مفيد الجزائري: بناء دولة قانون لن يتحقق إلا إذا حاربنا منطق العنف

أكد لـ «الشرق الأوسط»: نحن أيضا نعارض الاحتلال، ومن حقنا وواجبنا أن نسعى إلى إنهائه

TT

امتدادا للحملة الواسعة التي تنظمها الفعاليات السياسية والمهنية والدينية العراقية في النصف الاول من شهر كانون الاول المقبل، تنطلق حملة المثقفين العراقيين من ادباء وفنانين وشعراء وكتاب في برنامج «ثقافة ضد العنف»، باعتبار الثقافة هي الميدان الخصب لممارسة الديمقراطية، وفي هذا الاطار تدعم وزارة الثقافة العراقية هذا البرنامج، وهذه الحملة.

وفي حديث لـ «الشرق الاوسط» قال مفيد الجزائري وزير الثقافة العراقي ان حملة من هذا النوع ضرورية جدا في هذا الوقت بالذات، الذي تحاول فيه جهات عديدة تحويل العنف والتقتيل والتفجيرات وسفك الدماء الى ظاهرة يومية، او كجزء من الحياة اليومية، وهذا كله يسيء الى كل الجهود المبذولة للخروج ببلدنا من هذه الاحوال السائدة حاليا، والمرهقة، التي تشل الحياة الى حد كبير، والتي تكبح التقدم الى الامام.

وقال الجزائري «ان فكرة برنامج «ثقافة ضد العنف» مطلوبة، لاعتبارات كثيرة، ارتباطا بهذا الوضع الراهن، وايضا من حيث المبدأ، لان توجهنا المقبل كله يجب ان يكون مبنيا على اساس رفض العنف كسلوك وكطريقة تعامل، وكلغة تلجأ اليها قوى معينة وتحاول احيانا ان تجعل منها اللغة الوحيدة للتعامل بين الناس، اومع من لا تتفق معهم في الرأي وفي التصورات»..

واكد الجزائري ان «التوجه العام الان هو نحو بناء عراق ديمقراطي، ومجتمع مدني ودولة قانون، ونريد ان نرتقي ببلدنا نحو الافضل، ولا يمكن لكل هذا ان يتحقق، الا اذا حاربنا ـ في الوقت نفسه ـ منطق العنف والميول والممارسات العنفية، ينبغي ان نقول بوضوح ان فلسفة العنف والفوضى هي ضد طموح الشعب، ويجب الوقوف ضدها وعدم السماح لها بالنمو.. وهنا يجب التاكيد على ان قوى النظام القديم تستميت في الدفاع عن مصالحها من خلال اطلاق العنف ومنطق العنف وثقافة العنف، ونحن بالضد من ذلك ينبغي ان ندعم كل توجه ونشاط يهدف الى قطع الطريق على العنف والممارسات العنفية، وثقافة العنف اطلاقا، لذلك نرى ان من واجبنا الوقوف بكل جد، وبكل طاقاتنا مع كل حملة اونشاط يرفض ويدين العنف، ويعمل على كبح جماحة وقطع الطريق عليه.

وقال وزير الثقافة العراقي «ان مواجهة الاحتلال حق لا يرقى اليه شك، نحن ايضا نعارض الاحتلال، ولكننا لا نرفض العنف لاننا نريد الاحتلال، ونعتقد ان من حقنا وواجبنا ان نسعى الى انهاء الاحتلال، ان الكفاح ضد الاحتلال ومن اجل انهائه لا يعني بالضرورة اللجوء الى الاساليب العنفية، فهي ليست الوحيدة في مواجهة الاحتلال، وربما تكون السلاح الاخير بعد ان تستنفد الاساليب والامكانات الاخرى، وفي الحقيقة ان الاساليب الاخرى لم تفشل حتى الان، والجهود المستمرة المبذولة من قبل القوى السياسية العراقية التي خاضت معركة طويلة الامد ضد النظام الدكتاتوري، والتي يكون معظمها اليوم مجلس الحكم وبعضها لا يزال مع الاسف، لهذا السبب او ذاك خارجه، هذه القوى لا تجد ان العنف هو السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال، وللخلاص منه، بل تلجأ الى اساليب اخرى، سياسية ودبلوماسية، ونرى ان هذه الوسائل تحقق تقدما على طريق تخليص البلاد من الاحتلال واستعادة السيادة والاستقلال التامين. وما اعلن اخيرا من اتفاق بين مجلس الحكم والادارة المدنية للتحالف، او للاحتلال، هذا الاتفاق يعكس الحقيقة التي نتحدث عنها، والتي اشير اليها بان من الممكن فعلا وضع جدول زمني لانتقال السلطة، وقد وضع هذا الجدول الزمني لتسليم السلطة الى حكومة انتقالية عراقية في حزيران القادم، يبدأ بعدها اعداد الدستور والتهيئة لانتخابات وايجاد مجلس نيابي وتشكيل حكومة منتخبة، ان الامور تجري عمليا في الاتجاه الذي نسعى اليه».

