الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقق بشأن علاقات محتملة بين البرنامج النووي الإيراني والباكستاني

TT

قال دبلوماسيون ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة تجري تحقيقا بشأن علاقات محتملة بين البرنامج النووي الايراني والباكستاني، وذلك اثر اكتشاف برنامج ايراني سري لتخصيب اليورانيوم تستخدم فيه تكنولوجيا مماثلة لتلك التي استخدمت في البرنامج النووي الباكستاني. وكانت طهران قد اعترفت للوكالة الدولية للطاقة الذرية ان برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم قائم على اساس تصميمات اعدتها شركة «يورينكو» الاوروبية. واوضح دبلوماسيون ان هذه التصميمات هي نفس التكنولوجيا التي استخدمتها باكستان في تطوير قنبلتها النووية خلال حقبة التسعينات. وطبقا لآخر تقرير اصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البرنامج النووي الايراني، فان طهران بدأت بحثا عام 1985، وحصلت على تصميمات تستخدم في عمليات فصل وتخصيب اليورانيوم من وسيط اجنبي عام 1987. وأبلغت ايران الوكالة بأنها حصلت على هذه التصميمات من وسيط لا تزال هويته مجهولة. جدير بالذكر ان الولايات المتحدة اتهمت ايران باستغلال برنامج مدني للتغطية على مساعيها الرامية الى تطوير قنبلة نووية. وكانت عمليات التفتيش التي اجرتها الوكالة خلال الاشهر الاخيرة قد كشفت عن عدة جوانب تشير الى سعي ايران للتغطية على نشاطات نووية من الممكن ان تلعب دورا في تطوير قنبلة ذرية. واكدت ايران من جانبها، ان برنامجها النووي يستخدم فقط لتوليد الطاقة الكهربائية. ووافقت طهران في وقت سابق من هذا الشهر على تزويد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بكل التفاصيل الخاصة بتاريخ برنامجها النووي، كما وافقت على عمليات تفتيش متشددة من جانب الوكالة لمنشآتها النووية. يشار الى ان مجلس الوكالة ادان يوم الاربعاء الماضي من مقره في العاصمة النمساوية فيينا المحاولات المستمرة لايران للتغطية على بحوثها النووية الحساسة، وحذرها من أي انتهاكات في المستقبل لالتزاماتها ازاء الامتناع عن السعي لانتاج اسلحة نووية، والا فانها ستواجه العقوبات المنصوص عليها في مخالفة مثل هذه التعهدات. وكما طلبت ادارة بوش في البداية، فان مجلس الوكالة اوشك على احالة ايران الى مجلس الامن بغرض فرض عقوبات محتملة عليها. وقال دبلوماسي غربي في لقاء هاتفي اجري معه اول من امس ان الولايات المتحدة تعتقد ان ايران لا تزال تتستر على نشاطاتها النووية، وان هذه القضية ستعرض في نهاية الامر أمام الامم المتحدة.

ومن جانبه، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، ان تقريرا جديدا حول ايران سيصدر بواسطة مجلس الوكالة في منتصف فبراير (شباط) المقبل، وأوضح ان أمام مفتشي الوكالة «الكثير من العمل قبل التوصل الى نتيجة نهائية بأن البرنامج النووي الايراني يستخدم فقط لأغراض مدنية». وقال دبلوماسيون ان مساعي الكشف عن جوانب عملية تخصيب اليورانيوم الايرانية ظلت من الجوانب الرئيسية التي خضعت للتحقيق بواسطة الوكالة خلال سعيها للكشف عن النشاطات الخفية لايران في هذا المجال على مدى حوالي 18 عاما. وذكر الدبلوماسيون ان اكتشاف اصل عملية تخصيب اليورانيوم الايرانية كانت واحدة من القضايا الرئيسية التي خضعت لتحقيقات وكالة الطاقة الذرية، وهي تحاول تكوين صورة عن 18 سنة من النشاطات السرية. واوضح دبلوماسي ان وكالة الطاقة الذرية لم تقرر ما اذا كانت خطط جهاز الطرد المركزي اتت مباشرة من باكستان او تم الحصول عليها او سرقت من المختبرات النووية الباكستانية عن طريق وسيط.

والمعروف ان «اورينكو»، هي كونسورتيوم من شركات بريطانية وهولندية وألمانية، مميزة في تصميم وتشغيل اجهزة الطرد المركزي.

ونفت الشركة تقديم تقنيات الطرد المركزي لايران او امدادها بالرسومات.

