سلطات غوانتانامو تتفاوض مع معتقلين للاعتراف بالانتماء لـ«القاعدة» مقابل تخفيف العقوبات

TT

قال محامو بعض المعتقلين في معسكر غوانتانامو ان أفراد اول مجموعة تقرر مثولها أمام محاكم عسكرية ظلوا يتفاوضون مع سلطات التحقيق في المعسكر حول التوصل الى اتفاق يعترفون بموجبه بانتمائهم الى شبكة «القاعدة» او حركة طالبان لقاء صدور أحكام اقل تشددا بحقهم.

وقالت مصادر مطلعة ان مسؤولين اميركيين اعربوا عن املهم في ان يسفر هذا النوع من الاتفاق مع معتقلين بريطانيين اثنين وآخر استرالي عن تعبيرهم عن الندم علنا أمام المحكمة. وأوضحت المصادر ان الولايات المتحدة تهدف الى إظهار ان التعاون مع المحققين يمكن ان يؤدي الى تخفيف الاحكام المرتقبة.

واشارت المصادر الى ان المناقشات حول التوصل الى اتفاق بالاعتراف بالذنب والتعبير عن الندم لقاء تخفيف الاحكام قد جرت دون السماح للمعتقلين بتلقي نصائح قانونية. ويقول المحامون، الذين يحاولون الحصول على اذن رسمي بمقابلة المعتقلين، انهم سيحاولون إقناع المعتقلين الذين اجريت معهم المفاوضات بعدم المضي قدما فيها.

وقال ستيفن كيني محامي المعتقل الاسترالي ديفيد هيكس انه من غير المألوف ان يدخل متهم في تفاوض حول اتفاق باعترافه وتعاونه مع المحققين دون توفير استشارة قانونية له. وقال مسؤولون اميركيون واستراليون انه اعترف بتلقي تدريب لدى تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان. وقال المحامي كيني ان هيكس ظل محبوسا في زنزانة لمدة عامين وبالتالي فإن اتفاق الاعتراف بالذنب لقاء تخفيف الحكم المتوقع عليه سيكون غير منصف.

وكان ناشطون في مجال حقوق الانسان قد أدانوا سياسة الولايات المتحدة ازاء المعتقلين بمعسكر غوانتانامو في كوبا بسبب رفض مسؤولين اميركيين الحديث عن الوقت الذي سيطلق فيه سراح المعتقلين كما رفضوا ايضا السماح لهم بمقابلة محامين. وقالت المحكمة العليا الاميركية الشهر الماضي انها ستعيد النظر في حقوق المعتقلين، وذلك ردا على قضية رفعها اقرباء للمعتقلين.

جدير بالذكر ان مسؤولين اميركيين سرعوا من خطوات إطلاق سراح بعض معتقلي غوانتانامو وإرسالهم الى بلدانهم، اذ بلغ عدد من اطلق سراحهم حتى الآن 80 شخصا. ويعتقد مراقبون ان المساعي الرامية الى محاكمة المعتقلين أمام محاكم عسكرية تأتي ردا على انتقادات مجموعات حقوق الانسان التي ظلت تطالب بتوجيه تهم الى المعتقلين او إطلاق سراحهم.

وقال المحامي كيني، الذي يعمل في مدينة آديليد الاسترالية التي يتحدر منها هيكس، ان مسؤولين اميركيين لم يسمهم ابلغوه برغبة هيكس في الاعتراف بالذنب لقاء تخفيف الحكم المتوقع بحقه. كما قال محامو المعتقل البريطاني معظم بيغ انهم ابلغوا من «مصادر رسمية» بريطانية واميركية بأنه ومعتقلاً بريطانياً آخر يناقشان مع سلطات المعسكر التوصل الى اتفاق للاعتراف بالذنب والتعاون مع المحققين لقاء تخفيف الاحكام المتوقعة بحقهما. يشار الى ان مسؤولين اميركيين اعلنوا اعتزام الولايات المتحدة تقديم ستة معتقلين من جملة 660 معتقلا للمثول أمام محاكم عسكرية، واعلنت عن اسماء ثلاثة فقط من هؤلاء المعتقلين هم هيكس وبيغ والبريطاني فيروز عباسي.

