الشرطة البريطانية تستجوب انتحاريا مشتبها من «القاعدة»

شكوك في عملية تستهدف أحد افراد العائلة المالكة أو مباراة كرة أو مركز تنصت الاستخبارات

TT

استجوبت شرطة مكافحة الارهاب البريطانية مهاجما انتحاريا مشتبها في انتمائه الى «القاعدة» امس بعد العثور على متفجرات في منزل في جنوب غربي انجلترا حيث اعتقل الرجل في اطار عملية امنية كبيرة. وقالت متحدثة باسم الشرطة البريطانية في اتصال هاتفي اجرته معها «الشرق الأوسط» انه عثر على كمية ضئيلة نسبيا من المتفجرات. واضافت: «الرجل محتجز في مركز شرطة بادنغتون غرين بوسط لندن المخصص للتحقيق مع المتهمين على ذمة قضايا ارهابية». وامتنعت الشرطة التي يمكنها احتجاز الرجل المسلم ، 24 عاما، بموجب قوانين مكافحة الارهاب لمدة تصل الى سبعة ايام عن التعقيب على طبيعة أو هدف أي «هجوم انتحاري مزمع». ورفضت الشرطة البريطانية تأكيد معلومات ذكرت ان الموقوف واسمه ساجد محمد بادات، كان يخطط لهجوم انتحاري خلال مباراة لكرة القدم في ملعب اولد ترافورد الخاص بفريق مانشستر يونايتد. لكن هذا لم يمنع الصحف من التكهن بأن الرجل ربما كان يخطط لاول هجوم انتحاري تشهده بريطانيا ضد هدف سهل مثل استاد رياضي أو العائلة المالكة. ويسري في بريطانيا ثاني اعلى مستوى تحذير أمني منذ اكثر من اسبوعين بعد تقارير مخابرات تحدثت عن هجوم مزمع دون ان تحدد أي هدف.

من جهتها ذكرت الصحافة البريطانية بدون الاشارة الى مصادر ان ساجد بادات كان يستهدف على الارجح مقر اتصالات الحكومة «مركز تنصت اجهزة الاستخبارات البريطانية» في شيلتنهام قرب غلوستر (غرب انجلترا). واعتبرت «التايمز» ايضا ان الهدف الثاني المحتمل قد يكون احد افراد العائلة المالكة.

واوضحت المتحدثة باسم الشرطة «نحن متأكدون انه لم يعد هناك اي خطر من هذه المتفجرات التي عثر عليها في المنزل وان العمل بدأ من اجل السماح للسكان في المنطقة للعودة الى منازلهم». ويمكن حبس المتهم قيد الاستجواب سبعة ايام بموجب قانون مكافحة الارهاب الصادر عام 2000. وكان سبعون شرطيا قد شاركوا في عملية توقيف الرجل فجر أول من أمس. وقد اخلي حوالي مائة منزل ومسجد في المنطقة المحيطة بشقته. وقامت الشرطة في اطار العملية نفسها بتفتيش مبنيين آخرين احدهما يضم مركزا للدراسات الاسلامية والثاني مسجد تجري فيه اعمال بناء في بلاك بيرن في منطقة لانكاشير (شمال غربي انجلترا). واوضح مسؤول في مجلس مساجد هذه المنطقة ان الرجل الذي اعتقل كان طالبا في مركز الدراسات الاسلامية في بلاك بيرن. وتوقعت وسائل الاعلام ان يكون لهذ الرجل صلات بالبريطاني ريتشارد ريد الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) لمحاولته نسف رحلة جوية عبر الاطلسي بمتفجرات مخبأة في حذائه. وامتنعت الشرطة البريطانية عن التعقيب على أي صلات قد تربط الاثنين لكن مصدرا أمنيا قال انه ربما كانت هناك علاقة بينهما. ورفضت المتحدثة باسم اسكوتلنديارد تأكيد هذه المعلومات مكتفية بالقول ان الشاب الذي اعتقل «على علاقة بالارهاب الدولي».

