مصدر في الحرس الثوري الإيراني: اللبناني عماد مغنية وراء التفجيرات الأخيرة في اسطنبول

قال لـ «الشرق الاوسط» : إن وزير الاستخبارات الإيراني أمر باعتقاله لكنه فر إلى العراق ومنه إلى تركيا

TT

كشف مصدر قريب من «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري عن دور اللبناني عماد مغنية في الانفجارات الأخيرة بتركيا، مؤكدا أن مغنية الذي يشتهر في منطقة الأناضول بلقبه «عيمات آغا»، دخل تركيا بعد قضائه ثلاثة أسابيع في العراق، حيث نظم عدة حملات ضد القوات الأميركية والإيطالية في جنوب ووسط العراق.

وقال المصدر الذي قدم نفسه باسم حسين علاقبند، إن مغنية «بدأ يلعب بأوراق ساخنة»، مما أدى إلى صدور أوامر من قبل وزير الاستخبارات حجة الإسلام علي يونسي بمتابعته أينما يوجد.

وقالت مصادر إيرانية مطلعة إن مغنية الذي أعلنت الولايات المتحدة في العام الماضي عن مكافأة قدرها 20 مليون دولار لمن يسلمه حيا أو ميتا، توجه من إيران إلى العراق برفقة خلية تابعة لـ«حزب الله» تتكون من ثمانية عناصر غالبيتهم من المطلوبين في القائمة التي كشفت عنها الولايات المتحدة وبريطانيا.

إلى ذلك أوضح المصدر في «فيلق القدس» أن «الثعلب» (وهذا هو لقب مغنية في إيران) تمكن مرة أخرى من عبور الحواجز الأمنية والعسكرية التي أقامتها وزارة الاستخبارات والجيش الإيراني، للحيلولة دون هروبه إلى العراق».

وأضاف المصدر «إن العماد مغنية يحظى بدعم وحماية مسؤولين في «فيلق القدس» والحرس الثوري». وقال «إن هؤلاء يوفرون له الغطاء اللازم لضمان أمنه وسلامة دخوله في إلى إيران وخروجه منها عند الضرورة».

وفي ما يتعلق بعلاقة عماد مغنية مع «حزب الله» التركي فإن هذه العلاقات تعود جذورها إلى الثلث الأخير من عقد الثمانينات في القرن الماضي، وفي تلك الفترة، تمكنت الاستخبارات التركية «ميت» من اختراق صفوف «حزب الله» التركي ودس عملائها ضمن الصف القيادي للحركة. وحينما علمت استخبارات الحرس الثوري الإيراني بأن «حزب الله» التركي بات جزءا من أجهزة الأمن التركي المكلفة بمطاردة المسلحين الأكراد، أوفدت مغنية وعنصرا آخر، شارك بعد بضع سنين في عملية اغتيال الدكتور صادق شرفكندي زعيم الحزب الديمقراطي الكردي الإيراني بمطعم ميكونوس ببرلين، إلى تركيا حيث قاما بتصفية بعض قيادات «حزب الله» التركي المتعاونة مع جهاز «ميت»، وأقاما قواعد سرية في عدد من المدن التركية مثل مدن فان وأسكي شهير وأرضروم وأرسنجان وولاية اسكندرون التي يسكنها عرب تركيا والأقلية العلوية. ولم تثر عودة مغنية إلى تركيا بعد تنظيمه عدة عمليات ضد قوات التحالف في العراق اهتمام أجهزة الأمن التركي التي بات اهتمامها مركزا على أنشطة المتطوعين الأكراد ممن سبق أن شاركوا في الجهاد الأفغاني ضد السوفيات وحرب البوسنة ضد الصرب فضلا عن حرب كوسوفو حيث شارك ما يزيد على 300 من المواطنين الأكراد السنة في القتال ضد القوات الصربية.

وحسب حسين علاقبند فإن الانفجارات الأخيرة بتركيا سواء تلك التي استهدفت المعابد اليهودية أو تفجير القنصلية البريطانية وبنك «إتش. إس. بي. سي» في اسطنبول، كانت تحمل بصمات عماد مغنية، وتذكر المتابعين لملف مغنية بتفجير مقر المارينز والسفارة الأميركية ببيروت فضلا عن السفارة العراقية في العاصمة اللبنانية ومعسكر القوات الفرنسية ببعلبك.