واستبعد الوزير العراقي ان ينتهى الاحتلال بالعمليات العنفية قائلا: «نحن نواجه القوى العسكرية الاكبر في العالم، وبالتأكيد فهي لن تسمح بأن تهزم او تجبر على الرحيل لمجرد ان هناك عمليات مسلحة هنا وهناك، اضافة الى ان هذه العمليات المسلحة اخذت في الاونة الاخيرة تؤذي العراقيين اكثر فاكثر، سواء كانوا من رجال الشرطة اومن المدنيين وغيرهم من ابناء الشعب، الان عندما نلاحظ اعداد الضحايا جراء هذه العمليات نكتشف ان اعداد ابناء شعبنا العراقي اصبحت تزداد بينما تقل اعداد الاميركيين».

وتحدث الوزير العراقي عن اعادة ترتيب البيت الثقافي العراقي قائلا «نحن الان منصرفون الى جملة امور، نسعى لانجازها في وقت واحد، من ناحية الاعمار واعادة بناء المنشآت والمباني التابعة للوزارة التي هدمت وخربت وتعرضت للاضرار، بدأت عمليات اعادة بنائها في مواقع مختلفة، في مبنى الوزارة الرئيسي، وفي هيئة السياحة، ومشاريع عديدة اخرى في طور الاعداد والمباشرة بالتنفيذ، اوفي طور التحضير لبحثها وانجازها، ومن جانب اخر، لجنة اعادة المفصولين والمتضررين لاسباب سياسية بدأت تقترب من انجاز مهمتها، حيث هناك العشرات من الطلبات، وقد اكدت اللجان المختصة حقوق من سلبت حقوقهم، وتقررت اعادة هذه الحقوق واعادة اصحابها الى العمل في الوزارة، وفي نفس الوقت نوشك ان ننتهي من التبديلات والتغييرات في المناصب اوالمواقع الادارية العليا في الوزارة، وفي الحقيقة نحن تأخرنا بعض الوقت بسبب كثرة المديريات والمنشآت التابعة لوزارة الثقافة، ونستطيع القول ان التغييرات الاساسية انتهت، وقدمنا طلبا الى مجلس الحكم لتعيين وكلاء للوزارة، وسنقدم طلبا للموافقة على تعيين مستشارين، وهذا كله يسهم في تكوين حالة جديدة متجانسة ومتكاملة تنهض بالمهمة المطلوبة منها على الصعيد الثقافي، وفي الوقت نفسه نشكل لجنة لدراسة وفحص وتمحيص العديد من المساهمات التي وصلت الى الوزارة من مثقفين وهيئات ثقافية في الخارج، تلبية لطلبنا، اذ طلبنا من الجميع ان يقدموا لنا تصوراتهم وافكارهم حول الوزارة وعملها والمهمات التي ينبغي ان تنهض بها وتسعى اليها والاليات التي تعتمدها، وهذه اللجنة ستدرس ذلك وتستخلص منه ملامح النهج الثقافي الجديد، ومسودة لخطة عمل الوزارة، ونتطلع الى ان ينتهي هذا كله، وتنشر الحصيلة قبل نهاية السنة ليمكن مناقشتها للمرة الاخيرة، والاضافة اليها من قبل المثقفين انفسهم قبل اعتمادها، وبعد ذلك ننتقل الى اعادة النظر في بنية الوزارة وهيكليتها، كي تنسجم مع النهج الجديد، ومع ما نريد تحقيقه ثقافيا».

الصورة: