مقتل الفنانة التونسية ذكرى برصاص زوجها رجل الأعمال المصري يهز الوسط الفني

أيمن السويدي استخدم 3 مسدسات ورشاشا صغيرا في قتل زوجته الفنانة ومدير أعماله وسكرتيرة ذكرى ثم انتحر

TT

في واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها مصر وهزت الوسط الفني العربي كله، قتل رجل الاعمال المصري ايمن السويدي زوجته المطربة التونسية ذكرى، 42 عاماً، ومدير أعماله عمرو الخولي، وخديجة سكرتيرة شؤون الفنانة بالرصاص في الساعة السابعة من صباح أمس بعد مشادة ثم أطلق الرصاص على نفسه لينتحر.

القصة المثيرة التي شهدها حي «الزمالك» الراقي صباح أمس بدأت خيوطها عندما تلقى رئيس مباحث قصر النيل بلاغاً عن حادث داخل منزل رجل الأعمال المصري أيمن السويدي، وبدأ سيناريو غامض ينسج خيوطه حول ملابسات الحادث لا سيما أن الجاني والمجني عليهما قتلوا جميعاً، بينما أكدت تحريات المباحث من خلال معلومات أدلى بها سائق رجل الأعمال القاتل المنتحر ويدعى حسن أن المطربة ذكرى وزوجها أيمن السويدي كانا عائدين بصحبة مدير أعماله ويدعى عمرو الخولي وخديجة من سهرة في محل «بلوز» بالجيزة والذي يملكه أيمن السويدي نفسه. والسهرة استمرت حتى الساعة السادسة من صباح أمس بينما كان رجل الأعمال المنتحر في حالة «سكر بيِّن». وأثناء عودته إلى المنزل كان يتبادل الحديث في إطار الشد والجذب مع ذكرى، ولم تبد عليه ملامح الغدر، وفقاً لأقوال السائق.

وأضاف السائق في اعترافاته أمام مباحث القاهرة أنه بعد صعودهما إلى منزلهما لم يعرف عنهما شيئاً. فيما أكدت معلومات أخرى ـ وفقاً لمصادر أمنية ـ أنه كانت هناك خادمتان في انتظارهما. وبعد دخول الجميع إلى المنزل، خرج رجل الأعمال من حجرته وفي يده أربع قطع سلاح، ثم صرخ في وجه المطربة ذكرى ـ طبقاً لما ذكرته الخادمتان ـ ثم أطلق الرصاص على الجميع، ويرجح أنه أطلق رصاصة في فمه بعد ذلك لينتحر.

الأكثر إثارة أن المعلومات الأولية للحادث أكدت أن كل قتيل أصيب بما يزيد على 15 طلقة وأن الاصابات جاءت معظمها في منطقة الصدر والبطن والذراعين.

وكشف النقيب أيمن عبد الهادي رئيس نقطة الجزيرة والذي انتقل إلى موقع الحادث فور وقوع الجريمة عن بعض تفاصيل الحادث، حيث تبين من المعاينة أن مرتكب الجريمة أيمن السويدي لأنه كان جالساً في غرفة الاستقبال الواسعة وكان بجوار السلاح الذي استخدم في الجريمة، وهو عبارة عن ثلاثة مسدسات ومدفع رشاش صغير، أطلق منها خمسين طلقة منها واحدة فقط في فمه. وبسؤال الشاهدتين أمل رجب ابراهيم وأم هاشم حسن الباسوس، قالتا إن السويدي وزوجته ذكرى ومدير أعماله عمرو الخولي وخديجة صلاح كانوا قد قضوا سهرتهم وعادوا فجراً إلى المنزل ودار بينهم نقاش، وفي نهاية النقاش أطلق السويدي الرصاص عليهم وعلى نفسه.

وتم تشميع الشقة محل الحادث بالشمع الأحمر وأحيلت أوراق التحقيق إلى نيابة قصر النيل وتم استدعاء الطب الشرعي لفحص الجثث.