وذكرت مصادر أخرى ان سلطات الأمن التركية شددت إجراءاتها لمراقبة الحدود التركية ـ الإيرانية والتركية ـ البلغارية، فيما نشر الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي ووحدات من قوات التحالف الآلاف من رجال البيشمركة والجنود على الشريط الحدودي الفاصل بين تركيا والعراق. ووسط تكهنات بخروج مغنية من تركيا وتوغله في أراضي أرمينيا، أكد حسين علاقنبد أنه لا يزال في تركيا. وكانت تقارير تركية قد تكهنت أول من أمس ان قيادي تنظيم «القاعدة» ابو مصعب الزرقاوي هو الذي اصدر الامر بتنفيذ اعتداءات 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري ضد مصالح بريطانية في اسطنبول، مضيفة ان 18 مشتبها فيهم احيلوا الى محكمة امن الدولة بتهم تتعلق بالتفجيرات الاخيرة في كبرى المدن التركية.

وذكرت الصحافة التركية انه تم التعرف على هويات الانتحاريين الاربعة منفذي اعتداءات اسطنبول التي اسفرت عن 55 قتيلا و750 جريحا في 15 و20 من الشهر الجاري نتيجة تحاليل للحمض الريبي النووي (دي. ان. ايه). وقالت صحيفة «حرييت» ان ابو مصعب الزرقاوي كان يتزعم على ما يبدو في جنوب شرق تركيا «مجموعة «حزب الله» التركية (المختلفة عن «حزب الله» الشيعي اللبناني) ومنظمة «بيعة الامام» التي انشئت في الآونة الاخيرة تحت اشراف القاعدة، إلا أن التقارير عن الزرقاوي لم تؤكدها مصادر رسمية تركية.

من جهة اخرى، اكدت صحيفة «اقسام» التركية امس ان الشرطة تعرفت على هوية الانتحاري الذي قتل في اعتداء 20 نوفمبر امام مصرف «اتش. اس. بي. سي» البريطاني في اسطنبول. وقد تم التعرف على الانتحاري من خلال مقارنة حمضه النووي مع الحمض النووي لشقيقه، ولكن اسمه بقي طي الكتمان، حسبما ذكرت «اقسام». اما الانتحاريون الثلاثة الآخرون الذين قتلوا ايضا لدى تشغيل السيارات المفخخة، فسبق التعرف عليهم.

واجرت اجهزة الاستخبارات التركية مقارنات عدة بين الانتحاريين الاربعة، كمرورهم في الشيشان والبوسنة وانتمائهم الى منظمتي «الجبهة الاسلامية لفرسان المشرق الاكبر» التي اعلنت مسؤوليتها عن الاعتداءات، و«حزب الله» التركي، حسبما افادت التقارير الاعلامية التركية.

واكد وزير العدل جميل تشيتشك في تصريح لصحيفة «ميلييت» ان منفذي الاعتداءات، على غرار المتواطئين معهم، تم التعرف عليهم، موضحا انهم تدربوا في منظمة «شبيهة بحزب الله». وقال تشيتشك ان «صلاتهم بالخارج انكشفت، فقد كانوا يتنقلون بين تركيا والقاعدة، وبينهم اشخاص من اصل شيشاني». وذكرت صحيفة «اقسام» ان الشرطة قامت اول من امس بعملية دهم في ما يمكن ان يكون «مختبرا» للمتفجرات للمنظمة المسؤولة عن الاعتداءات حيث تم العثور على 30 كيلوغراما من «المتفجرات القوية».

وقد اعتقل عدد غير محدد من الاشخاص منهم رجل اعمال في الستين من عمره قريب من المزود المفترض للسيارتين المفخختين وفي حوزته كمية كبيرة من المال. واعتقلت الاجهزة الامنية ايضا مهندسا معلوماتيا وضع على ما يبدو نظام الاتصالات بين اعضاء المنظمة في تركيا والخارج. وذكر خبراء للصحيفة ان هذا النظام المتطور اتاح «للارهابيين الاتصال خلال اشهر من دون ان يكونوا قلقين».

ومن جانبه اكد مساعد مدير الامن في اسطنبول خليل يلماظ ان محكمة امن الدولة استمعت الى شهادات 51 شخصا في اطار التحقيق في الاعتداءات الاخيرة، مضيفاً انه تم توجيه التهمة رسميا الى 18 منهم واودعوا السجن.

على صعيد آخر، اعلنت السلطات الصحية التركية اول من امس ارتفاع حصيلة القتلى في الهجومين الاخيرين في اسطنبول الى ثلاثين شخصا بوفاة امرأة متأثرة بجروح اصيبت بها في الاعتداءين. وكان مقرراً ان يجري امس نقل جثتي القنصل البريطاني العام روجر شورت ومساعدته ليزا هالوورث اللذين قتلا في الهجوم على القنصلية، الى بريطانيا.