ونفت باكستان مرارا تقديم مساعدات نووية لايران، وردت على المقالات الصحافية التي تشير الى انها ساعدت ايران بالقول انها «معادية للاسلام»، كما نفت ايران ايضا تعاونها مع باكستان.

وكان عبد القادر خان المطور الاساسي للقنبلة النووية الباكستانية، قد عمل في مصنع تخصيب اليورانيوم التابع لاورينكو في مدينة آلميليو الهولندية في السبعينات. وبعد عودته الى باكستان اتهم بسرقة التصميمات من المصنع.

وذكر دبلوماسيان ايرانيان سابقان لصحيفة «لوس انجليس تايمز» الصيف الماضي ان خان زار ايران عدة مرات، بداية من عام 1987، لمساعدة برنامج ايران النووي. وقال واحد من الدبلوماسيين، وهو علي اكبر ماهر ان خان حصل على فيللا مطلة على بحر قزوين مقابل مساعداته.

وخلال رحلة الى كوريا الجنوبية هذا الشهر، قال الرئيس الباكستاني برويز مشرف ان زيارة معلنة لخان لايران مرتبطة بمحاولات شراء صواريخ قصيرة المدى وليس تقنيات نووية.

وتجدر الاشارة الى ان برنامج اجهزة الطرد المركزي هو على قمة التحقيقات التي تجريها وكالة الطاقة النووية بعدما تم العثور على آثار يورانيوم مستخدم في صناعة الاسلحة في موقعين حيث تم تركيب وتجربة جهاز الطرد المركزي.

وواحد من هذه المواقع هو مصنع تخصيب اليورانيوم الهائل الذي يقام تحت الارض في ناتانز في وسط ايران. وذكر الدبلوماسيون ان مفتشي وكالة الطاقة النووية لاحظوا التشابه بين الجهاز وتصميمات اورينكو.

ويبدو جهاز الطرد المركزي في ناتانز معدلا بحيث يمكنها انتاج يورانيوم مخصب بطريقة اكثر كفاءة عن طريقة التصميم الاصلي، طبقا للدبلوماسيين الذين لهم علاقة بالتفتيش.

كما تم العثور على آثار ليورانيوم مخصب من النوع المستخدم في الاسلحة في شركة «كالاي» الكهربائية.

واعترف الايرانيون انهم اجروا في المصنع، الذين كانوا يذكرون في الماضي انه مخصص لانتاج الساعات، تجارب مكثفة على تنقية اليورانيوم عن طريق استخدام اجهزة الطرد المركزي.

وكانت السلطات الايرانية قد ازالت المعدات واجريت عمليات اعادة بناء مكثفة مع وصول المفتشين، الا انهم تمكنوا من اكتشاف آثار اليورانيوم عن طريق الوسائل العلمية. وكانت ايران قد اصرت من قبل ان برنامج اجهزة الطرد المركزي برنامج وطني.

بعد اكتشافات وكالة الطاقة النووية، ذكر مسؤولون ايرانيون انه تم شراء بعض المكونات من خارج البلاد عبر وسطاء وانها كانت ملوثة باليورانيوم.

وقال علي اكبر صالحي، سفير ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لـ«رويترز» انه لا يعلم شيئا عن استخدام ايران لأحد تصميمات شركة يورينكو. واضاف صالحي «هذه معلومات جديدة بالنسبة لي».

وفي بيان بعثت به شركة « يورينكو» لرويترز قالت الشركة انها لم تنقل اي تكنولوجيا طرد مركزي او معدات في هذا المجال الى ايران.

وتابعت الشركة في البيان «تود يورينكو ان تؤكد انها لم تنقل قط اي تكنولوجيا او مكونات الى ايران في اي وقت». وتجدر الاشارة الى ان التحقيقات في اصول تصميمات جهاز الطرد المركزي هي جزء واحد من تحقيق موسع لوكالة الطاقة فيما اصبح برنامجا نوويا موسعا في ايران.

وقال تقرير وكالة الطاقة النووية الذي صدر في بداية الشهر الحالي ان ايران اجرت ابحاثا باستخدام تقنيات ليزر غير معروفة لتخصيب اليورانيوم لمدة 12 سنة قبل الكشف عن البرنامج هذا الخريف. ويبدو ان جزءا من تقنيات الليزر قدم من روسيا والبعض الآخر ربما من اصول اوروبية، طبقا لمعلومات الدبلوماسيين الذين لديهم معلومات عن التحقيقات.

وذكر تقرير الوكالة ان ايران اسست مصنعا تجريبيا للتخصيب باستخدام الليزر قبل ثلاث سنوات وأغلقته وفككت الاجهزة في مايو( ايار) الماضي.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»