مؤتمر شعبي في غزة يعتبر «وثيقة جنيف» بمثابة «وعد بلفور جديد»

الشيخ عكرمة مفتي القدس: التنازل عن حق العودة، أو قبول التعويض عنه حرام شرعاً

TT

في أكبر تظاهرة جماهيرية فلسطينية للتنديد بـ«وثيقة جنيف»، التي وقعها امس عدد من الشخصيات الفلسطينية والاسرائيلية البارزة، حول تسوية النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، انعقد في غزة امس المؤتمر الشعبي للدفاع عن حق «العودة» ولمواجهة التحديات التي تفرزها الوثيقة.

وشارك نحو الفي من ممثلي القوى السياسية والاجتماعية والفعاليات الجماهيرية والنقابية والطلابية الفلسطينية في التظاهرة، وبدأ عريف الحفل الدكتور اسعد ابو شرخ، عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر حديثه للمشاركين بهجوم عنيف على الوثيقة ووصف موقعيها بـ«الخنازير». وبعث الشيخ عكرمة صبري، المفتي العام في القدس ومفتي الديار الفلسطينية ببرقية للمشاركين في المؤتمر تضمنت فتوى تعتبر التنازل عن حق العودة او قبول التعويض عن ممارسة هذا الحق بمثابة بيع للارض محرم شرعا. اما رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني رفيق النتشة فقد قال ان القضية الفلسطينية قد بدأت بقضية اللاجئين ولن تحل الا بعودتهم الى ديارهم التي شردوا منها. واكد النتشة ان الشعب الفلسطيني لن يسمح لأحد مهما كان ان يفرط في حقوقه المشروعة. واضاف «من الجيد ان نحصل على حقوقنا بالسلام، لكن اذا لم يتسن ذلك فسنحصل عليها بالنضال والمقاومة».

وقال عبد الله الحوارني رئيس المؤتمر ان التظاهرة تعبر عن اصرار الشعب الفلسطيني على التمسك بحق العودة للاجئين، مشددا على ان الذين يشاركون في التوقيع على «اتفاقية جنيف» لا يمثلون الشعب الفلسطيني. واضاف قائلا «اذا كان هؤلاء يدعون ان احد قد ارسلهم، فإننا نود التأكيد على ان هذا الاحد لا يمثلنا».

من ناحيته استنكر رمزي رباح عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، تجاهل الموقعين لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة 194 الذي نص على حق العودة للاجئين. واعتبر الاتفاقية «اخطر وثيقة تتقارب مع الرؤية الاسرائيلية للحل الدائم للصراع». واضاف ان الوثيقة «قدمت صك براءة للدولة العبرية من مسؤوليتها القانونية والاخلاقية عن مأساة اكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في مخيمات اللجوء والشتات». واكد ان اعتراف الاتفاقية بالطابع اليهودي للدولة العبرية يعتبر ضمانة للتفوق الديموغرافي اليهودي في فلسطين، معتبرا ان ذلك يعني تكريس نتائج حرب عام 1948. وحذر من مغبة ان تتحول الاتفاقية التي لا يوقع عليها أي طرف اسرائيلي رسمي الى سقف للموقف الفلسطيني الرسمي من قضايا الحل الدائم.

وبعث سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ببرقية للمؤتمر اكد فيها ان اكثر من خمسة ملايين لاجئ يتمسكون بحق العودة الى الاراضي الفلسطينية.

من ناحيته دعا جمال ابو حبل ممثل اللجان الشعبية في مخيمات اللاجئين الى محاكمة الشخصيات الفلسطينية الموقعة على الاتفاقية بتهمة الخيانة العظمى لانهم يتنازلون عن حقوق اناس لم يخولوهم بذلك. وطالب ابو حبل المجلسين التشريعي والوطني وحركة «فتح» برفع الغطاء السياسي عن كل من ينتمي اليها من المشاركين في التوقيع على الاتفاقية او الذين توجهوا لحضور حفل التوقيع. وطالب احمد دبابش ممثل لجان المدن والبلدات الفلسطينية التي احتلت في العام 1948 بملاحقة من اسماهم بـ«الخونة» من الموقعين على الاتفاقية. وشدد دبابش على ان حق العودة للاجئين هو حق جماعي وفردي لكل لاجئ فلسطيني لا يجوز لأحد التنازل عنه. واعتبر الاتفاقية بمثابة «وعد بلفور جديد». وقد تليت امام المؤتمر برقيات من ممثلي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والدول العربية فضلا عن برقيات بعثت بها احزاب وحركات في البلدان العربية. وقد وزعت الفصائل والفعاليات الجماهيرية الفلسطينية بيانات نددت فيها باتفاقية جنيف، معتبرة اياها «خيانة لدماء الشهداء».

وحمل المئات من الشباب والاطفال اليافطات التي تحمل اسم المدن والبلدات والقرى الفلسطينية التي احتلت في عام 1948، مثل حيفا ويافا والمجدل وبئر السبع والرملة واللد. وقد تظاهرت العشرات من امهات الاسرى والشهداء امام منصة المتحدثين منددات بالموقعين على الوثيقة، ورفع المشاركون في المؤتمر الشعارات المنددة بالموقعين على «وثيقة جنيف».

وفي الاردن، عاشت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين امس حالة من الترقب والحذر خلال التوقيع على «وثيقة جنيف» التي تسقط حق العودة، فيما نشطت لجان الدفاع عن حق العودة بالتوقيع على مذكرات تطالب بضمان حق عودة اللاجئين الى ديارهم تنفيذاً للقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948. وراقب سكان المخيمات توقيع الوثيقة من خلال الفضائيات ومحطات التلفزيون بامتعاض ونفور، مؤكدين ان يوم توقيع الوثيقة يعتبر يوماً اسود في تاريخ الفلسطينيين. وعقدت اجتماعات مكثفة في مختلف المخيمات للتوقيع على هذه المذكرات التي سيتم ارسالها الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وجمعيات حقوق الانسان، والهيئات الدولية المعنية بمساندة الفلسطينيين ودعمهم حتى يتمكنوا من العودة الى ديارهم. كما تم توزيع «وثيقة العودة» التي ترفض أي حل لقضية اللاجئين لا ينص صراحة على حق العودة على نطاق واسع كرد على «وثيقة جنيف» التي يرى فيها اللاجئون اسقاطاً لحق العودة.

وقالت شخصيات فلسطينية ان اجتماعاً للجان الدفاع عن حق العودة في كل من الاردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة قد يعقد قريباً لبحث «وثيقة جنيف» وأثارها السلبية على اللاجئين، مؤكدة ان الوثيقة تمهد لإلغاء القرار 194 الذي يعتبر السند الشرعي لحق العودة وحل قضية اللاجئين من خلال توطينهم في الدول التي يقيمون فيها او في دول اوروبية وغربية او عودتهم الى أراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية في حال قيامها......................