«المقاومة» العراقية ثلاث مقاومات: صدامية ووطنية وإسلامية

TT

بغداد ـ ا.ف.ب: ينقسم منفذو العمليات العسكرية ضد قوات التحالف الاميركي البريطاني الى موالين للرئيس العراقي السابق صدام حسين ومناهضين له وذلك رغم تشابه هجماتهم وتوحدهم حول هدف «تحرير» العراق من الاحتلال.

ففي تحقيق مطول اجرته وكالة الصحافة الفرنسية توافقت مصادر متنوعة على تصنيف المقاتلين في ثلاث فئات: الصداميون (انصار صدام حسين)، الاسلاميون من المعتدلين الى المتطرفين، الوطنيون ويضمون بعثيين معادين لصدام حسين وعسكريين سابقين وتنظيمات اخرى ناصرية وقومية عربية.

يقول ابو محمد شيخ عشيرة في غرب العراق موال لصدام حسين ومطلع بحكم موقعه على معطيات المجموعات المناهضة للاميركيين «لا تنسيق ولا فوضى بين هذه الاطراف، الا انها تتقاطع. ويحتفظ كل طرف بهويته: جماعة النظام السابق، الاسلاميون والوطنيون». ويضيف «لا تعطي القيادة التي يترأسها صدام حسين اوامر مركزية، بل تكتفي بالتعليمات وتترك للمنفذين ان يستنسبوا». ويقول ان تعليمات الرئيس تقضي بـ«محاربة كل من يقوي الاحتلال» اكان من العراقيين او الاجانب. ووفق تأكيدات ابو محمد، التي لا يمكن التحقق من صحتها، فان الاكثر عددا من المجموعات المقاتلة هم انصار النظام السابق كما انهم الافضل تنظيما. ويقول «هم وراء العمل النوعي، يتمتعون بقدرة علانية كبيرة لا تتوفر لانواع المقاومة الاخرى. ثمة عمليات تنفذها مجموعات كبيرة منهم تضم ما بين 60 و70 مقاتلا».

صحيح ان الاسلاميين والوطنيين ينفون صحة هذه المقولات، لكن ما يدل على القدرة التنظيمية لدى المجموعات التابعة لصدام حسين ان لها موقعا على شبكة الانترنت ضمن نشرة اسبوعية اخبارية تدعى «المحرر». فبعد شهرين فقط على سقوط النظام في ابريل (نيسان) الماضي بدأ حزب البعث العربي الاشتراكي بزعامة صدام حسين بنشر بيانات سياسية دورية، وقد نشر حتى الان 18 بيانا اخرها في مطلع ديسمبر (كانون الاول) الجاري.

كما بدأ الموقع على شبكة الانترنت بعد خمسة اشهر على سقوط النظام بنشر حصيلة اسبوعية بالعمليات التي تتبناها «المقاومة الوطنية المسلحة التي يقودها ويديرها حزب البعث من خلال كوادره وفدائيي صدام وجيش القدس والحرس الجمهوري وكتائب البعث وكتائب الفاروق وقوة الحسين» حسب ما يرد في بيانات انصار النظام السابق.

وتبنت هذه المجموعات عمليات منها استهداف مركز الصليب الاحمر الدولي في 27 اكتوبر (تشرين الاول) «لانه يتعامل مع المخابرات المركزية الاميركية» كما اكدت استهداف الايطاليين في الناصرية بـ«عملية استشهادية» وعشرات الهجمات على مراكز الشرطة العراقية.

من ناحيته يؤكد حارث الضاري الاستاذ السابق في كلية الشريعة في جامعة بغداد ومن وجهاء عشيرة الضاري السنية المنتشرة غرب بغداد «ان الاسلاميين عامة هم ضد صدام حسين فكيف بالمقاومين منهم» في اشارة الى العداء الشديد الذي يكنه الاسلاميون للنظام البعثي. ويقول «صدام كان يتهم كل من يعارضه من اهل السنة المتدينين بانه وهابي».

ويوضح الضاري انه ليس على صلة بالمجموعات المقاتلة لكنه «عالم دين سني وصاحب ديوان يطلع من خلاله على ما يجري».

ويقول «المقاومة الاسلامية تتمحور حول المساجد، لا تحتاج الى تمويل كبير: المقاتلون متطوعون، الاسلحة متوفرة وكذلك الملاذ الامن لانها تقاتل بين اهلها».

ويوضح مصدر اصولي طلب عدم الكشف عن هويته ان «دافع الاسلاميين عقيدة شرعية دينية تفيد بان وجود الكافر على ارض الاسلام يحولها الى دار حرب (مقابل دار سلام) وبان المشاركة في الحرب واجبة».

ويشير المصدر نفسه الى ان بعض الاسلاميين يوالون صدام حسين وينسقون مع انصاره، خصوصا بشأن الاسلحة، انطلاقا من مقولة شرعية تفيد بان «ولي الامر ما زال رئيس الدولة لانهم لا يعترفون بالاحتلال الذي اطاح به» وبالتالي «اذا اعلن ولي الامر الجهاد يصبح الجهاد واجبا شرعيا».

بالمقابل ترفض «المقاومة الوطنية»، وفق احد عناصرها ويدعى ابو حازم، اي تنسيق وتعاون مع الصداميين لكنها تنسق مناطقيا مع الاسلاميين.

الجميع يأخذ على النظام السابق انه تخلى عن العراق بدون قتال للاميركيين. ويقول ابو حازم «غالبيتنا من البعثيين الذين خيب صدام حسين املهم ومن العسكريين الذين اهان كراماتهم».

وتختلف دوافع اطراف المجموعات المقاتلة: الصداميون يريدون اساسا عودة قائدهم الى السلطة، والاسلاميون يعتبرون الاميركيين «كفارا يجب قتالهم»، والوطنيون والقوميون يعتبرون الحرب «حرب تحرير» ضد المحتل الاميركي. كذلك تختلف اهداف عملياتهم. صحيح ان الجميع يستهدف القوات الاميركية، لكن الصداميين يؤكدون في موقعهم على الانترنت «ان كل من يتعامل مع قوات الاحتلال اجنبيا كان او عراقيا هو هدف مشروع للمقاومة».

بالمقابل لا يوافق الاسلاميون «على زهق ارواح بريئة عمدا، عراقية كانت او غير عراقية مسلمة او غير مسلمة» كما يؤكد الضاري. وبالنسبة للوطنيين «من الضروري توعية الاهالي حتى لا يتعاملوا مع المحتل لكن شرط ان لا يسيل كثير من الدماء العراقية» كما يؤكد ابو حازم.

وتتفق الجهات الثلاث على التقليل من اهمية اي دور للوهابيين والمقاتلين العرب بدون ان تنفي وجودهم باعداد ضئيلة.