الرجوب لـ«الشرق الأوسط»: لم ندخل في الحوار مع «حماس» كوكيل باطني للاحتلال

مستشار عرفات للأمن القومي: وثيقة جنيف اجتهاد في إطار الشرعية وليس خارجها وكان هناك خطأ في التعاطي

TT

أكد جبريل الرجوب مستشار الرئيس الفلسطيني للأمن القومي ان عرفات لم يبارك وثيقة جنيف وأنها لم تعرض عليه لأخذ رأيه فيها، مشيرا الى ان وزير الاعلام السابق ذهب بصفته الشخصية وهذا لا يعكس التزاما على الاطلاق من جانب القيادة الفلسطينية أو اعترافا من عرفات بالوثيقة، واصفا إياه بأنه مجرد جهد شخصي غير ملزم.

ودعا الفصائل الفلسطينية خاصة «حماس» للانضمام الى «منظمة التحرير الفلسطينية» والمشاركة في القرار السياسي، مشددا على ان المشاركة بناء على الأجندة الوطنية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» وليس حسب أجندة كل فصيل كما أن حركة «فتح» لم تدخل في الحوار كوكيل باطني للاحتلال. ونفى الرجوب ان تكون الهدنة اسقاطا للخيار العسكري وطالب الفصائل الفلسطينية ان تتخذ «حزب الله» قدوة من خلال ان تقتصر العمليات ضد الاحتلال في المناطق المحتلة فقط. وفي ما يلي نص الحديث:

* هناك اشكالية في الحوار الفلسطيني الذي يعقد حاليا في القاهرة تجاه «وثيقة جنيف» وتجاه من شارك في هذه الوثيقة؟

ـ لم أطلع على موقف رسمي لأي فصيل في هذا الخصوص لكنني اعتقد ان هذا الأمر غير منطقي وغير واقعي، الحوار يعقد على أساس برامج سياسية وليس على مواقف شخصية وأي اجتهادات في الساحة الفلسطينية اذا كانت من موقع الالتزام بمرجعية المنظمة فهي حق مشروع لأي فلسطيني أن يجتهد لكن لا يحق لأي فلسطيني أن يوقع أي اتفاق نيابة عن الشعب الفلسطيني، وما حدث في جنيف كان وثيقة تفاهم بين شخصيات من معسكري السلام الاسرائيلي والفلسطيني عرضت خلالها تصور لرؤياهم وفهمهم لآلية حل الصراع أو كأساس لحل الصراع ولا يحق لأحد أن يحرمهم من هذا الحق ما داموا فلسطينيين وطنيين، والأهم من كل ذلك انهم متمسكون بمرجعية «منظمة التحرير الفلسطينية» وبحقها في قيادة الشعب الفلسطيني، باختصار شديد هذا الاجتهاد في إطار الشرعية وليس خارج الشرعية، وبناء على ذلك أعتقد انه كان هناك مبالغة بل وخطأ في التعاطي مع «وثيقة جنيف»، يجب ترك التداعيات السلبية لهذه الوثيقة في معسكر اليمين الاسرائيلي الموجودة في مأزق، فكثير من الاجتهادات المطروحة على الساحة حاليا ستساعد في عزل شارون، فدعوا شارون هو الذي يعاني من «وثيقة جنيف»، ونحرص تماما على ألا تكون هذه الوثيقة سببا في انقسام أو اقتتال فلسطيني حيث أنه غير مطروح على الشعب الفلسطيني العودة أو عدم العودة.

* لكن الكثير يقولون من فوض هؤلاء للتحدث باسم الشعب الفلسطيني ويعترضون على المبدأ؟

ـ لا تحملوا الأمر أكثر مما يجب، ببساطة هذه أفكار عرضها مجموعة من الفلسطينيين والاسرائيليين وهي غير ملزمة لأحد، كي نقول أي صفة وكلام من هذا القبيل، واعتقد انه لا بأس بتبادل الأفكار.

