شارون يقرر مناقشة «مشروع أولمرت» لتسوية الصراع مع الفلسطينيين

وزراء اليمين المتطرف يهددون بالاستقالة إذا ما أقرت الخطة والمعتدلون يدعون إلى تبنيها

TT

قرر رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون عقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء لبحث المشروع السياسي الذي طرحه القائم بأعماله وزير التجارة والصناعة ايهود اولمرت لتسوية الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، الذي يدعو فيه الى انسحاب اسرائيلي أحادي الجانب.

وينطلق اولمرت في خطته هذه التي اعلنت يوم الجمعة الماضي في مقابلة مطولة مع صحيفة «يديعوت احرونوت» في عددها باللغة العبرية، من منطلق انه يريد اسرائيل ان تكون دولة ديمقراطية ذات اكثرية يهودية وبلا احتلال.

وتقضي خطة اولمرت التي تتشابه مع خطة شارون باستثناء ان رئيس الوزراء يريد حلا مؤقتا بانسحاب من 52 في المائة من الضفة الغربية، بينما تقضي خطة اولمرت بالانسحاب من 85 في المائة منها. وتقضي الخطة ايضا بالسيطرة على المعابر الحدودية وابقاء القدس المحتلة تحت السيطرة اليهودية باستثناء الاحياء العربية المحيطة بها مثل العيساوية والسواحرة والعيزرية والرام وضاحية البريد وكفر عقب وابو وديس. ولا يمانع اولمرت في مشروعه، في قيام دولة فلسطينية شريطة ان تكون منزوعة السلاح ومحاصرة بجدار امني لم يحدد مساره. وابدى استعداده لان تتعاون اسرائيل مع هذه الدولة سياسيا واقتصاديا.

وتتضمن خطة اولمرت ايضا تفكيك عشرات المستوطنات المتفرقة في الضفة الغربية وقطاع غزة، يقطن فيها ما لا يقل عن 50 الف مستوطن.

واثار اولمرت في مشروعه هذا موجة من الغضب في صفوف اليمين داخل حزب الليكود الذي ينتمي اليه والاحزاب اليمينية المتطرفة المشاركة في الائتلاف الحكومي. ودعا بعض المسؤولين الى اقالته من منصبه بسبب هذه الخطة التي تعتبر ثورة داخل حزب الليكود، خاصة انها تأتي من شخصية ترعرعت في احضان اليمين اليهودي المتطرف، اذ كان والده الساعد الايمن للزعيم الصهيوني اليميني المتشدد في تطرفه، زئيف جابوتنسكي.

وظهرت ملصقات وسط القدس المحتلة تظهر اولمرت وهتلر، الامر الذي دفع جهاز الشرطة للبدء في التحقيق في هذه المسألة التي وصفها البعض بالخطيرة ودعوة الى قتل اولمرت كما حصل قبل اقدام ييغال عمير على اغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين اثناء مهرجان سلام في وسط مدينة تل ابيب في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1994، احتجاجا على عملية السلام.

وجدد بعض الوزراء المتطرفين في الحكومة امس معارضتهم للمشروع. وقال نائب وزير الدفاع زئيف بويم للاذاعة الاسرائيلية انه يعارض هذا المشروع ويشك في ان يكون اولمرت قد نسق مع شارون في هذه المسألة، واستطرد قائلا لكنه لا يستغرب ان كشف ان الاثنين يحملان نفس الافكار.

لكن صحيفة «معاريف» الاسرائيلية نسبت الى مقربين من رئيس الوزراء قولهم ان اولمرت لم يجر اي مشاورات مع شارون قبل الاعلان عن خطته. لكن هذه الاوساط اضافت ان شارون «يعتقد بأن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات احادية الجانب. لقد حاول الناشطون في المنظمة الرئيسية للمستوطنين الاطاحة باليمين وسيحاولون مجددا هذه المرة لكنهم لن يتمكنوا من ذلك».

ومن المتوقع ان يلقي شارون في 18 ديسمبر (كانون الاول) الجاري خطابا سياسيا مهما في هرتسليا، شمال اسرائيل وفق ما ذكرته وسائل الاعلام.

وقال وزير الاسكان والبناء ايفي ايتام زعيم الحزب القومي الديني «المفدال» ان مشروع اولمرت يشكل سياسة حكومية جديدة، وهدد بالانسحاب من الائتلاف الحكومي اذا ما تبنت الحكومة هذا المشروع. وأضاف إيتام في تصريح لاذاعة الجيش الاسرائيلي انه «في اللحظة التي تصبح فيها هذه الخطابات سياسة وتتحول السياسة الى فعل،, عندئذ فان الحكومة لن تستطيع الحفاظ على تركيبتها الحالية».

واعرب عن معارضته للمشروع وزير الدولة لشؤون المالية مائير شطريت، على قاعدة ان مثل هذا الاجراء سيشكل هروبا وليس حلا. وقال شطريت ان الحكومة بحاجة الى ان تتبنى حلا اكثر وضوحا وعليها ان تتحرك لاخلاء ما اسماه بالبؤر الاستيطانية غير الشرعية في الضفة الغربية. وفي اشارة واضحة الى اعتداءات المستوطنات وعمليات التخريب التي يقومون بها ضد مزارع الزيتون الفلسطينية، دعا شطريت الى وضع حد للاعمال غير القانونية في الاراضي المحتلة.

ولم يخل الامر من تأييد لخطة اولمرت في اوساط الوزراء. فقالت وزيرة الاستيعاب تسيبي ليفني ان التنازل عن بعض الاراضي والمستوطنات امر لا يمكن تجنبه، بل انه امر ضروري. وأضافت انها تفضل القيام بذلك في اطار اتفاق «مع الفلسطينيين» واذ لم يتحقق ذلك فبإجراء احادي الجانب.

واشاد يوسي لبيد وزير القضاء بشجاعة نائب رئيس الوزراء. وقال انه اذا ما اصبح المشروع سياسة حكومية فانه لا بد على حزب العمل ان يدعمها.