ونقلت صحيفة «التايمز» امس عن مصادر من اجهزة الاستخبارات البريطانية امس ان الرجل الذي يدعى ساجد محمد بادات حسب الصحف البريطانية، قد يكون قدم المتفجرات التي حاول ريتشارد ريد استخدامها عبر اخفائها في حذائه لتفجير الطائرة التي كانت تقوم برحلة بين باريس وميامي في ديسمبر (كانون الاول)2001. الا ان مصادر أمنية كشفت ان عملية الربط بين المتهم ساجد محمد بادات و«صاحب الحذاء المفخخ» ريتشارد ريد، جاءت بعد معرفة ان الرجلين كانا يواظبان على الصلاة في مسجد فنسبري بارك الذي كان يتولى فيه الإمامة الاصولي المصري ابو حمزة، قبل اغلاق المسجد قبل عشرة أشهر عقب حملة مداهمات شنتها الشرطة البريطانية ضده، ومسجد اخر في منطقة بريكستون جنوب لندن، لكن تم تسريب تفاصيل كثيرة امس في الصحف الانجليزية، فذكرت «التايمز» ان اجهزة المخابرات الداخلية البريطانية «ام آي 5»، ووحدة مكافحة الارهاب في الشرطة كانت تراقب ساجد محمد بادات منذ عدة اشهر. وركزت بعض الصحف الشعبية على ان عملية مراقبته بدأت بعد اخبارية تلقتها الشرطة من احد المصلين عن «وجود احد عناصر «القاعدة » في غلوستر». وتشتبه اجهزة المخابرات البريطانية بان ساجد بادات تلقى تدريبا في معسكر ارهابي في كالدن في باكستان قرب الحدود الافغانية. وكان هذا المعسكر الذي تديره شبكة «القاعدة» قد استقبل ريتشارد ريد مع مجندين بريطانيين اخرين. وساجد بادات الذي نقل ليلة اول من امس الى مركز الشرطة في بادنغتون في لندن موقوف حاليا في اطار البند 41 من قانون مكافحة الارهاب الصادر عام 2000. من جهة اخرى، اعتقلت الشرطة البريطانية اول من امس رجلا آخر يبلغ من العمر 39 عاما في مانشستر (شمال انجلترا) لكن هذين الاعتقالين غير مرتبطين. وتتوقع بريطانيا منذ فترة طويلة التعرض لهجوم ارهابي بسبب التأييد القوي الذي يقدمه رئيس الوزراء توني بلير للرئيس الاميركي جورج بوش في حربه ضد الارهاب بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) على الولايات المتحدة بالاضافة الى نشر قوات بريطانية في العراق لدعم القوات الاميركية. وقال السير جون ستيفنس مفوض شرطة العاصمة البريطانية الاسبوع الماضي ان لندن ستكون في حالة تأهب عالية في المستقبل المنظور بعد التحذير في وقت سابق من ان هجوما على المملكة المتحدة بات شبه حتمي. وحذرت اليزا مانينغهام بولر التي ترأس احدى وكالات المخابرات البريطانية في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي من مخاطر تستمر سنوات. وكان وزير الداخلية البريطاني ديفيد بلانكيت اعلن في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)، ان الشاب الذي يبلغ من العمر 24 عاما واعتقل صباح اول من امس يشكل «خطرا حقيقيا على الحياة والحرية في بلدنا». وقال ان الرجل اعتقل في اطار قانون مكافحة الارهاب، وكان يقيم علاقات مع تنظيم «القاعدة» الارهابي. ورصدت بريطانيا، التي حاربت إلى جانب الولايات المتحدة في العراق، 330 مليون جنيه إسترليني (562 مليون دولار) في موازنة هذا العام لمكافحة الإرهاب.

وفي تطور لاحق كشفت مصادر مقربة من الشرطة البريطانية انه تم العثور على حذاء مفرغ في منزل ساجد بادت، جاهز لتعبئته بالمتفجرات على غرار حذاء مواطنه ريتشارد ريد المتهم بمحاولة تفجير طائرة كانت تقوم برحلة بين باريس وميامي في ديسمبر (كانون الاول) 2001 .