تقرير إسرائيلي يتهم الحكومة بالمشاركة في تضخيم خطر أسلحة صدام المحظورة

TT

كشف تقرير لمركز ابحاث عسكرية اسرائيلي ان اسرائيل كانت «شريكا كاملا» في فشل الاستخبارات الاميركية والبريطانية الذي ادى الى المبالغة في برامج صدام حسين للاسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية قبل غزو الولايات المتحدة للعراق.

واوضح البريغادير شلومو بروم في تقرير لمركز يافا للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة تل ابيب «ان حالات الفشل في هذه الحرب تشير الى ضعف واخطاء داخل اجهزة الاستخبارات وصنع القرار الاسرائيلية».

واضاف بروم، وهو نائب سابق لقائد ادارة التخطيط العسكري الاسرائيلية، ان اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية والقيادات السياسية قدمت «تقييما مبالغا للقدرات العراقية»، مما ادى الى اثارة «احتمال ان الصورة الاستخبارية لم تكن دقيقة». ورفض ديفيد باركر المتحدث بإسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون التعليق على التقرير.

وتماثل تلك الاتهامات ما اثير في بريطانيا واميركا. وكان خبراء قد فتشوا العراق تفتيشا دقيقا وحققوا مع مسؤولين سابقين لعدة اشهر، ولكنهم لم يكتشفوا الا ادلة محدودة للغاية لدعم التقييم الذي اعد قبل الحرب لبرامج الاسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية.

واضاف التقرير انه في ما يتعلق «بالشكوك في الصورة التي رسمتها اجهزة استخبارات الدفاع، فإن الطرف الثالث في الفشل الاستخباري، وهو اسرائيل، بقي في الظل». واضاف التقرير ان الاستخبارات الاسرائيلية كانت شريكا كاملا في الصورة المقدمة للاستخبارات الاميركية والبريطانية في ما يتعلق بقدرات العراق من الاسلحة غير التقليدية». واضاف التقرير «ان السؤال الهام الذي يجب الاجابة عليه هو ما اذا كانت الاجهزة الحكومية قد حورت المعلومات الاستخبارية من اجل تحقيق الدعم لقرارهم بالذهاب للحرب، بينما جرى تشويه الاسباب الحقيقية».

ولم تشر الدراسة الى معلومات استخبارية متبادلة محددة. وكان المسؤولون الاسرائيليون يبلغون الصحافيين الاجانب قبل بداية الحرب ان اسرائيل والولايات المتحدة تتشاركان المعلومات، ولا سيما في ما يتعلق بامكانية بالصواريخ العراقية والاسلحة غير التقليدية التي يمكن استخدامها ضد اسرائيل. وذكر التقرير ان وكالات الاستخبارات اعماها «تصور احادي البعد لصدام حسين».

وقال ان «درجة معينة من القلق الاستخباري مبررة. ولكن المشكلة تتركز في ان يأخذك الحماس الى التطرف، كما اوضحت قضية المعلومات الاستخبارية حول العراق».

واوضح التقرير انه «عندما اصبحت الاستخبارات الاسرائيلية على علم بأن رئيس النظام نقل بعض المواد من العراق الى سورية، قدمت الاستخبارات الاسرائيلية الصورة ـ بما في ذلك التسريبات لوسائل الاعلام ـ وكأن العراق ينقل اسلحة دمار شامل الى الخارج لاخفائها». وحملت الدراسة المسؤولين في الاستخبارات الخطأ لرفضهم السيناريو الاكثر احتمالا بان صدام ومساعديه ينقلون الاموال او ابناء الاسرة خارج البلاد تحسبا للحرب.

ولاحظت الدراسة ان الحكومتين الاسرائيلية والاميركية اختلفتا في العقد الماضي حول «اهمية العديد من التهديدات في الشرق الاوسط». وقال التقرير ان اسرائيل ادعت بصورة عامة ان ايران تمثل خطرا اكثر جدية من العراق، لان العراق «تحت السيطرة». الا ان واضع التقرير اشار الى انه «بعدما قررت ادارة (الرئيس الاميركي جورج) بوش اتخاذ اجراء ضد العراق، كان من الصعب على اسرائيل الحفاظ على موقفها بان التعامل مع العراق ليس الاولوية المطلقة، ولا سيما عندما كان من الواضح ان الحرب ستخدم مصالح اسرائيل».

وقد دفع التقرير النائب يوسي سريد وهو عضو في حزب مرتست بتجديد مطالبه السابقة باجراء تحقيق. وقال المحللون ان صورة «استخبارية مبالغا فيه وحادة للغاية» اضعفت ثقة الرأي العام والثقة الدولية في اجهزة الامن الاسرائيلية. وذكر التقرير ايضا ان مؤسسة الدفاع الاسرائيلية اجبرت على انفاق «قدر كبير من المال لمواجهة تهديدات كانت اما غير موجودة او غير مرجحة بصورة كبيرة».

الجدير بالذكر ان دور وكالات الاستخبارات الاسرائيلية، حتى الآن، في تقييم التهديدات التي كان يمثلها نظام صدام حسين ـ وفشل المحققين حتى الآن في العثور على ادلة لوجود برامج واسعة النطاق للاسلحة الكيميائية والبيولوجية ـ لم يصبح موضوعا للنقاش والجدل في اسرائيل. وبالمقارنة تعرض رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى هجمات حادة من النقاد المحليين، الذين قالوا ان التقارير الاستخبارية قبل الحرب حول برامج صدام للتسلح كانت اما خاطئة او تم التحكم فيها، او الاثنان معا. كما واجه بوش انتقادات لعدم اكتشاف ادلة، في الشهور التي اعقبت الحرب، بأن صدام خزن عناصر كيماوية وبيولوجية، وان كان الرئيس لم يضطر الى انفاق جهد سياسي بالحجم الذي انفقه بلير في الدفاع عن وجهة النظر القائلة بانه تم المبالغة في التهديدات بطريقة متعمدة. وقال بروم، وهو كبير باحثين في واحدة من اهم مؤسسات البحث الاسرائيلية وهو مركز يافا للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل ابيب، ان الاستخبارات التي قدمتها اسرائيل لعبت دورا هاما في دعم قضية التحالف لاسقاط صدام حسين.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»