المعروف أن المطربة ذكرى تونسية الجنسية وجاءت إلى القاهرة قبل عشرة أعوام أصدرت خلالها ما يزيد على عشرة ألبومات، وتبناها الموسيقار المصري هاني مهنى، وتزوجت من رجل أعمال عربي لمدة ستة أشهر، وابتعدت عن الطرب والغناء لفترة قصيرة ثم عادت إلى القاهرة منذ 6 سنوات لتقيم بشكل شبه دائم في شقة اشترتها بحي المهندسين.

وتناولتها شائعات كثيرة أقعدتها في حالة اكتئاب لمدة عام كامل، فتارة اُتهمت بالإدمان، وتارة أخرى بأنها مريضة «بالايدز»، وعاشت مع شقيقها في القاهرة حتى بداية العام الحالي، وتعرفت على رجل الأعمال أيمن زكي السويدي، 42 سنة، وعاشت معه قصة حب كانت نهايتها زواجاً عرفياً منذ شهرين فقط .

وذكرى واحدة من المطربات التونسيات اللواتي تركن بصمة ضمن الأصوات النسائية العربية، وقد شاركت في أوبريتات وطنية أهمها «الحلم العربي»، كما توجها سوق الغناء أفضل مطربة عندما قدمت «دويتو» مع المطربة المصرية أنغام عن القدس. ومن أبرز أغنياتها «وحياتي عندك» التي قدمتها بالتعاون مع الملحن صلاح الشرنوبي.

وتعد ذكرى المطربة العربية الوحيدة التي قدمت أغنيات باللهجات العربية حيث ضمت ألبوماتها أغاني باللهجات الخليجية والمصرية والليبية واللبنانية والتونسية أيضاً، وكان آخر ألبوماتها يحمل اسمها وقدمت فيه عدداً من الأغنيات الخليجية بالتعاون مع الأمير تركي بن عبد الرحمن والأمير فهد بن خالد والأمير صباح الناصر، وكانت قد أصدرت ألبوماً غنائياً باللهجة المصرية خلال الأيام الماضية.

ومن أبرز العقبات التي واجهت ذكرى، تلك الحملة التي شنها عليها عدد من الاسلاميين، عقب تصريحات أدلت بها على هامش مهرجان الدوحة للأغنية منذ عامين، ووصفت فيها ما يواجهه الفنانون من عقبات بأنه يشبه ما واجهه الأنبياء في دعواتهم.

وصدرت فتوى ضدها بحل دمها، ودافعت عن نفسها مستشهدة بالمطرب الكويتي عبد الله الرويشد الذي وجهت له نفس التهمة عندما لحن آية من القرآن الكريم.

وبالنسبة لرجل الأعمال أيمن السويدي فهو من أسرة ثرية اشتهرت بالتجارة وخاصة في الأدوات والمعدات الكهربائية، ومنذ دخوله عالم الاعمال بدأ يوطد علاقاته بالفنانين والفنانات وحرص على مشاهدتهم في أماكنهم، وقد تزوج عدداً من الفنانات الشابات عرفياً ومن بينهن احدى الراقصات المعتزلات قبل عشر سنوات.

ومن ناحيته أكد الموسيقار هاني مهنى، أقرب أصدقاء الفنانة الراحلة ذكرى والذي اكتشفها فنيا عام 1992، وقدم لها أول ألبوماتها «وحياتي عندك» ثم «أسهر مع سيرتك»، أن هذه الجريمة يمكن أن توضع تحت مسمى «ومن الحب ما قتل»، مشيراً الى أن ذكرى والسويدي قد تعارفا في عيد ميلاده في مايو (أيار) الماضي ثم تزوجا في 23 أغسطس (آب) الماضي، وكانت تربطهما قصة حب عنيفة، وكان السويدي يطلب من ذكرى أن تبتعد عن الفن، ويشترط عليها أن تذهب للتسجيل في العاشرة صباحاً ويصر على منعها من السفر للغناء خارج مصر، وكان هذا هو جوهر الخلاف بينهما.

