وزير الإعلام السوري: لم نقدم عروضا لإسرائيل ولا سيطرة لنا على «حزب الله»

TT

اعتبر وزير الاعلام السوري، أحمد الحسن، الحديث الاسرائيلي عن عرض سوري قدم لاسرائيل بضمان هدنة في جنوب لبنان وعدم تنفيذ «حزب الله» هجمات على اهداف اسرائيلية مقابل وقف اسرائيل طلعاتها الجوية في لبنان واحياء المفاوضات على المسار السوري بأنه «كلام لا أساس له من الصحة وشائعات من تأليف العقل الاسرائيلي المتخصص ببث الاكاذيب». وأكد الوزير الحسن في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان اي كلام عن استئناف المفاوضات مع اسرائيل يبقى كلاماً لا قيمة له اذا كان يتناقض مع ما اعلنه الرئيس بشار الاسد في حديثه الاخير لصحيفة «نيويورك تايمز»، والذي حدد فيه الخطوط التي يمكن من خلالها ان تنطلق عملية استئناف المفاوضات كما انطلقت من مدريد عام 1991، مشيراً الى ان الرئيس الاسد دعا الولايات المتحدة، التي يبقى دورها اساساً في هذا المجال، الى العمل الدؤوب لاستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها. كما دعا جميع الاطراف الدولية القادرة على الاسهام في استئناف المفاوضات لبذل كل ما في وسعها للقيام بذلك.

وشدد وزير الاعلام السوري على ان الولايات المتحدة الاميركية هي صاحبة المبادرة التي انعقد بموجبها مؤتمر مدريد والقواعد التي انبثقت عنه والتي شكلت مرجعية تؤسس عليها في تحقيق السلام العادل والشامل.

وفي ما يخص العلاقة مع «حزب الله» اوضح الحسن ان الرئيس الاسد تحدث عن النظرة السورية الى هذا الموضوع حين قال ان سورية «لا تدعم حزباً او حكومة بالمعنى العام بل مواقف»، مذكراً بأنه إبان احتلال اسرائيل لأراض لبنانية في عام 1978 وتوسيع هذا الاحتلال في عام 1982 لم يكن هناك «حزب الله» انما كانت هناك مقاومات لبنانية متفرقة، مشيراً الى ان سورية دعمت وتدعم المقاومة التي تهدف الى تحرير الاراضي اللبنانية، وهذا الدعم سياسي فقط مع الاشارة الى ان واشنطن نفسها اعترفت بهذه المقاومة من خلال تفاهم ابريل (نيسان) 1996. وقال الوزير الحسن ان علاقة سورية مع «حزب الله» هي علاقة الالتزام مع اي مقاومة شريفة تناضل لتحرير الارض المحتلة. ومن هنا فإن لا سيطرة لسورية على «حزب الله». كما ان لدى هذا الحزب الكثير من الحكمة والدراية اللتين تمكنانه من اتخاذ القرارات التي تخدم مصلحة الشعب اللبناني.

وحول التهديدات الاسرائيلية الاخيرة بضرب سورية بعد الاعلان عن اكتشاف عملية انتحارية كان عضوان من حركة «الجهاد الاسلامي» ينويان تنفيذها ضد مدرسة في شمال اسرائيل، والادعاء بأن أفراد «الجهاد الاسلامي» يتلقون اوامرهم من مقر قيادتهم في دمشق، قال وزير الاعلام السوري ان دمشق اعلنت اكثر من مرة انه تم اغلاق مكاتب «الجهاد» في سورية بمبادرة من الحركة نفسها. وبالتالي فإنه لا توجد اية مكاتب لـ«الجهاد» في الوقت الحاضر علماً بأن هذه المكاتب هي مكاتب اعلامية. وما تطالعنا به اسرائيل من روايات واتهامات بين الفينة والاخرى لا تستند الى اي اساس من الصحة، وانما هي مجرد اتهامات تصب في خانة البحث عن اية ذريعة لربطها بدمشق واستفزاز سورية بهدف جر المنطقة الى حالة تفجر تضر بالسلام الذي لا تريده اسرائيل اصلاً. وقد حذر الرئيس الاسد في الخطاب الذي القاه خلال مأدبة العشاء التي اقامها على شرف الرئيس البرازيلي ايناسيو لولا داسيلفا الاسبوع الماضي من سياسات التصعيد والتطرف التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية، والاعمال العدوانية على الشعب العربي في فلسطين وسورية ولبنان، الامر الذي يمكن ان ينذر بأشد العواقب خطورة ما لم تتوفر الادارة الدولية العقلانية لحسمها وضبط الممارسات الاسرائيلية.

وفي رده على سؤال حول ملاحظة مراقبين سياسيين بوجود اشارات تودد سوري من الادارة الاميركية في حديث الرئيس الاسد الى «نيويورك تايمز» اجاب الحسن ان لا مشكلة لسورية مع الشعب الاميركي انما هو خلاف في الرؤى مع الادارة الاميركية حول بعض القضايا. وهذا الخلاف مصدره اسرائيل بالدرجة الاولى التي تحاول ان تستغل السنة الانتخابية في اميركا من خلال اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد الذين يقومون بالضغط على تلك الادارة او بعض المسؤولين النافذين فيها لاتخاذ قرارات تخدم المصلحة الاسرائيلية، إذن الخلاف مع الولايات المتحدة سببه اسرائيل. ومن هنا تبرز اهمية الحوار مع الادارة الاميركية لجلاء هذه المواقف، علماً ان سورية لم تغلق يوماً باب الحوار لا بل هي تطالب به دوماً. وحتى في الموضوع العراقي فإن خلافنا مع الاميركيين يتمحور حول رؤيتنا الاساسية بأن الحرب على العراق ستجر الى الفوضى وانعدام الامن والاستقرار وهذا ما يحصل في الساحة العراقية مما يؤثر على امن واستقرار دول الجوار.

وحول كلام الرئيس الاسد الى «نيويورك تايمز» عن قطع شوط كبير في مفاوضات السلام في اوائل التسعينات وطرح تصور لعيش دول المنطقة بسلام، وموقف سورية من تطبيع العلاقات مع اسرائيل كما ورد في مبادرة السلام العربية التي اقرت في قمة بيروت قال الوزير احمد الحسن انه حين يتحقق السلام العادل والشامل وتنسحب اسرائيل من جميع الاراضي التي احتلتها في عام 1967، تحقيقاً لتطبيق مبدأ الارض مقابل السلام وينال الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة وتقوم دولته الفلسطينية فعنذاك يصبح قيام علاقات طبيعية مع اسرائيل ممكناً. الا ان علينا في هذا المضمار ان نميز بين ضرورات الانظمة وخيارات الشعوب. فقد تقوم علاقات طبيعية بين هذا النظام وذاك لكن هذا لا يعني الزام الشعب بها. فللأخير خياراته وتوجهاته، وافراده هم الذين يقررون ما اذا كانوا يريدون علاقات طبيعية مع هذه الدولة او تلك.