تركيا تستجوب 22 مشتبها بهم في تفجيرات اسطنبول سلمتهم سورية

TT

بدأت السلطات التركية رسميا استجواب 22 مشتبهاً في تورطهم في الهجمات التي استهدفت مصالح يهودية وبريطانية بمدينة اسطنبول في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وذلك بعدما سلمت سورية المشتبه فيهم الى تركيا أول من امس ويأتي ذلك في الوقت الذي اكد فيه مراقبون ان الخطوة السورية هي «رسالة» للولايات المتحدة تؤكد فيها انها مشاركة في الحملة الدولية ضد الارهاب وذلك مع تزايد الاتهامات الاميركية لسورية بايواء ودعم جماعات متطرفة ومساندة التنظيمات الموالية للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، مشيرين الى ان الرسالة السورية تأتي في وقت «حساس» اذ ان قانون محاسبة سورية الذي اقره الكونغرس الاميركي لا ينتظر سوى توقيع الرئيس جورج بوش. واوضحت مصادر مطلعة ان المشتبه فيهم كانوا محتجزين في بلدة «انطاكيا» التي تقع جنوب الحدود التركية. كما اعلن عبد القادر ساري محافظ مدينة هاتاي التركية ان 20 من المشتبه بهم سجلوا لحضور دروس في معاهد دينية سورية، غير انه لم يعط أي تفاصيل حول توقيت تسجليهم وما اذا كانوا فعلا حضروا أي دروس. واضاف ان ستة من المشتبه فيهم مراهقون تحت سن الثامنة عشرة بينما الآخرين في العقد الثاني والثالث من العمر. ولم توجه بعد تهما رسمية الى اي من المشتبه بهم. ومن بين الذين سلمتهم سورية حلمي توجلواوغلو احد المشتبه بهم الاساسيين وهو مقرب من عزت اكينجي احد العقول المدبرة للتفجيرات الاربعة التي هزت اسطنبول في 15 و20 نوفمبر الماضى واسفرت عن مقتل 61 شخصا واصابة اكثر من 700 اخرين. وكانت مصادر مطلعة قد ذكرت سابقا ان السلطات تتهم اكينجي باستخدام «بطاقات هوية» مزورة لشراء الشاحنتين اللتين تم استخدامهما في تفجير المعبدين اليهوديين، كما ذكرت المصادر انه تلقى تدريبات على استخدام المتفجرات في باكستان بين 1997 و1999 وزار ايران، وقاتل في البوسنة والشيشان. في الوقت ذاته، استجوبت الشرطة التركية امس 4 نساء بينهن زوجة توجلواوغلو وزوجة مسعود كابوك منفذ التفجير الذي استهدف المعبدين اليهوديين. واوضحت المصادر ان السلطات تحقق معهن حول العلاقات بين الخلية التركية التي نفذت الاعتداءات الاخيرة وبين تنظيم «القاعدة» وذلك بعد اعتراف العقل المدبر للهجمات احد المشتبه بهم الرئيسيين بوجود علاقة بين خليته التي تتكون من عشرة اتراك وبين تنظيم «القاعدة». واقر العقل المدبر الذي اعتقلته قوات الأمن التركية خلال محاولته الهروب الى ايران بأن اعضاء الخلية تعارفوا خلال معسكر تدريبى لـ«القاعدة» في افغانستان. وقد وجهت السلطات التركية اليه رسميا تهمة محاولة الاطاحة بالنظام الدستوري في تركيا وهي تهمة تماثل الخيانة العظمى وعقوبتها السجن مدى الحياة، ليكون بذلك اول مشتبه به رئيسي توجه له تهم فيما يتعلق بالتفجيرات. ورفضت السلطات التركية حتى الان كشف هوية ذلك الشخص مكتفية بالاشارة اليه بحرفي (ي. ب)، غير ان غالبية الصحف التركية ذكرت انه يدعى يوسف بولات وانه اعطى اوامر التفجير بعد زيارة استطلاع قام بها صباح يوم الاعتداء الى «معبد بيت» اليهودي. وذكرت الصحف التركية ان بولات ومشتبهاً بهم آخرين اعترفوا بأن خليتهم جزء من «القاعدة». وكانت محكمة أمن الدولة التركية قد وجهت اتهامات الى عشرين شخصا آخرين ضالعين في الهجمات غير ان التهم التي وجهت لهم كانت أقل. ويأتى ذلك بينما اعلن نائب رئيس الوزراء التركي عبد اللطيف سينر امس ان المسؤولين عن العمليات الانتحارية التي شهدتها اسطنبول الشهر الماضي على علاقة بتنظيم «القاعدة» الارهابي بزعامة اسامة بن لادن. وقال سينر للصحافيين في ختام اجتماع لمجلس الوزراء خصص للاعتداءات انه «بحسب المعلومات التي في حوزتنا، فان المسؤولين عن الاعتداءات الانتحارية والذين تعاونوا معهم، مقربون من تنظيم القاعدة الارهابي».

وقد اكدت السلطات السورية بصورة غير مباشرة نبأ تسليم 22 من المشتبه بهم عبر نشر الصحف الرسمية السورية الخبر المتعلق بهذا التسليم نقلا عن وكالة أنباء الأناضول التركية. ورأى مسؤول اعلامي سوري في هذا الاجراء تطبيقا «للاتفاق الأمني» السوري ـ التركي الموقع في سبتمبر (أيلول) 2001 والذي ينص «على اعتقال وتسليم المتورطين في اعمال اجرامية تسيء الى أمن واستقرار البلدين». ورحب المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته «بالتنسيق» السوري ـ التركي وخصوصا خلال الاجتماع الذي عقد في مطلع نوفمبر (تشرين الثانى) في دمشق وضم الدول الست المجاورة للعراق والتي تقلقها حالة اللااستقرار السائدة في هذا البلد. وقال «ان سورية وتركيا تعارضان الارهاب. انه موقف مبدئي لسورية التي قدمت دعمها للاطراف الدولية لاستئصال الارهاب».

ورأى دبلوماسي غربي يعمل في دمشق ان تسليم المشبوهين الذين قد يكونون لجأوا الى سورية بعد اعتداءات اسطنبول «يبدو متوافقا مع موقف سورية من ارهاب القاعدة» وحيال أنقرة. واضاف«ان سورية لا تلعب لعبة غامضة في ما يتعلق بـ«القاعدة». فليس لها أية مصلحة في التساهل مع «القاعدة» ولا في السماح لأنشطة منظمات قد تربك أمنها. ومن المتوقع ان يقوم الرئيس السوري بشار الأسد بأول زيارة رسمية له الى تركيا في مطلع العام 2004 تهدف الى ترسيخ العلاقات السورية ـ التركية بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء السوري الى انقرة في يوليو (تموز) وكانت الأولى لرئيس وزراء سوري منذ 17 عاما.