البشير يعلن انتهاء الحرب في السودان

وفد الحركة وصل إلى الخرطوم على متن طائرة ليبية وهتف لهم الآلاف وقبل بعضهم زجاج نوافذ سياراتهم

TT

حظي وفد من الحركة الشعبية لتحرير السودان امس باستقبال حاشد في زيارته الاولى الى الخرطوم منذ عشرين عاما، في وقت اعلن فيه الرئيس الفريق عمر حسن البشير ان الحرب الاهلية شارفت على الانتهاء ولم يبق غير وضع اللمسات الاخيرة في منتجع نيفاشا بكينيا.

واحتشد الاف الاشخاص، غالبيتهم من الجنوبيين، قرب المطار لاستقبال الوفد هاتفين «اهلا بكم في السودان الجديد». واخترق بعض الحشد الاجراءات الامنية وتمكنوا من الوصول الى المدرج حيث صفقوا للوفد لدى نزوله من الطائرة الليبية الضخمة، كما اقدموا على حمل اعضائه على اكتافهم. وترددت الهتافات مرحبة بوفد الحركة ووصفت اعضاءه بالابطال بينما احاط المئات بقافلة سيارات الوفد الذي جاء الى الخرطوم في اطار جهود لحشد دعم واسع لمحادثات السلام التي تعقد في كينيا. وبعد قليل من وصول طائرتهم توجه الوفد من المطار الى مقر الحزب الحاكم وقد احاط بهم مؤيدون يهتفون وقبّل بعضهم زجاج السيارات. وقال احد المحتشدين في المطار الذين بلغوا حوالي الفي شخص «جئنا من مناطق الخرطوم النائية للترحيب بأشقائنا.. لقد غابوا طويلا». وقال مؤيدون ان الشرطة بصفة عامة تحلت بضبط النفس ولم يحدث ما يعكر الاجواء. وردت الشرطة بعض المحتشدين بعد ان تكالبوا على مدخل صالة كبار الزوار بالمطار حيث استقبل مسؤولون سودانيون الوفد.

وكانت شمس العاصمة السودانية قد أشرقت على نغمات إيقاع «الكرنق» الذي ينتمي أصلاً الى جنوب السودان وبدأ يتمدد قومياً في السنوات الأخيرة، وذلك في سباق التحضيرات الحثيثة لاستقبال الوفد، كما فرضت السلطات اجراءات أمنية مشددة على مداخل العاصمة والطرقات بين مدنها والطرق المؤدية الى مطار الخرطوم وتعانق وفد الحركة في المطار مع المستقبلين بالدموع والزغاريد وهتافات داوية، وبصعوبة شق الوفد طريقه الى مبنى حزب المؤتمر الوطني المطل على مدخل المطار حيث استقبلته هناك قيادات الحزب بقيادة الأمين العام للمؤتمر الوطني وإبراهيم أحمد عمر.

ورحب عمر بوفد الحركة، وقال: «نحن سعداء بهم في الخرطوم»، وأضاف: «رأيتم بأنفسكم كيف استقبلكم الشعب السوداني بالحرارة الشديدة ونأمل أن نكون جميعاً عند حسن ظنه». ووصف الزهاوي ابراهيم مالك الناطق الرسمي باسم الحكومة في حفل الاستقبال الذي أقيم للوفد في مبنى المؤتمر الوطني لدى وصول الوفد بأنه مفرح تمنى أن يمثل الحدث خطوة في سبيل تحقيق السلام في البلاد. من ناحيته قال أموم: «جئنا اليوم من مواقع الحركة نحمل رسالة السلام العادل للشعب السوداني، ولنقول إنه حان الوقت للسودان أن يفتح صفحة جديدة تنهي الاقتتال والاحتراب بين أهله» وأضاف: «جاء الوقت كي نتفق على كيفية تحقيق الاستقرار في البلاد بما يحفظ كرامة الانسان السوداني عبر التحول الديمقراطي ومشاركة الجميع في صناعة القرار». وقال أموم: «هذه رسالتنا: نحن عازمون على العمل مع الحكومة لتحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي».

من ناحيته قال ياسر عرمان الناطق الرسمي باسم الحركة: «جئنا لنحتفي بالشعب العظيم ونكمل معه مشوار السلام العادل الشامل»، وأضاف: «أتينا لنقول لا رجعة عن السلام والتحول الديمقراطي». وفي بيان وزعه في مطار الخرطوم رحب حزب الأمة المعارض بالوفد بشدة وقال إن وصوله يأتي من أجل المزيد من الحوارات واللقاءات مع القوى السياسية والمجتمع المدني. واعتبر سيد أحمد الحسين القيادي في الحزب الاتحادي المعارض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الحدث بأنه الأكثر أهمية في السودان منذ عهود بعيدة وقال إنه سيسهم بلا شك في تحقيق السلام.

وتزامن وصول وفد الحركة مع استئناف المفاوضات بين الخرطوم والحركة في كينيا حيث من المتوقع ان تبدأ اليوم. في غضون ذلك، قال البشير في خطاب متلفز قبل وصول الوفد ان «كل الدلائل تشير الان الى ان الحرب في جنوب السودان قد وضعت نهايتها ولم يتبق الا وضع اللمسات الاخيرة على اتفاقية السلام النهائية». واعرب عن الامل في ان تكون «جولة المفاوضات في كينيا الجولة النهائية التي يتم بعدها توقيع اتفاق سلام ووضع حد للحرب الدائرة في جنوب السودان منذ 20 عاما عبر اتفاق سلام سيكون دائما وعادلا». ووصف زيارة وفد الحركة بانه «حدث كبير». وكانت الحركة الشعبية استهلت نشاطاتها في الخرطوم الاربعاء الماضي عبر تنظيم مؤتمر صحافي، وذلك للمرة الاولى منذ اندلاع الحرب الاهلية، اذ كانت تركز نشاطاتها في الخارج والجنوب قبل ذلك. وكان في استقبال الوفد مبارك الفاضل المهدي مستشار الرئيس الفريق عمر حسن البشير وممثلون عن جميع الاحزاب السودانية وبينها الاحزاب الشمالية. وسيلتقي الوفد البشير ومسؤولين من حزب المؤتمر الوطني الحاكم اضافة الى احزاب معارضة. ويؤكد وصول الوفد التقدم الذي احرزه الطرفان لانهاء الحرب منذ تدخل الولايات المتحدة لدعم المفاوضات التي بدات قبل عامين. من جهته اعتبر الناطق باسم المعارضة السودانية حاتم السر زيارة وفد الحركة الشعبية للخرطوم حالياً وهي جزء من تجمع المعارضة السودانية، تؤكد ان الأطراف المعارضة ظلت تعمل من أجل هدف محدد هو الوصول الى سودان ديمقراطي موحد ينعم بالسلام والاستقرار، ورحب الحزب الاتحادي الديمقراطي بزيارة وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان للخرطوم، وقال عادل سيد احمد عبد الهادي الناطق الرسمي باسم الحزب، إن قيادة الحزب بداخل السودان سوف تلتقي مع وفد الحركة الزائر في احتفال تكريمي دعا له السيد احمد الميرغنى نائب رئيس الحزب، وسوف تشارك فيه قيادات الحزب، تعزيزا لما يربط بين الحزب الاتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية من علاقات استراتيجية متجذرة. واضاف إن «اجتماعا مشتركا سوف يعقد بين قيادة الحزب ووفد الحركة يناقش مسار العملية السلمية وضرورة ربطها بالتحول نحو الديمقراطية وتعزيز الوحدة وشمولية الحل».