* المأخذ الأساسي على «وثيقة جنيف» انه ليس بها نص يتحدث عن حق العودة للاجئين؟

ـ وأيضا ليس فيها نص يسقط حق العودة، ولا تضعني في موضع الدفاع عن «وثيقة جنيف» لأنني لم أشارك في صياغة هذه الوثيقة، لكنني فقط مثلت الرئيس عرفات في مراسم تسليم الوثيقة للحكومة السويسرية لان التوقيع عليها جرى في شهر اكتوبر (تشرين الأول) الماضي في البحر الميت.

* لكن الرئيس الفلسطيني لم يبارك «وثيقة جنيف» وبنفس الوقت يرسل مبعوثاً عنه في مراسم الاحتفال بها كيف تفسر ذلك؟

ـ الرئيس عرفات كان ملزما بمباركة جهود معسكر السلام الاسرائيلي خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها هذا المعسكر والضغوط العنيفة التي تمارس من قبل معسكر اليمين المتطرف تجاههم، وعلى الرغم من ذلك كله فموقفهم هو اقرار حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته ورفضهم للاحتلال والاغلاق والحصار، ثم ان هناك قرارات من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وقيادة حركة «فتح» ومن المجالس الوطنية باستمرار الحوار مع معسكر السلام والعمل على تقوية وتعزيز دوره، وموقف الرئيس عرفات الايجابي من معسكر السلام ليس له علاقة بـ«وثيقة جنيف».

* البعض يعتبر ان حضور وزير الاعلام الفلسطيني السابق ياسر عبد ربه التوقيع على «وثيقة جنيف» في البحر الميت ومشاركته في صياغتها موافقة غير معلنة من الرئيس عرفات عليها فهو معنى بها؟

ـ هذه لغة غير صحيحة ومرفوضة واستمرارها سيدمر الشعب الفلسطيني وينهيه، الرئيس لم يقبل اطلاقا بالوثيقة أو يتبناها، أولا هي وثيقة غير رسمية ثم انها لم تعرض عليه ولم يطلب أخذ رأيه فيها كي يتبناها أو يرفضها، باختصار شديد القيادة الفلسطينية وعلى رأسها ياسر عرفات هم أصحاب الحق في اتخاذ هذا القرار.

* الآن اصبحت الوثيقة أمر واقع وهي تلقي بظلالها اليوم على الحوار الفلسطيني وتسببت بخلافات بين مختلف الفصائل الفلسطينية التي ترفضها تماما؟

ـ هذه مظاهر غير ايجابية وليست لغة سياسية، وبرأيي ان الوثيقة يجب ان تكون أساس حوار ونقاش بين الفلسطينيين وليس لمواجهة فلسطينية بعنف جسماني أو عنف كلامي، ولندع التداعيات السلبية تكون في المعسكر اليميني الاسرائيلي، فليس هناك شيء معروض علينا كي نوافق أو نرفض، أكرر مرة أخرى «وثيقة جنيف» جهد ومن حق أي فلسطيني أن يجتهد وان يعرض اجتهاده وتصوره لآلية الحل، لكن هذا التصور غير ملزم لأحد، وأنا أتساءل ومندهش للغاية لماذا التفجير يجب ان يكون في ساحتنا، باختصار «منظمة التحرير الفلسطينية» هي المرجعية وهي المفوض لتمثيل الشعب الفلسطيني وعندما نصل الجسر يجب ان نجتازه بثوابتنا الوطنية.

* هناك مخاوف فلسطينية من مؤامرات قد تحاك وعلى سبيل المثال لقاءات مدريد ولندن؟

ـ هذا التفكير غير ايجابي وسخيف للغاية وكلٌ له اعتباره، وأتساءل هل ممنوع مناقشة قضية الشرق الأوسط في المحافل الدولية؟ وأرد يا ريت ان تستمر هذه الجهود، فنحن يجب ألا ننكفئ في بيوتنا ونترك لغيرنا قيادة معركتنا الدبلوماسية السياسية، وللأسف أقول نحن منعزلون بسبب الجمود والتخلف لدى بعض العقليات، فنحن يجب ان نذهب الى كل مكان ندعو وان نشارك وفي أي مؤتمر له علاقة بقضيتنا، ولا يوجد أي مبرر للخوف أو القلق، واعتقد ان مشاركتنا في «دتشلي بارك»، الحوار الذي عقد في بريطانيا، كانت عاملاً ايجابياً لصالح القضية الفلسطينية ولصالح جميع القوى الفلسطينية.

