بنادق قناصة تشيكية في صناديق مكتوب عليها أسلحة ألعاب رياضية مصدرة إلى اليمن

مخاوف من إعادة بيع أسلحة تشيكية وردت إلى اليمن لأطراف ثالثة

TT

براغ ـ أ.ب: بدت الصناديق المكتوب عليها «اسلحة ألعاب رياضية وصيد» عادية، لا خطر فيها. ولكن كانت تقبع داخلها بنادق قناصة تشيكية الصنع مخفية في رغوة بلاستيكية. وكانت تلك الاسلحة مرسلة إلى اليمن، أحد المواقع التي تنشط فيها «القاعدة». وكان تاجر السلاح التشيكي الذي لم يكشف اسمه، قد باع هذه الأسلحة، إضافة إلى 176 دبابة من الفترة السوفيتية، و60 قذيفة دبابات، و12 طائرة مقاتلة من طراز ل ـ 39، إلى الحكومة اليمنية خلال الأربع سنوات الماضية كما يدل تقرير جديد لهيئة رقابة الاسلحة الدولية.

وتقول منظمات حقوق الإنسان ان المبيعات التشيكية، وهي جزء من تجارة السلاح التي يصل مردودها الى 90 مليون دولار أميركي سنويا، تثير اسئلة مقلقة حول المستفيد الأخير من هذه الاسلحة لأن اليمن له تاريخ في إعادة بيع الاسلحة لجماعات في هذه البلدان المضطربة في كل أنحاء الشرق الأوسط وافريقيا. قال فراتيسلاف فاجنار، المدير التنفيذي لرابطة الصناعات الدفاعية، وهي مجموعة تمثل صناع السلاح التشيك:

«لا يمكن القطع بأن البلد المعين لن يعيد بيع الأسلحة باعتبارها فائضا خاصا به. إنها مسألة خطيرة».

وفي تفجير المدمرة الأميركية كول، على شواطئ اليمن، عام 2000، والذي اتهمت بتدبيره «القاعدة»، أتضح أن هناك آثاراً للمادة المتفجرة البلاستيكية سي ـ 4، والتي استخدمها الجيش الأميركي في حرب فيتنام. ولكن مادة سيمتكس التشيكية استخدمت في هجمات إرهابية أخرى. وفي 5 نوفمبر (تشرين الثاني) اعتقل حرس الحدود التشيك ثلاثة رجال وهم يحاولون تهريب متفجرات سمتكس إلى داخل النمسا. وكان أحد المتهمين يربط على جسمه 2.5 كيلوغرام من هذه المتفجرات القوية التي تكفي لتدمير 12 طائرة. وقد سلطت الأضواء على تجارة الأسلحة التشيكية هذه في تقرير لمنظمة العفو الدولية التي رجعت إلى سجلات الجمارك وغيرها من الوثائق.

وقد عبرت منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات، عن قلقها من البيع القانوني للاسلحة لدول مثل اليمن تتميز الأوضاع فيها بعدم الاستقرار وتنشط فيها منظمات إرهابية أو هي معروفة بأنها تعيد بيع الأسلحة التي تقتنيها. ومن ضمن هذه الدول فإن اليمن، الموطن الأصلي لأسامة بن لادن، تعد مصدرا خاصا للقلق. قال كاريل دولجسي، مراقب صفقات الأسلحة المشبوهة نيابة عن آمنستي في جمهورية التشيك: «بعض الأسلحة التي بيعت إلى اليمن وجدت طريقها إلى الصومال والسودان. قادتنا ما تزال لديهم العقلية الشيوعية. فهم لا يعتقدون أن مثل هذه المعلومات يمكن نشرها على الملأ».

واعترفت السلطات التشيكية بأن الشركات الصناعية والمصدرين في البلاد باعوا طائرات ودبابات واسلحة وذخائر وغيرها من المعدات العسكرية لليمن والجزائر وانغولا وكولومبيا وسري لانكا وغيرها من المناطق الساخنة.

وفي تقريرها طالبت منظمة العفو الدولية، من جمهورية التشيك ـ وهي واحدة من الدول القليلة المصدرة للاسلحة التي تعتبر مبيعات الاسلحة سرا من اسرار الدولة ـ ان تكشف عن تفاصيل هذه المبيعات.

