لعملية توطين النازحين واللاجئين الذين سيشاركون في هذه الانتخابات وهم بالملايين، كما سيتم خلال هذه الفترة انشاء اجهزة أمنية وطنية كما نصت الاتفاقية وتفكيك تلك التي تملكها الحكومة الآن، واذا جرت الانتخابات في ظلها ستكون مجحفة بالاخرين. اما الانتخابات البلدية فانها ستجري في اي وقت خلال الفترة الانتقالية.

* كيف سيكون الوضع اذا فاز في الانتخابات حزب غير موقع على الاتفاقية، هل تسمح له الاغلبية باجراء تعديلات على الاتفاقية؟

ـ لا يجوز تعديل الاتفاقية خلال الفترة الانتقالية وقبل الاستفتاء على حق تقرير مصير الجنوب.

* الدورية في الجنوب

* بالنسبة للجنوب هل ستكون الرئاسة دورية فيه ايضا في الفترة التي تسبق الانتخابات اسوة بحكومة الشمال؟

ـ لا.. الجنوب ستحكمه في تلك الفترة الحركة الشعبية مع وجود قوى اخرى، وبعد الانتخابات ستشارك القوى الاخرى حسب ثقلها الجماهيري.

* لماذا تفرضون «الدورية» في الشمال، وترفضونها في الجنوب؟

ـ هذا سؤال جيد وكان يجب الاجابة عليه منذ زمن بعيد لانه خلق تشويشا في اذهان العديدين، فالكل يذكر اننا كنا نتحدث بعد بروتوكول ماشاكوس عن وضع ثلاثة مستويات للحكم، هي حكومة الجنوب، وحكومة الشمال، وحكومة اتحادية، وهذا هو الوضع الطبيعي، فالحركة ستحكم الجنوب خلال الفترة التي تسبق الانتخابات والحكومة ستتولى حكم الشمال، اما المركز فيكون دوريا بيننا. لكن الحكومة رفضت هذا الطرح، وكان من المفترض ان تقوم حكومة للشمال لان حكومة المركز ليست هي حكومة الشمال، ولذلك نحن نقول انه طالما كانت هناك حكومة في الجنوب يجب ان تكون هناك حكومات في الشرق والغرب والوسط، وان تكون هناك حكومة اتحادية. فالنظام يريد ان يكون هناك تماه بين الحكومة المركزية والشمال.

* ولكن هذا الوضع يبخس حق الولايات الاخرى ويضر بحقوقها في التوزيع العادل للسلطة والثروة؟

ـ هذا حقيقي.. ونحن لا نمانع ان ما يطبق على الجنوب يطبق على المناطق الاخرى.. نحن نقول: يجب ان لا تحكم اقاليم السودان من المركز، ويجب ان تكون لكل منطقة حكومتها وخصائصها.

* هل يعني ذلك اننا سنشهد مفاوضات اخرى مع الاقاليم الاخرى لمعرفة طرق حكمها؟

ـ انت لا تحتاج مني الى اجابة فهناك الان مفاوضات في دارفور وفي ابشي (تشاد) ومن قبلها جيبوتي، واسمرة.. هذا هو الطريق الذي اختارته الحكومة لنفسها، ولم ترض حتى وقت قريب بضم مفاوضات المناطق الثلاث الى مفاوضات ايقاد.

* اذن يمكن القول ان الاتفاق القادم لن يكون شاملا؟

ـ يمكن ان يكون خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح، فانت تعلم ان للجنوب خصوصيته، فالحرب التي دارت نحو 20 عاما لها خصوصيتها، ولكن قطعا فان الاتفاق لا يعني حل كل مشاكل السودان، ويجب ان تشارك القوى السياسية وقوى المجتمع المدني، حتى نصل الى اتفاق يؤدي الى استقرار السودان.

* الشراكة والشمولية

* البعض يتحدث عن موضوع «الشراكة» المطروح في المفاوضات وكأنه بداية لحكم شمولي جديد؟

ـ موقفنا واضح من الشراكة.. فاذا أردنا حكماً شمولياً لما انتظرنا طيلة 20 عاما، ونحن لن نصوم طيلة هذه السنوات لكي نتقاسم شمولية، ولو اردنا ذلك لحققناه من قبل. فالانظمة الشمولية كانت سائدة منذ تأسيس الحركة في الثمانينات من القرن الماضي. ونحن لن نوقع اي اتفاق لا ينص على تحول ديمقراطي، وأي شراكة بالنسبة لنا تعني في المقام الاول احترام حقوق الانسان، وسيادة حكم القانون والتحول الديمقراطي. ومع ذلك نحن ننطلق نحو الاجماع الوطني، ومشاركة القوى السياسية الاخرى، ونحن كنا ومنذ اليوم الاول لماشاكوس نطرح دائما مشاركة الاخرين والاجماع الوطني، ليست لدينا ضبابية في هذا الموضوع، ولا نرغب في شمولية، ودماء الملايين الذين ماتوا ضحايا لهذه الحرب لا تثمن باقامة حكم شمولي جيد7

