قمة «5+5» تشدد على التعاون الأوروبي ـ المغاربي في مكافحة الإرهاب والاندماج الاقتصادي

العاهل المغربي غاب عن الجلسة الختامية بعد فشل عقد لقاء بينه وبين بوتفليقة

TT

اختتمت القمة الاولى لرؤساء دول وحكومات دول الحوض الغربي للبحر المتوسط المعروفة بمجموعة «5+5» أمس في غياب العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الاسبانية خوسيه ماريا اثنار، وكذلك في إصرار الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي على التزام الصمت في الجلسة الختامية على غرار جلسة الافتتاح التي تحدث فيها جميع القادة المشاركين.

وكانت مصادر إعلامية قد ذكرت ان القذافي سيتحدث في جلسة الاختتام، الا انه اكتفى باجراء حوارات جانبية على منصة الرئاسة مع الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

وقد غاب رئيس الحكومة الاسبانية عن الجلسة الختامية بسبب مغادرته تونس الليلة قبل الماضية. كذلك لم يحضر الملك محمد السادس الجلسة الختامية رغم وجوده في تونس، مما اثار تساؤلات عديدة خاصة في ظل عدم نجاح الوساطات التي بذلها بعض القادة المشاركين في القمة من اجل تحقيق لقاء قمة بين الملك محمد السادس والرئيس بوتفليقة.

وأرجع مراقبون عدم التمكن من عقد لقاء بين الملك محمد السادس وبوتفليقة الى قضية الصحراء الغربية التي كان العاهل المغربي قد قال عنها في جلسة الافتتاح ان قضية الصحراء «نزاع مفتعل حول وحدة المغرب الترابية ومجال للتوتر والنزاع وبؤرة مشتعلة للارهاب تهدد المنطقة المغاربية».

ووصف الرئيس التونسي قمة «5+5» بأنها «حدث تاريخي» نظرا لما تم التوصل اليه فيها من نتائج مهمة سواء فيما يتعلق بالامن والاستقرار او الاندماج والتعاون الاقتصادي او الهجرة او الحوار السياسي، مشيرا الى ان ما يجمع الدول العشر أقوى مما يفرقها.

وقد أصدرت قمة «5+5» اعلان تونس الذي أكد على ادانته الشديدة للارهاب بجميع اشكاله والالتزام بمكافحته على جميع المستويات، وبشكل خاص تعزيز التعاون الوثيق القائم بين وزراء داخلية الدول العشر، والتأكيد على ضرورة عقد مؤتمر دولي حول ظاهرة الارهاب بإشراف الأمم المتحدة.

وعلى صعيد التشاور السياسي، دعا الاعلان الى تفعيل مسيرة السلام في الشرق الأوسط طبقا للشرعية الدولية، وبما يعزز التوصل الى تسوية عادلة وشاملة ونهائية للنزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني.

كما أعرب قادة قمة «5+5» عن دعمهم لاستعادة العراق سيادته والحفاظ على وحدة شعبه وسلامة أراضيه.

ورحب وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى في مؤتمر صحافي عقده اثر اختتام اعمال القمة باعلان الرئيس بوتفليقة انعقاد قمة دول اتحاد المغرب العربي قبل نهاية هذا الشهر في الجزائر.

ورفض بن يحيى في رده على بعض الاسئلة التعليق على عدم إلقاء القذافي خطابا في جلستي الافتتاح او الاختتام. كما رفض التعليق حول ما اذا كانت قد عقدت قمة ثنائية بين العاهل المغربي والرئيس الجزائري.

وردا على سؤال آخر حول وجود توافق بين الدول المغاربية والدول الاوروبية حول القضية الفلسطينية، أكد بن يحيى ان هناك توافقا في المواقف بخصوص هذه القضية، وذلك انطلاقا من التزام المجموعتين بتطبيق الشرعية الدولية، وخاصة في ما يتعلق بتطبيق خطة «خريطة الطريق»، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عام 2005.

