مؤتمر «الفكر العربي» ناقش توصيف الأمراض العربية

TT

اكد مثقفون واكاديميون عرب ان الانهيارات العربية المتلاحقة اودت بكل شيء ولم يبق للامة غير الثقافة للالتفاف حولها. ومن هنا تصاعدت اصوات في اليوم الثاني لاعمال «المؤتمر الثاني للفكر العربي» امس، تطالب بقمة عربية تخصص لرسم استراتيجية عربية ثقافية مشتركة وحماية ما تبقى. لكن الاكاديمي محمد الرميحي تدخل راجياً ابعاد السياسيين عن التدخل «خوفاً من ان يتخذوا قراراتهم الثقافية على طريقة قراراتهم السياسية».

وشهد اليوم الثاني للمؤتمر انعقاد اربع جلسات عمل افتتحت بمحور «المستقبل الثقافي العربي» تلاه محور «المستقبل الاجتماعي العربي» و«المستقبل الاقتصادي العربي» لتنتهي جلسات يوم امس بمناقشة «مستقبل العلاقات العربية ـ الاميركية» وحوار مفتوح مع رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري محور «العلاقات العربية ـ الاميركية» قدم البحث الخاص به فواز جرجس استاذ العلاقات الدولية في جامعة سارة لورنس في نيويورك، معتبراً «ان أية دولة خارجية لن تتمكن، مهما كانت قوية، ان تقوم بالاصلاح المطلوب. اذ ان مخططات الاصلاح عن طريق اعتماد اسلوب الصدمة ستؤخر العملية الليبرالية والديمقراطية». وبشر جرجس بأن بعض الاشارات تدل على «ان المعتدلين يستعيدون مكانتهم في ادارة (الرئيس الاميركي) جورج بوش. وهذه فرصة كبيرة امام العرب للافادة منها».

ويمكن وصف اليوم الثاني بأنه نهار توصيف الامراض العربية. لذلك ربما كانت المداخلات قاتمة. ولعل اوضحها تشاؤماً هي تلك التي عاينت الوضع الاقتصادي، فالارقام كانت كافية لاعطاء صورة لا لبس فيها. فقد جاء في بحث حازم الببلاوي، مستشار صندوق النقد الدولي في الامارات، تأكيده على ضرورة «ان نبدد اي وهم في وجود مستقبل اقتصادي عربي موحد في الوقت الراهن» و«ان العلاقات التجارية العربية هي امتن مع الخارج منها في ما بينها». ووصف الببلاوي المنطقة بأنها «بالغة الشذوذ من حيث ظروفها البيئية والاقتصادية لانها تتمتع بوفرة كبيرة في مصادر الطاقة (البترول) مقابل ندرة شديدة في المياه. ويمثل العرب 5% من سكان العالم، لكن معدل النمو في المنطقة العربية هو من اسوأ المعدلات على الاطلاق باستثناء افريقيا جنوب الصحراء».

وتكررت في جلسات الامس حوارات حول: من اين يبدأ الاصلاح بالسياسة كي تصلح الثقافة ام بالعكس؟ وقد حسم المفكر محمد جابر الانصاري، المستشار الثقافي والعلمي لملك البحرين الخلاف قائلاً: «عوامل التآكل تقضم الامة منذ قرون لا منذ عقود. وهناك جدلية عضوية بين العوامل الخارجية والداخلية». واضاف: «يقال اننا نعيش ازمة افكار وازمة مفكرين، واقول انها ازمة قرار، فعند كل مسؤول عربي عشرات الملفات باصلاحات واقتراحات ودراسات تنتظر منه ان يتخذ قراره ويحسم امره». لكن الانصاري اعتبر انه رغم ذلك فان تبليغ اصحاب القرار العربي بتوصيات المؤتمر الثاني كما حدث بعد المؤتمر الاول مسألة مهمة «لأن الشراكة بين اصحاب المال والقرار والفكر هي شراكة مصيرية، وفرصة وفرتها مؤسسة الفكر العربي لن تتكرر مرة اخرى».

وكانت المصطلحات ومشكلتها في اللغة العربية قد اثارت جملة من النقاشات خلال جلسة «مستقبل الثقافة العربية». ورغم ان الحكام العرب كانوا نسبياً في مأمن من هجمات المثقفين عليهم في اليوم الثاني للمؤتمر، الا ان ثمة من طالب بإطلاق سجناء الرأي والثقافة.

وبمناسبة المحور الاجتماعي عدّد الحاضرون عورات الحاضر العربي التي شملت البطالة، الفقر، الامية، العنوسة، الطلاق والتعليم. وتكررت العودة الى تقرير التنمية وارقامه المأساوية، ليلفت الاكاديمي والباحث حليم بركات الى استغرابه الاهتمام غير المسبوق من قبل الصحافة الاميركية بالتقريرين الصادرين حول التنمية في السنتين الاخيرتين بينما لم يكن هناك اي اهتمام بهذا الموضوع من قبل. ويختتم المؤتمر اعماله مساء اليوم بعد سلسلة من الجلسات التي تناقش علاقة العرب بأفريقيا وآسيا واوروبا. كما تخصص جلسة للشباب. وسيكون حوار خاص مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.