ومن المقرر ان تنتهي هذه السرية في فصل الربيع القادم، عندما تنضم جمهورية التشيك ـ وهي عضو في حلف الاطلسي وحليف للولايات المتحدة ولديها 275 جنديا في العراق ـ الى الاتحاد الاوروبي. وتتطلب قواعد السلوك من الدول الاعضاء الكشف عن المعلومات المتعلقة بمبيعات الاسلحة.

ومن المعروف ان الدول حرة في بيع اسلحة لدول مثل اليمن التي لا تخضع لقرارات حظر من الامم المتحدة، غير ان المسؤولين يفحصون كل عملية قبل اقرارها، كما ذكر ايفو مرافينتش المتحدث باسم وزارة التجارة والصناعة، التي تشرف على العملية.

وقال مرافينتش «فيما يتعلق بالارهاب فإن القرار بالطبع سلبي». واضاف «ولكن اذا لم تظهر ادلة على شيء مثل ذلك، فإن على وزارة الخارجية التفكير ما اذا كان من المناسب الشك في الضمانات التي قدمتها الحكومة الاجنبية». وقال مرافينتش في العام الماضي رفضت السلطات التشيكية 21 طلبا لشراء الاسلحة لعدة دول، من بينها ايران. بينما اقرت الحكومة 1090 طلبا، الا انه رفض ذكر اسماء تلك الدول.

وفي خلال مرحلة الشيوعية التي انتهت عام 1989، كانت تشيكوسلوفكيا من بين الدول الاساسية المصدرة للاسلحة. وقد باعت مئات من الدبابات وآلاف من البنادق وكميات ضخمة من مادة السيمتكس الى ايران والعراق وليبيا وسورية وكمبوديا وغيرها من مناطق النزاع، وهي ممارسة تؤكد الحكومة انها توقفت منذ فترة طويلة.

يشار الى ان مواطنين تشيكيين ينتظران المحاكمة بعد اعتقالهما العام الماضي بشبهة بيع اسلحة ومعدات عسكرية اخرى الى «اشخاص في دول عربية». ورفض المحققون من جانبهم الافصاح عن اسماء الدول المذكورة، لكنهم اشاروا الى ان الاسلحة المذكورة تضم قنابل مضادة للدبابات وبنادق كلاشنيكوف وانظمة مضادات ارضية متحركة. وكانت شركة مدينة برنو التشيكية قد القت الشهر الماضي القبض على مواطنين سلوفاكيين داخل بهو فندق بمدينة برنو التشيكية بتهمة بيع قضبان يورانيوم لقاء مبلغ 715 ألف دولار لرجلي أمن بملابس مدنية. وفي وقت لاحق قالت السلطات التشيكية ان المواد التي عثر عليها لا يمكن استخدامها في انتاج الاسلحة، وهو ما يعتقد مراقبون انه يتناقض مع الشكوك التي ظهرت في البداية ازاء احتمال استخدام هذه المواد في انتاج قنبلة اشعاعية. وأوضح مسؤول بمكتب السلامة النووية التشيكي ان اثنين من القضبان المعدنية التي ضبطت يحتويان على يوارنيوم ناضب، فيما تحتوي ثلاثة قضبان اخرى على يورانيوم طبيعي. وكانت السلطات التشيكية قد عثرت خلال حملة شنتها في الآونة الاخيرة على اجهزة كاتمة للصوت مصنوعة محليا وأدوات مخصصة لتفجير مادة «سيمتيكس» عن طريق استخدام هاتف نقال، وهو جهاز يمكن استخدامه بواسطة عناصر الاغتيال او الارهابيين. وقال ديفيد جانغ، المتحدث باسم الشركة التي تنتج مادة «سيمتيكس» لجيوش الدول ولشركات التشييد والتعدين، انه لا يعرف من أين أتى هؤلاء الاشخاص بمادة «سيمتيكس». وكان جانغ يتحدث من المقر الرئيسي للشركة المحاط بالاسلاك الشائكة والعديد من افراد الحراسة. وقالت الحكومة، التي تسلمت شركة «اكسبلوزيا» عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 كتحوط أمني، انها لا تعرف مصير الاسلحة بعد شرائها. وقال مرافيناتش ان المسؤولية لا تقع على بلده وإنما على الدول المستوردة التي تمنح الضمانات اللازمة.