* هناك سؤال محير.. مع من تتفاوضون الآن؟ هل مع حزب المؤتمر الوطني.. ام نظام الانقاذ الوطني كله؟

ـ نحن نتفاوض مع الحكومة التي تحكم في السودان الآن، وهي حكومة معترف بها في المحافل الدولية، وهي حكومة الامر الواقع.. وقد ظللنا نفاوض كل حكومات الامر الواقع منذ جعفر نميري وحتى الان. اما اذا كانت الحكومة تتفاوض باسم المؤتمر الوطني او باسم نظام الانقاذ كله فهذا شأنها.

* ولكن ستكونون جزءاً من نظام الانقاذ الوطني.. اذا وقعتم اتفاقية شراكة معه؟

ـ نحن نعلم مع من نتفاوض ومع من نوقع وانت تعلم من فاوضنا.. ومن وقع معنا. بروتوكول ماشاكوس وقعه معنا غازي صلاح الدين وزير شؤون الرئاسة، وكذلك الاتفاقات الاخرى التي تلته، وحكومة السودان مكتوبة رسمياً في كل الاوراق والوثائق الرسمية في الايقاد.

* الغرض من سؤالي هو ان كثيرا من السودانيين يريدون ان يعرفوا مصير نظام «الانقاذ الوطني» بعد توقيع الاتفاق؟ هل سيتم تفكيكه بانتهاء دوره؟

ـ سمها ما شئت، تفكيكاً.. اعادة تركيب. لا تهمني هنا المصطلحات.. بل ان الاتفاقية التي سنوقعها، ستنفذ بالكامل، وهذه الاتفاقية ستستند إلى تحول ديمقراطي، هذا هو ما يهمني.

* طرحتم عملة جديدة، اعتبرها البعض «نية مبيتة» للانفصال؟

ـ العملة التي طرحناها لا علاقة لها بالمفاوضات الحالية فنحن نسيطر على مساحة تفوق كينيا واوغندا في الجنوب، وبها اعداد ضخمة من المواطنين وتواجهنا فيها صعوبات يومية وتحتاج الى وسيط لادارة المعاملات المالية والتجارية، فكان لا بد من اصدار عملة محلية بدلا من استخدام عملات أجنبية كينية أوغندية.

* هل يعني ذلك انها ستلغى بعد توقيع اتفاق السلام؟

ـ نحن موقفنا واضح في هذا الموضوع، فاذا اصرت الحكومة على ان يكون النظام المالي اسلامياً، سيؤدي ذلك الى طريقتين في ادارة الاقتصاد، واذا وافقت على المعايير العالمية لادارة الاقتصاد فلن تكون هناك مشكلة. وموضوع العملة لا علاقة له بوحدة السودان حتى في حال كنا بلدا واحدا بعملتين، فهناك دول مثل بريطانيا لديها الجنيه الاسترليني والاسكوتلندي.. وفي بلدان اخرى كذلك.

* هل تعتقد ان المفاوضات المقبلة ستكون الأخيرة؟

ـ لا أستطيع ان احدد ذلك، هذا يعتمد على الظروف التفاوضية، وقدرة الطرفين على اتخاذ قرارات شجاعة.

* تسعون لتجميع الجنوبيين حولكم، ولديكم حوار مفتوح مع مقاتلي دارفور.. ولديكم علاقات وطيدة مع كثير من احزاب الشمال.. في ظل انقسامات الاحزاب السودانية الكبرى.. هل تستطيعون حكم السودان منفردين في أول انتخابات قادمة؟ وهل سنرى قرنق رئيسا للسودان قريبا؟

ـ ليست المسألة من سيحكم السودان ولكن كيف سيحكم.. فاذا تم وضع اسس مرضية للجميع لحكم البلاد، فلا يهم ساعتها من يحكم البلاد. وحركتنا لم تقم لكي يحكم قرنق السودان وهو حق من حقوقه، وغير مستبعد في اول انتخابات قادمة، ولكن ما يهمنا في المقام الاول هو ايجاد تغيير حقيقي في السودان ورؤية جديدة لسودان جديد اساسها العدل والمساواة واحترام حقوق المواطنين. أما الحديث عن سعينا الى توحيد الجنوبيين، فهذه هي رؤيتنا حول السودان الجديد. وحفاظا على وحدة السودان، يجب ان يتوحد الجنوب، فنحن لن نحافظ على وحدة السودان الا بتوحيد الجنوبيين، وكما يقال فان فاقد الشيء لا يعطيه، ومن الجنوب سنتجه شمالا لتوحيد السودانيين جميعا.