وبأسى شديد قال مهنى لـ«الشرق الأوسط»: ان ذكرى فقدت حياتها بسبب لحظات غضب لا يوجد ما يبررها من السويدي، والذي كان يحمل دائماً أسلحة نارية معه في تنقلاته، يحتاط بها، وهو يحمل كمية كبيرة من النقود لادارة أعماله في مجال تصنيع اللمبات الكهربائية.

وقال مهنى: ان ذكرى كانت واحدة من أجمل الأصوات العربية ولم تسعد بصدور ألبومها «يوم عليك»، والذي صدر قبل مقتلها بأربعة أيام فقط.

وأضاف أن ما يزيد المأساة هو مقتل مدير أعمال السويدي عمر حسن صبري الخولي وزوجته، وهو نجل مدير مكتب الرئيس المصري السابق أنور السادات، وكان الخولي وزوجته ضد انفعال أيمن وطلباته التي تبعد ذكرى عن الفن، وكانت محوراً لجميع خلافاتهما.

وقال فنانون ان ساحة الغناء العربي فقدت بمقتل المطربة التونسية ذكرى الدالي صوتا مميزا امتلك خامة نادرة لم تتح امامه فرصة كافية لاثبات خصوصيته، كما يرى منتجون ونقاد تابعوا اعمالها.

وقال الملحن هاني مهنى الذي اكتشف الفنانة ذكرى ان عملية القتل وقعت فجر الجمعة خلال شجار حول تنظيم اعمال ذكرى بعد قضاء القتلى الاربعة سهرة في الخارج مع الفنانة كوثر الرمثي.

واضاف ان زوج الفنانة «حاول ان يفرض رأيه عليها وكان قد ناقشني بهذا الموقف قبل شهر رمضان واخبرته حينها ان ذلك لا يمكن تحقيقه ويبدو ان الحوار اشتد بين الاربعة فطلب ايمن من كوثر مغادرة الشقة وسمعت بعد مغادرتها اطلاق الرصاص». وقال مهنى ان ذكرى «ماتت شهيدة الحب».

ومن جهته، قال الناقد امجد مصطفى ان «الساحة الغنائية العربية فقدت برحيل ذكرى المأسوي صوتا له قدرات خاصة يصعب ايجاد خامة ومساحة صوت موازية له في العالم العربي».

وتابع انها «كانت من اهم الاصوات التي ظهرت خلال الاعوام العشرة الماضية وكان يعلق عليها كبار الملحنين آمالا عريضة لاثراء الطرب العربي لما تمتلكه من مواصفات عبرت عنها بالغناء بأكثر من لهجة عربية اصيلة».

وبدوره، قال المطرب علي الحجار: «كانت لديها ملامح فنية متميزة من حيث قوة الصوت وندرته واحساسها القوي وكانت ميزتها الرئيسية هي تعاملها الجيد مع الآخرين وعدم مس احد بسوء».

واثار مقتل الفنانة التونسية ذكرى ردود فعل غاضبة في تونس حيث تتمتع الراحلة بشعبية واسعة، كما طلبت السلطات التونسية الكشف عن ملابسات المأساة بأسرع وقت وبشكل كامل.

وانتشر نبأ مقتلها كالنار في الهشيم وبدأ الناس بالاتصال بوسائل الاعلام من جميع ارجاء تونس للاستفسار عن ظروف الحادث المأسوي الذي اصاب ذكرى "بنت الشعب".

وذكرت وكالة الانباء التونسية ان الرئيس زين العابدين بن علي طلب من السلطات المصرية "الكشف عن ملابسات الجريمة في اسرع وقت وحفظ حقوق الضحية" كذلك.

وتجري السلطات التونسية اتصالات مع القضاء المصري ومن المتوقع ان يتوجه قاض تونسي الى القاهرة للمشاركة في التحقيقات.

واعادت الجريمة الحديث عن البدايات الصعبة للنجمة المتحدرة من اصول متواضعة و"التضحيات" التي تكبدتها من اجل اظهار موهبتها في بلدها اولا ومن ثم في ليبيا قبل ان تستقر في مصر.