وذكربن يحيى ان عدم تحديد موعد ومكان القمة المقبلة لمجموعة «5+5» يعود الى ضيق الوقت، حيث سيواصل وزراء الخارجية اجتماعاتهم من اجل ذلك، والتي يتوقع ان تكون في احدى دول الضفة الشمالية لأوروبا، بعدما انعقدت القمة الاولى في جنوب المتوسط بتونس.

وقال بن يحيى ان قمة «5+5» في تونس لن تكون الاخيرة، مؤكدا انه تم الاتفاق على دورية هذه القمة.

كما أكد وزير خارجية تونس على أهمية ما تم التوصل اليه بخصوص الاندماج الاقليمي والتعاون في المجال الاقتصادي، خاصة تطوير الاستثمارات من خلال إنشاء منتدى متوسطي للاعمال والاستثمار في غرب المتوسط ينعقد سنويا، بالاضافة الى اهمية تطبيق التسهيلات الاورو متوسطية في مجالي الاستثمار والشراكة تمهيدا لإنشاء المصرف الاورومتوسطي.

تجدر الاشارة الى ان قمة حوار «5+5» قد ناقشت خلال اجتماعاتها مشروع ميثاق السلم والاستقرار في الحوض الغربي للمتوسط والذي تقدمت به ليبيا، الا انها لم تتخذ قرارا بشأنه، وتم الاكتفاء بالاشارة الى ان القمة قد اخذت علما بهذا المشروع.

وفسر مراقبون عدم اتخاذ قرار بخصوص المقترح ربما كان أحد أسباب ملازمة القذافي الصمت طوال القمة.

واعرب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي من جهته عن امله في ان يتواصل الحوار المغربي الاوروبي، وقال: «نأمل ان يكون لحوارنا خير مستقبل وافضل سبيل الى التفعيل على ارض الواقع». ورأى ان هذا الاجتماع افتتح «مسيرة جديدة على درب التعايش في كنف التفاهم والتعاون والتضامن الاوروبي المتوسطي». واشار الى ان الحوار كان «عميقا وصادقا وجديا». وتابع «مكنتنا الارادة التي تحدونا جميعا من التوفق الى رؤية مشتركة جسدها اعلان تونس بأفضل الوجوه».

واكد الرئيس الفرنسي ان القمة حققت «نجاحا باهرا»، وقال اثر انتهاء الاجتماع ان المجموعة «مدعوة الى لعب دور رئيسي من اجل السلام والحوار والرخاء في حوض المتوسط الشرقي»، و«سنحرص على الا يبقى هذا الحدث معزولا. وان نجاح هذه القمة يجب ان يحثنا على القيام بخطوات جريئة من اجل المساهمة في بناء مغرب موحد داخل مساحة اوروبية متوسطية متجددة وديناميكية وخصوصا متضامنة».

كذلك رحب رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني بنتائج القمة، وقال اثر انتهاء القمة: «لدى دول المتوسط الغربي مشاكل عديدة مشتركة بينها مشكلة الهجرة»، مؤكداً ان دول «المغرب (العربي) تمثل دولا للترانزيت باتجاه اوروبا وتشكل حاجزا» للهجرة غير الشرعية، و«علينا ان ننسق معها». وتابع برلوسكوني الذي ترأس بلاده حاليا الاتحاد الاوروبي «سأقترح خلال اجتماع المجلس الاوروبي في 12 و13 من الشهر الجاري في بروكسل عقد لقاء بين المفوضية الاوروبية ودول المغرب (العربي) لدراسة احتمال تقديم مساعدة اقتصادية من الاتحاد الاوروبي الى دول المغرب لكي تتمكن من التحكم في الهجرة».

وصف رئيس المفوضية الاوروبية رومانو برودي القمة بـ«الايجابية جدا»، مشددا على اهمية ان تترجم بـ«تقدم سياسي حقيقي في المغرب». وعبر برودي عن امله في بدء «حوار رسمي مع ليبيا»، الا انه اشار الى ان على ليبيا ان «تبيض صفحة ماضيها بشكل كامل وصحيح»، في اشارة الى مسألة التعويضات التي يفترض بطرابلس ان تدفعها الى اسر ضحايا طائرة «يوتا».