* شارون أرسل ابنه عومري للقائك في هذه الندوة وأنت مبعوث عن الرئيس عرفات في الوقت الذي يرفض فيه شارون التعاطي مع عرفات بل ويدعو دول العالم الى عدم التعامل معه كيف تقرأ هذه الخطوة؟

ـ شارون في مأزق وهو يبحث عن نافذة ليفلت من هذا المأزق، ونحن هنا يجب ان نشدد المطرقة على رأس اليمين الاسرائيلي من خلال تفعيل كل عناصر الضغط وأهم عناصر الضغط هو معسكر اليمين الاسرائيلي وألا نضعفه.

* لكن شارون استخدم هذه الندوة التي عقدت في لندن كدعاية له أي بالون اعلامي وليست خطوة ايجابية حقيقية لديه نستخدمها لصالحنا؟

ـ نعم شارون أثار ضجة حول هذا اللقاء ليقنع الرأي العام الاسرائيلي ان لديه قنوات اتصال مع الفلسطينيين، لكننا لدينا استعداد للجلوس مع أي شخص ولا نهرب من أحد فنحن محصنون لدينا قضية عادلة وهناك موقف عربي وموقف دولي، وأنا لدي استعداد للجلوس مع شارون وابنه ولدي قناعة تامة ان الاسرائيليين لن يحصلوا على الأمن مطلقا في ظل تنكرهم لحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والأمن واقامة دولته وحل مشكلة اللاجئين، وهذا الموقف اعرضه على جميع المستويات وأمام الجميع سواء شارون أو ابنه أو آخرين.

* هل تم قبل حوار «دتشلي بارك» في بريطانيا اتخاذ اجراءات اعادة ثقة بين الطرفين؟

ـ لم يكن هناك أي حوار ثنائي بيننا وبين الاسرائيليين على الاطلاق، كان مطلوب من الطرفين عرض موقفهم لآلية تنفيذ «خريطة الطريق»، وكان البريطانيون يريدون ان يستمعوا لأفضل الطرق لتنفيذ «خريطة الطريق»، الندوة عبارة شكل من أشكال الاستطلاع وأحد الوزراء البريطانيين الذين شاركوا قال «تعلمنا خلال يوم ونصف أكثر مما تعلمنا طيلة حياتنا عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي»، فهذه أول مرة يستمعون فيها للطرفين أمام الطرفين وخلال هذه الندوة طرحنا شروطنا للتهدئة بدءا من الحصار وانتهاء بعملية قضم أراضينا من خلال الجدار العازل.

* عودة الى الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني الذي يعقد حاليا في القاهرة ما هي قاعدة هذا الحوار وآليته وماذا عن اشكالية المشاركة في القرار السياسي؟

ـ أولا نحن نتطلع الى حوار جدي يعكس رؤية واقعية منطقية لمتطلبات المرحلة واحتياجات المستقبل بما يضمن قوة دفع وزخم ايجابي لصالح قضيتنا والحوار قاعدته الاتفاق على برنامج سياسي يحدد أهدافنا النضالية لتتناغم مع البعد الاقيمي والدولي من خلال قبولنا بالشرعية الدولية اقامة دولة مستقلة على جميع الاراضي التي احتلت في يونيو (حزيران) 1967 وحل عادل لقضية اللاجئين، وثانيا لا بد من وحدة القرار السياسي، وأقول بوضوح ان السلطة ليس لديها أية اشكالية في مشاركة كل القوى السياسية في صياغة القرار، وآمل من اخواننا في «حماس» و«الجهاد» ان يلتحقوا بركب الشرعية ويشاركوا في القرار السياسي لكن لن تكون مشاركتهم على قاعدة أجندتهم بل بناء على الأجندة الوطنية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وثالثا يجب ان تحدد الفصائل الفلسطينية جغرافية النضال، هل النضال ضد الاحتلال وفي المناطق المحتلة، أم ماذا يريدون؟ أعتقد هنا انهم يجب ان يقتدوا بالرؤية المنطقية والواقعية التي انتهجها «حزب الله» في تحرير جنوب لبنان واصراره على حصر النضال في مناطق «شبعا» من أجل تحريرها، المجال مفتوح أمام القوى السياسية للمشاركة في القرار السياسي وآمل أن يتمخض عن حوار القاهرة توحيد القرار السياسي الفلسطيني وتشارك جميع القوى من خلال «منظمة التحرير الفلسطينية» التي تتحمل مسؤولية تصميم الايقاع السياسي للشعب الفلسطيني في كل مناطق وجوده، ولن يتحرك أي فلسطيني إلا من موقع احترامه لهذه المنظمة ونحن نتمنى على «حماس» وغيرها ان ينضموا لمنظمة التحرير أو يكون هناك إطار يضمن وحدة القرار وهذا حقهم وواجبهم ومن صالحهم.

