بعد تراجع «شيخي التحريض».. ظهور الرشود محرضا على الإرهاب في السعودية

ارتبط مع أحد قتلى قائمة الـ19 في تجمهر «المفتي» وأثنى على قائد اعتداء «المحيا» وتلفظ على العودة والعمر

TT

ما ان هدأت موجة التحريض في السعودية، وقبض على مجموعة من قيادات تياره وتراجع اثنان منهم عن الفتاوى والآراء التكفيرية والتحريضية السابقة، حتى ظهرت على الساحة الدينية شخصية أخرى، كانت تنشط بشكل خفي في الفترة السابقة، غير انها تبوأت خلال هذه الفترة الأخيرة المرتبة الأولى لدى التيار الارهابي.

المحرض هو عبد الله محمد الرشود، الهارب من العدالة الذي اختبأ في مكان مجهول في السعودية. والرشود في الثلاثينات من عمره، ولد في مدينة الأفلاج وانتقل للرياض للدراسة الجامعية في كلية الشريعة ثم عمل مدرساً في المعهد العلمي في محافظة النماص الجنوبية، وبعدها انتقل الى معهد القويعية بالقرب من الرياض. وبعد فترة تمكن من الانتقال الى الرياض، غير انه استقال من الوظيفة الحكومية، من دون أسباب واضحة، ليسجن لشهرين عام 1997.

وحسب مصادر متعددة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن مكان اختباء الرشود ما زال غامضاً، من دون ان ترد تأكيدات ان كان قد تمكن من الفرار الى العراق. غير ان أقرب الاحتمالات تشير «الى انه ما زال في السعودية مختبئا». وكان له الهروب من أجهزة الأمن بعد ان قاد عملية تجمهر في الرياض أمام منزل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، قبل أقل من عام، وكان بمعيته أحمد الدخيل، أحد الذين قتلوا في مواجهات الأمن مع عناصر ارهابية في هجرة غضي في القصيم في 28 يوليو (تموز) الماضي، وأحد المطلوبين ضمن قائمة الـ19 الشهيرة. وبعد انهاء التجمهر بادر الى القاء كلمة تحريضية في أحد الجوامع في الرياض، ليفر بعد ذلك من أجهزة الأمن. ويقول عنه أحد المقربين من التيار الديني المتشدد انه «شخص غير معروف في السابق، وكان حضوره يقتصر على إلقاء الكلمات في المساجد بعد الصلوات، أو تجميع عدد من الشباب صغار السن والتحدث اليهم، الا انه في الأساس يحمل الفكر الجهادي». وبعد هروبه، لم ترد أية معلومات حول مصيره، وكان غيابه يثير التساؤل أمام المهتمين بأخبار ما يسمى «التيار الجهادي». الا انه ظهر في شهر رمضان الماضي، بصورة مفاجئة عبر حوار على جزءين أجرته معه مجلة «صوت الجهاد»، واصل فيه تحريضه للمجموعات المطلوبة أمنياً وهاجم علماء الدين.

وفي شريط صوتي بث عبر موقع يختص بمتابعة أخبار ما يسمى «التيار الجهادي»، شن الرشود هجوماً على الشيخ علي الخضير اثر تراجع الأخير عن فتاواه وآرائه السابقة التي مارس فيها التحريض والتكفير والدعم للارهابيين، وكانت الخطبة التي ألقاها الرشود تتحدث عن موقف ناصر العمر، الذي أيد ادانات الخضير لفتاواه السابقة. وتعرض الرشود للقاءات تمت بينه وبين العمر الذي سماه بـ«الشيخ»، وكذلك مع سلمان العودة الذي ذكره باسمه المجرد، حاذفاً وصف «الشيخ» من اسمه. وقد تحدث عن هذه اللقاءات، وأسهب، زاعماً أن العمر والعودة «يتهربان من مواجهة أسئلة شباب الصحوة». وهاجمهما بشكل مباشر، ولم يتردد عن اتهام العودة بالكذب عليه، والتنصل من بعض آرائه التي ذكرها (العودة) في لقاء خاص جمعهما منفردين، حسبما يزعم في خطبته. وفي تعليق من أحد المهتمين بحثاً لحالة تفكك ما يسمى «التيار الجهادي»، فإنه اعتبر ان الرشود رغم انه في خطبته طرح أسئلة، وكال اتهامات، ولم يطرح فكراً، يحاول ان يوظف توبة علي الخضير وناصر الفهد لصالحه، فالرجل على ما يبدو يبحث عن «نجومية». غير انه كما يـُستشف من خطبته يفتقر الى العمق العلمي السلفي، أو كما يسميه السلفيون «التأصيل العلمي». وفي قراءة لمضمون اللقاءين الذين أجرتهما معه مجلة «صوت الجهاد» الناطقة باسم الجماعات المطلوبة أمنياً في السعودية، اتضح دعم الرشود المباشر للعمليات الارهابية التي شهدتها السعودية خلال عام 2003. فرغم انه لم يصدر دعمه بالاسم لكل حادثة، الا انه دعمها برسالته الى من وصفهم بـ«شباب الجهاد» في السعودية.

ولم تتوقف علاقة الرشود مع العناصر الأمنية المطلوبة في قائمة الـ19 الشهيرة بمشاركته مع أحمد الدخيل في التجمهر أمام منزل المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، بل إنه تحدث عن عبد العزيز المقرن المكنى بـ«أبي هاجر»، ووضعه بين مجموعة من القيادات «الجهادية»، حين تحدث عن أهم المحرضين للجهاد في السعودية، فقال انهم نشروا «شعيرة الجهاد بين كثيرٍ من شعوب المسلمين، وعلى رأسهم الإمام أبو عبد الله الشيخ أسامة بن لادن نصره الله ومن معه والقائد المظفّر خطاب رحمه الله ونائبه أسد المعارك أبو الوليد الغامدي أيّده الله ومن معه، وآخرهم القائد الفذ أبو هاجر عبد العزيز المقرن في الجزيرة العربية حفظه الله من كل سوءٍ ومكروه». ويصنف عبد العزيز المقرن، حسب معلومات أمنية، بأنه العقل المدبر والقائد حالياً لتنظيم «القاعدة» في السعودية، وأنه قائد عملية تفجير المحيا في الرياض في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وما زال مطارداً.