وكانت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) قد اعلنت هذا الاسبوع انها عينت قانونياً عسكرياً هو الميجور مايكل موري لتمثيل هيكس أمام المحكمة. ويعتبر موري بذلك اول محام تعينه الحكومة الاميركية للدفاع عن معتقل في غوانتانامو. ومن المتوقع ان يزور كل من موري وكيني هيكس بمعسكر الاعتقال في كوبا قريبا.

وتجدر الاشارة الى ان اسر المعتقلين هي التي اوكلت المحامين للدفاع عنهم، علما بأن غالبية هؤلاء من القانونيين العاملين في مجال الدفاع عن حقوق الانسان. وكانت اسر المعتقلين قد نفت منذ البداية انتماء ابنائها الى «القاعدة» او طالبان. وقال كلايف سميث، محامي معظم بيغ، ان بوسع موكله الاعتراف بالذنب اذا اختار ذلك، لكنه اشار الى ان أي اعتراف ادلى به موكله تم بالإكراه. وأضاف انه يمكن ان يقول له «اننا نعرف انك لم تفعل شيئا».

وقال سميث ان المحققين حذروا موكله من ان محامي الدفاع سيحاولون اقناعه بعدم التوصل الى اتفاق بالاعتراف بالذنب، وقال واصفا ما يحدث بأنه «جزء من مشهد محاكمة ستالينية يحاكم فيه الشخص علنا فقط اذا اعترف بالذنب».

وقال سميث ان «مصادر حكومية» رفض تسميتها ابلغته بأن بيغ يعتزم الاعتراف بالذنب بمشاركته في مخطط كان من المفترض ان يساعد في إجراء الترتيبات لتحليق طائرة تعمل من غير طيار فوق العاصمة البريطانية بغرض رش غاز الانثراكس. إلا ان خبراء أمنيين قالوا ان هذه العملية المعقدة اكبر بالتأكيد من القدرات المعروفة للارهابيين، فيما وصفها المحامي سميث بـ«الخيالية».

ومن جانبه، رفض الميجور دون سميث، المتحدث باسم اللجنة العسكرية التابعة للكونغرس، التعليق على استجواب المعتقلين، لكنه اشار الى ان المسؤولين لم يتوصلوا مع المعتقلين الى اتفاق على الاعتراف بالذهب لقاء تخفيف العقوبة لأنهم لم يستشيروا محاميهم.

وكانت الولايات المتحدة قد اعلنت الشهر الماضي بعد مشاورات مطولة مع الحكومة الاسترالية عن اتفاق يستثني بموجبه ديفيد هيكس من عقوبة الإعدام وأن يقضي عقوبة السجن في بلده. كما توصل مسؤولون اميركيون الى ترتيب مماثل بشأن المعتقلين البريطانيين.

وقال مسؤولون اميركيون ان هيكس، الذي اعتنق الاسلام وقاتل الى جانب المسلمين في كوسوفو وكشمير، قد القي القبض عليه اواخر عام 2001 وهو يقاتل في صفوف طالبان. ونفت اسرة هيكس ان تكون له أي صلة بالارهاب، إلا ان مسؤولين استراليين اعلنوا صيف العام الماضي انه اعترف بتلقي تدريب لدى «القاعدة». وقالت اسرة بيغ انه كان يساعد في تشييد مدرسة في افغانستان عام 2002 عندما اعتقل ووضعه داخل صندوق سيارة اربعة اشخاص يتحدث اثنان منهم بلكنة اميركية. واتصل بيغ بوالده عبر الهاتف الجوال وهو داخل صندوق السيارة وبعد شهور على اعتقاله ظهر في كوبا.

*(خدمة «واشنطن بوست») ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»