* ما هي اجندة «فتح» في الحوار؟

ـ أجندة «فتح» تتلخص أولا في التوصل الى برنامج سياسي يحدد هدف النضال الفلسطيني، ثانيا تحديد مناطق النضال والتي يجب ان تقتصر على الاراضي المحتلة لعام 1967، وثالثا اضفاء شرعية على جميع اشكال النضال والمقاومة ضد المحتلين في المناطق المحتلة واعطاء الأولوية وفرصة لخيار المفاوضات من موقع الالتزام بالثوابت الوطنية الفلسطينية وذلك لتجنيد كافة القوى المحبة للسلام ان كان في معسكر السلام الاسرائيلي أو في الاطار الوطني الفلسطيني أو في بعدنا العربي والاسلامي والدولي.

* إذن «فتح» أو السلطة لن تدعو لاسقاط الحل العسكري أو لسحب الاسلحة من المقاتلين؟

ـ «فتح» لم تأت كوكيل باطني للاحتلال لتحاور «حماس» وغير «حماس» في وقف اطلاق النار أو عدم وقف اطلاق النار. اذا اتفقنا على آلية النضال وأدواته يجب حينها ان نناضل معا ونفاوض معا، وبرأيي انه من الخطأ اعتقاد أي فصيل سياسي ان لديه اجندته الخاصة ويسعى لفرضها بغض النظر عن كل الاعتبارات المحيطة، العنف والعدوان الاسرائيلي يقاومان بتعزيز أسباب الصمود وتعزيز الوحدة الوطنية والتناغم مع بعدنا العربي وبعدنا الدولي، وبرأيي ان الحركة الاسلامية والتي هي جزء من حركات التحرر الفلسطيني يجب ان تراعي حساسية الظرف واصرار الاميركيين والاسرائيليين على نعتهم ودمغهم بالإرهاب يجب ان يتمايزوا ويصروا على انهم حركة مقاومة وطنية لها علاقة بالتحرر من الاحتلال وذلك من خلال برنامج سياسي وموقف سياسي.

* الهدنة بالطبع على رأس الموضوعات التي ستبحث في الحوار وفصائل كثيرة تطالب بالتبادلية وبضمانات دولية؟

ـ وقف اطلاق النار يجب ان يكون متبادلاً وأن يشمل جميع اشكال العدوان الاسرائيلي على الارض الفلسطينية والانسان الفلسطيني وهذا أساس موقف الفلسطينيين ولا أحد يعلم فتح مسألة حرصنا على أرضنا وعلى شعبنا.

* وماذا عن الضمانات الدولية؟

ـ دعينا نصل الجسر أولا ثم نجتازه، لا داعي للقلق ونحن لن نكون ضحية لشخص مأفون كل يوم يصدر تصريحات، لن يتم وقف اطار النار إلا وفق ضمانات اقليمية دولية قاطعة لها علاقة بأفق سياسي وبمجريات الاحداث وتطوراتها، يجب أن أسلح حلفائي العرب والاوروبيين ببرنامج سياسي ومعركتي ضد الاحتلال في المناطق المحتلة فقط، لا يوجد أية فرصة لمحاصرة اسرائيل ولخلق توازن مع الاسرائيليين إلا ببرنامج سياسي.