فرنسا وليبيا تفشلان في التوصل إلى حل بخصوص تعويضات «يوتا» وباريس تلوح «بمردود سلبي» على العلاقات

TT

فشل الجانبان الفرنسي والليبي، رغم يومين من الاتصالات المكثفة والوساطة التونسية، في الوصول الى تسوية حول ملف التعويضات الليبية الاضافية لضحايا عائلات طائرة «يوتا» الفرنسية التي فجرت فوق صحراء النيجر عام 1989 موقعة 170 قتيلا.

وجاء هذا الفشل رغم التوقعات المتفائلة التي عبر عنها الرئيس الفرنسي جاك شيراك خلال هذا الاسبوع مستندا الى وساطة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ووساطة مسؤولين عرب آخرين بينهم مسؤولون جزائريون. وأمس، اعترف شيراك علناً بالفشل واعلن في مؤتمر صحافي عقد عقب نهاية اعمال قمة «5 + 5» في تونس انه كان قد تصور امكانية الوصول الى حل (مع ليبيا) مع استئناف الاتصالات بين مؤسسة القذافي الخيرية وتجمع عائلات الضحايا. وأضاف شيراك: «الحل النهائي لم يتوفر حتى الآن وصدقوني انني آسف لذلك».

وجدد الرئيس الفرنسي دعوته لليبيا الى تنفيذ التزاماتها «التي قطعتها على اعلى المستويات». وعاد الى التهديد باستغلال «كل النتائج» في حال استمرت طرابلس في المماطلة. وقال شيراك: «هذا الامر، للأسف، يمكن ان يكون له مردود سلبي على اعادة اطلاق العلاقات الثنائية وعلى عودة ليبيا الكاملة الى المجموعة الدولية». وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة في تونس ان المفاوضات بين مسؤولين ليبيين وفرنسيين استمرت حتى فجر امس، لكن من دون طائل. ووصف شيراك العلاقات مع ليبيا بأنها «دائما معقدة» وانه يقول ذلك «من غير عدوانية».

وكان واضحاً من خلال الجلسة الافتتاحية والختامية لقمة «5 + 5»، ان بين شيراك والقذافي بروداً في العلاقة، اذ انهما لم يتصافحا علنا وتجاهل احدهما الآخر باستمرار، فيما امتنع القذافي عن التصفيق لشيراك بعد خطابيه في الجلستين.

وبدا الاحباط واضحا على المسؤولين الفرنسيين المعنيين بالملف. ورغم ان شيراك اشار الى استئناف الاتصالات التي قطعت الاسبوع الماضي بين مؤسسة القذافي وعائلات الضحايا، فإن الشعور السائد هو ضياع فرصة «ذهبية» للانتهاء من هذا الملف والالتفات الى شيء آخر.

ودأب شيراك خلال هذا الاسبوع على التذكر بان بلاده ترغب «في علاقات عادية» مع ليبيا، مما فهم على انه دعوة لها الى اغلاق هذا الملف. وتبدو الاوساط الفرنسية حائرة في تفسير السلوك الليبي.

وعلمت «الشرق الأوسط» من عدة مصادر في تونس ان النقطة الخلافية تكمن في رفض ليبيا تحويل قيمة التعويضات الى حساب في الخارج دفعة واحدة، مع التوقيع على الاتفاق النهائي وانها تريد ان يتم ذلك على دفعات تصل الى خمس سنوات، الأمر الذي يرفضه الجانب الفرنسي. وبحسب المعلومات المتوافرة فان مسودة الاتفاق تنص على ان تدفع ليبيا 170 مليون دولار لعائلات الضحايا وان تدفع كذلك 30 مليون دولار اضافي الى العائلات التي لم تحصل على أية تعويضات عام 1999 عندما حولت ليبيا مبلغ 34 ميلون دولار استفاد منها قسم من عائلات الضحايا.

وكان السيناريو المتفائل يقوم على الوصول الى اتفاق نهائي يعلن عنه في تونس ويليه اعلان سياسي يؤكد فيه البلدان رغبتهما في فتح صفحة جديدة ويتوج كل ذلك بلقاء قمة ثنائية فرنسية ـ ليبية او بحضور الرئيس التونسي، لكن ذلك لم يحصل.

وكانت اوساط دبلوماسية في تونس قد اعربت عن مخاوف من «تصادم» بين شيراك والقذافي، في حال بقيت ازمة «يوتا» على حالها. واللافت ان القذافي لم يتحدث لا في الجلسة الافتتاحية ولا في الجلسة الختامية، فيما رافقه رئيس الوزراء شكري غانم ووزير الخارجية عبد الرحمن شلقم. وكان التفسير «الرسمي» لذلك ان رئاسة المؤتمر اعطته ست دقائق لالقاء كلمته لكنه رفض باعتبار ذلك غير كاف.

ومن جانبه، قال القذافي في تونس امس ان الخلاف مع فرنسا حول التعويض لضحايا الاعتداء على طائرة يوتا «في طريقه الى الحل»، معتبرا ان العلاقات مع فرنسا «جيدة». واكد ان «ان دولة ليبيا قامت بما عليها» معتبرا ان الامر بات في ايدي المفاوضين.