23 ألف قطعة أرض تسكنها الأشباح في جدة

أحلام ذوي الدخل المحدود لا تكتمل بالحصول على منحة أرض وتأخر الخدمات يفوت عليهم فرصة الفرحة

TT

«ما كل ما يتمناه المرء يدركه» قالها عبد الله سعيد، الموظف الحكومي وهو يشير الى قطعة الارض التي حصل عليها من أمانة محافظة جدة ضمن المنح التي تقدمها الدولة لمواطني الدخل المحدود لبناء مساكن لهم. مضت سنوات على حصوله للمنحة التي تقع شمال مدينة جدة ويقول «وكنت اعتقد انني بالحصول على قطعة الارض هذه قد حققت حلمي وسأبدأ ببناء منزلي تدريجيا حسب امكانياتي، ولكن وبعد ان شاهدتها على ارض الواقع اعتقد أن علي اولا ان انتظر ان يصلها المعمار، وذلك سيستغرق زمناً طويلا،ً ثم علي ان انتظر حتى تصل اليها الخدمات لأقوم ببناء منزل اسكن فيه واسرتي». هذا ليس حال عبد الله فقط ولكن معظم الذين يحصلون على منح لا يتمكنون من الاستفادة منها الا بعد مضي سنوات طويلة، فضلا عن الحصول على قروض البناء التي يقدمها الصندوق العقاري. ويضيف عبد الله الذي يصل دخله الشهرى الى نحو 1200 دولار شهريا «ارهقني الايجار وزيادة اسعار الشقق»، اسعار الاراضي مرتفعة او كما يصفها «نار» ما يعني ضرورة ان يلجأ الشخص الى الاستدانة.

وكانت امانة محافظة جدة قد وزعت خلال العامين الماضيين اكثر من 23 الف قطعة ارض، واغلب المستفيدين وبمجرد ان يقرأ اسمه في الصحف المحلية، ترتسم امامه صورة المنزل الصغير، وبعدها يكتشفون ان المعاناة لا تقتصر فقط على ايصال الكهرباء والماء والهاتف، ولكن اكثر من ذلك، فمناطق المنح لا تتوفر فيها الخدمات المساندة التي تشجع هؤلاء على تأسيس حي يشجع على البناء، والبقاء فيها سواء كانت مدارس او شوارع او حتى مرافق حكومية وخدمية، وهو ما يدعو الى التساؤل لماذا تحظى المخططات الاخرى بالخدمات فيما تبقى المنح هكذا من دون أي شيء.

المهندس سمير حمدي مدير الاراضي والممتلكات بأمانة جدة قال لـ «الشرق الأوسط» ان الامانة منحت خلال العامين الماضيين اكثر من الف مواطن ومواطنة في مخطط سكني في ضواحي جدة، كما ان اجراءات الافراغ لا تستغرق الا يومين فقط بعد ان يقوم الشخص بتسلم الظرف الخاص به بنفسه من قبل الامانة، مشيرا الى ان جميع هذه المخططات لم تصلها الخدمات حتى الآن، وتوقع ان تصلها قريبا عند وصول العمران اليها. وقال مدير الاراضي «كنا نواجه مشكلة مع كتابة العدل من ناحية بطء تنفيذ المعاملات نتيجة زحمة الطلبات وانهاء الاجراءات، وجرى حلها، فبدلا من ان تستقبل كتابة العدل 100 معاملة فقط فهي تتلقى حاليا 250 معاملة، وذلك بتخصيص ادارة خاصة بالمنح تقوم بانهاء اجراءات كتابة الصكوك». ولم ينكر المهندس حمدي وجود مشاكل في بعض الاراضي الممنوحة حيث يتضح فيما بعد وجود صك آخر لنفس الأرض الممنوحة، معتبرا ان السبب في ذلك هو صدور استحكامات عليها بعد المنح. وقال «اننا نحاول وقف هذه الاستحكامات والقضاء على هذه المشكلة» ورفض ذكر نسبة هذه الاراضي التي عليها مشاكل، الا انها «بنسبة كبيرة» حسبما قال.

ويرى نواف السبيعي المتخصص في العقار، ان مخططات المنح الحالية بعيدة عن مواقع المعمار ولكن ربما يصل اليها البناء خلال السنوات الخمس المقبلة، بينما بعض المخططات تحتاج الى سنوات اطول. ويضيف السبيعي انه بالنسبة للخدمات فجميع المخططات الحالية التي تم منحها مؤخرا لم يتم ايصال الخدمات من كهرباء واسفلت وبنية تحتية اليها، وربما يكون حتى مجرد الحديث عن ذلك امرا مبكرا خاصة ان تلك المخططات بعيدة جدا، ومن المستحيل ان يصل اليها العمران. وعن اسعار هذه الاراضي في حالة رغب احد الحاصلين على المنحة بيعها، قال السبيعي ان اسعار المنح ليست مرتفعة كونها كما اشرت بعيدة عن المدينة وتبدأ الاسعار غالبا من 5000 ريال (الدولار 3.75 ريال) وغالبا يفضل اصحاب المنح الاحتفاظ بها بدلا من بيعها، كون اسعارها رخيصة ويتركونها بانتظار وصول الخدمات اليها والتي تسهم في رفع اسعارها .