شيراك يعلن في تونس رفضه الحجاب وتصويت المهاجرين في الانتخابات المحلية

الرئيس الفرنسي يؤكد على علمانية بلاده وعدم ارتداء شارات دينية في المدارس

TT

بعد تصريحات الرئيس الفرنسي جان شيراك عن حقوق الإنسان ودفاعه القوي عن النظام التونسي، التي أثارت في فرنسا جدلا حاميا، وعرضته لانتقادات عنيفة من قبل أحزاب اليسار والخضر، من المتوقع أن تثير تصريحاته أمس عن الحجاب والهجرة والعلمنة في فرنسا جدلا مماثلا. فقد اغتنم شيراك فرصة لقائه قبيل ظهر أمس مجموعة من التلامذة التونسيين في إحدى الثانويات العامة التونسية لإطلاق مجموعة من المواقف أبرزها تشدده في الإصرار على العلمانية وممارستها في فرنسا، واعتباره ارتداء الحجاب الإسلامي انتهاكا لها. وفي السياق نفسه، أعرب شيراك عن رفضه لما يسمى سياسة «التمييز الإيجابي» التي يدفع إليها وزير الداخلية نيكولا سركوزي والتي تعني تخصيص عدد من الوظائف العليا في الدولة للمتحدرين من أصول عربية وتحديدا المغاربية. وجاءت هذه التصريحات بعد تصريحات أخرى أدلى بها أول من أمس، رفض فيها منح الأجانب المقيمين في فرنسا منذ مدد طويلة و بصورة شرعية حق الاقتراع في الانتخابات المحلية على غرار ما منح للأجانب من جنسيات أوروبية. وتبدو مواقف شيراك متشددة بخصوص مسألة الحجاب والعلمنة. إلا أنها تصب في الاتجاه عينه الذي يصب فيه الرأي العام الفرنسي الذي اظهرت استطلاعات الرأي المتكررة تصلبه إزاء مسألة الحجاب. غير ان الرئيس الفرنسي لم يعلن موقفا ما من فائدة استصدار تشريع في البرلمان يمنع ارتداء الشارات الدينية الظاهرة، في إشارة الى الحجاب في المدارس أو في الدوائر الحكومية والرسمية.

وفي الأسابيع الماضية، طردت عدة طالبات من المدارس لإصرارهن على ارتداء الحجاب. وأعلن الرئيس الفرنسي أن بلاده «شعرت بشكل ما وكأنها تعرضت للتعنيف من خلال علامات دينية ظاهرة، الأمر الذي يتعارض مع تقاليدها العلمانية». واكد شيراك ان ارتداء الحجاب «يحمل معنى عدوانيا» ورغم هامشيته فإنه «يتناول مسألة مبدئية». وأعرب شيراك عن رفضه لما توحيه الشارات الدينية الظاهرة من دعوة تبشيرية، مكررا إصراره على ضرورة احترام العلمانية في المدارس. وذهب الرئيس الفرنسي الى الإعراب عن قلقه من « الانحرافات» التي تتجلى في سلوك «أقلية من الجالية الإسلامية في فرنسا» التي يقدر تعدادها بخمسة ملايين شخص. ورأى شيراك أن ثمة «قراءات للإسلام لا تتلاءم مع العلمنة». والى جانب هذه المواقف الرافضة، حرص شيراك على إيصال رسالة إيجابية الى المسلمين في فرنسا بتأكيده أنه «لا توجد أية مشكلة مع غالبية المسلمين» في فرنسا وأن الدولة الفرنسية تريد تسهيل «اندماج» المهاجرين في المجتمع الفرنسي. ومنذ ولاية شيراك الثانية، استصدرت الحكومة قوانين جديدة متشددة في ميدان الهجرة خصوصا غير الشرعية، كذلك أبدت تصلبا إضافيا ضد انفلات الامن في المدن الكبرى و ضواحيها بدفع من وزير الداخلية سركوزي، الذي يبدو أنه منافس جدي للرئيس شيراك الذي يتفوق عليه في شعبيته. وينتظر أن تذيع لجنة خاصة يرأسها الوزير السابق برنار ستازي توصياتها حول مسألة العلمنة في 11 من الشهر الجاري. بموازاة ذلك، اعرب شيراك عن عدم قبوله لمبدأ «التمييز الإيجابي »الذي يذكر بالنموذج الأميركي والذي وصفه بأنه «غير ملائم». وتتعين قراءة هذه التصريحات على ضوء التنافس الضمني بين شيراك وسركوزي في الاستحقاقات السياسية المقبلة، وكذلك يتعين فهمها على ضوء الجدل السياسي الحالي الذي تثيره مسألة الحجاب فيما تجرى الانتخابات الإقليمية في فرنسا في الربيع المقبل ومن هنا تأتي أهمية إعلان شيراك رفضه لمنح الأجانب غير الأوروبيين حق الإقتراع فيها. وحتى الآن يبدو المجتمع الفرنسي غير مهيأ لعبور هذه الخطوة مما يدفع بالسياسيين إلى أخذ ذلك بعين الإعتبار.