وزير بريطاني يثير جدلا بدعوته المسلمين للاختيار بين الديمقراطية والإرهاب

TT

دعت «الرابطة الاسلامية في بريطانيا» أمس الى إقالة وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية دينيس ماكشين بسبب مطالبته المسلمين بالاختيار بين الديمقراطية والارهاب. واتهمت الرابطة الوزير بالتعاطي مع المسلمين كمواطنين من الدرجة الثانية وبالسعي لمصادرة حقهم في التعبير عن آرائهم بحرية. وجاء ذلك وسط إشارات حكومية لتهدئة موجة الاستياء بين المسلمين من خطاب مثير للجدل لماكشين. ورأت مصادر «المجلس الاسلامي البريطاني» ان مطالبته المسلمين بالكف عن تأييد اي قضية في العالم «تستغل العنف السياسي» تدل الى رضوخه للضغوط التي يمارسها اللوبي الاسرائيلي في بريطانيا.

وكان الوزير المكلف ملف أوروبا اثار تذمراً واسعاً بين المسلمين مساء اول من أمس اثر توزيع نص كلمة ضمت دعوته تلك. وجاء في الخطاب الذي أعده لإلقائه في جمهور من أعضاء دائرته الانتخابية روزرام بشمال انجلترا أن الوقت قد حان كي يقوم قادة المسلمين باختيار بالغ الأهمية. واضاف: لهم أن يختاورا بين الاسلوب «الديمقراطي وسيادة القانون» التي رأى انها تمثل «الطريقة البريطانية» حيث الناشط يعتمد «الحوار السياسي والاحتجاج غير العنيف» لتحقيق اهدافه، وبين الارهاب.

وعمد ماكشين الى تعديل خطابه بحيث صارت إشارته الى الاسلوب الديمقراطي تنص على «الطريقة البريطانية أو التركية او الاميركية»، على امل امتصاص نقمة المسلمين من الصيغة الاولى التي رأوا فيها تلميحاً الى وجوب تبنيهم نهجاً أجنبياً غربياً وكأن دينهم لا يحض على نبذ العنف. غير أن هذا «التراجع» لم يجد نفعاً. بيد ان منظمة إسلامية أخرى «المجلس الاسلامي البريطاني» لم تذهب الى حد الرابطة الإسلامية، وقالت مصادر المجلس إنها طلبت عقد اجتماع عاجل مع ماكشين للاطلاع على حقيقة موقفه.

قبل اتخاذ قرار نهائي حول المطالبة «او العمل لضمان عدم ترشحه في الانتخابات البرلمانية المقبلة». وجدير بالذكر أن الرابطة كانت في طليعة منظمي المظاهرة المناهضة للسياسات الاميركية الخميس الماضي في لندن. والمفارقة ان ماكشين ساق تلك المظاهرة التي ضمت حوالي 200 الف شخص، كمثال على الاحتجاج الديمقراطي السلمي الذي يطالب المسلمين بتبنيه. وفي سياق محاولة الحكومة لتطويق المشكلة، اكدت وزارة الخارجية أن خطاب ماكشين لا يعبر عن موقف رسمي. وقال متحدث باسم الخارجية في مكالمة أجرتها معه أمس «الشرق الأوسط» إن «ماكشين كان يتحدث في دائرته الانتخابية وخطابه لا يعبر عن موقف الحكومة أو الوزارة». واضاف أن «الموقف الرسمي واضح وهو الاثناء على شجب المسلمين البريطانيين لهجمات اسطنبول وإيضاحهم أن هذه الاعمال لا تمت الى الاسلام بصلة». وزاد أن «المسلمين دأبوا على إدانة الارهاب، والحكومة تقدر لهم ذلك وتحرص على مواصلة الحوار والتعاون معهم للوقوف في وجه الارهاب». ومن جهته، اشاد وزير الداخلية ديفيد بلانكيت أمس «بإدانة المسلمين البريطانيين المتواصلة للإرهاب، وليس فقط لما شهدته اسطنبول قبل يومين». واعربت مصادر اسلامية عن تقديرها لموقف بلانكيت. وقال عنايات بونغوالا، وهو المسؤول الاعلامي في «المجلس الاسلامي البريطاني» في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «الحقيقة التي ذكرها بلانكيت هي بالضبط ما نشعر ان ماكشين تجاهله». واضاف «لسنا بحاجة الى دروس في نبذ العنف من وزير شنت حكومته قبل أشهر حرباً غير مشروعة ضد العراق بذريعة حيازته اسلحة دمار شامل تبين انه لم يكن يملكها». وزاد «إن المسلمين البريطانيين أدانوا على الدوام اعمال العنف والارهاب بغض النظر عن مصدرها». ولفت الى إن الخطاب المعدل لا يزال يشتمل على «موقف يرى ان المسلمين ليسوا بريطانيين تماماً، بل هم مواطنون من الدرجة الثانية».

ولدى سؤاله عن سر «جهل» ماكشين لحقيقة موقف المسلمين من الارهاب مع أن هؤلاء يشكلون الغالبية في الدائرة الانتخابية التي يمثلها، لم يستبعد بونغوالا ان «خطأ» الوزير لا يعود الى جهل الحقيقة بل «تجاهلها انصياعاً لضغوط اللوبي الاسرائيلي». ولفت الى ما نسبت صحيفة «التايمز» امس للوزير قوله بان القصد من ملاحظاته الواردة في الخطاب كان مواجهة «الخطابات الطنانة المعادية لإسرائيل» بين المسلمين وعداء بعض ذوي الاصول الباكستانية منهم للهند.

وقال بونغوالا: إن المشكلة الحقيقية في الخطاب ليست مطالبته لنا باتخاذ الخيار، بل إصراره على ضرورة عدم تأييدنا لقضية اي شعب مسلم آخر يستخدم فيها العنف السياسي». واوضح ان المقصود من هذه المحاولة هو «كم اصوات معارضي اسرائيل، التي سنظل ننتقد سياساتها طالما استمرت الحكومتان البريطانية والاميركية بمعاملتها كحالة خاصة فوق القانون». وتابع «إذا توقفوا عن انحيازهم لها ستضطر الى اعطاء الفلسطينيين حقوقهم و لن يبقى مبرر لدينا لانتقادها».