خبراء حقوق الإنسان: اعتقال زوجة الدوري وابنته انتهاك للقانون الدولي

استخدام أفراد العوائل كـ «وسائل مساومة» في عملية مطاردة الهاربين يكرر ممارسات النظام المخلوع

TT

يقول خبراء ومراقبون لحقوق الانسان ان اعتقال زوجة وابنة عزة الدوري النائب السابق لصدام حسين يشكل انتهاكا للقانون الدولي ويطرح أسئلة حول قدرة الولايات المتحدة على القاء الضوء على انتهاكات حقوق الانسان من جانب دول أخرى.

فقد اعتقلت القوات الأميركية زوجة وابنة عزة ابراهيم الدوري في غارة شنتها يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في مدينة سامراء الواقعة وسط العراق.

ويتهم الدوري، الذي ظل مساعدا لصدام فترة طويلة، بتنظيم هجمات أفراد حرب العصابات على القوات الأميركية. ويبدو ان الاعتقالات تهدف الى ممارسة ضغط على الدوري لدفعه الى الاستسلام أو جمع معلومات يمكن أن تؤدي الى القاء القبض عليه. وقد أدانت جماعات حقوق الانسان الاعتقالات قائلة انه يجب ان لا يستخدم أفراد العوائل كـ «وسائل مساومة» في عملية مطاردة الهاربين العراقيين، وهو امر يكرر ممارسات النظام المخلوع.

ووصف متحدث باسم فرقة المشاة الرابعة التي نفذت عملية الاعتقال هذه العملية باعتبارها «شبيهة بعملية اعتقال شاهد عيان» يعتقل لغرض التحقيق. وقال المتحدث الذي طلب عدم ذكر اسمه انه «كان يتعين أن يكون الاعتقال الأولي مرتبطا بحقيقة أن المعتقلتين تشكلان أساسا في قضية البحث عن الدوري».

ولكن عددا من الخبراء يقولون انه ليس هناك أساس في القانون الدولي للقيام بمثل هذه الاعتقالات وانها تنتهك معاهدة جنيف الرابعة التي تضمن حقوق الناس في ظل الاحتلال وتحدد مسؤوليات السلطة المحتلة. وتقول المعاهدة انه «ما من شخص محمي يمكن أن يعاقب على جريمة لم يرتكبها شخصيا. ان العقوبات الجماعية وما يشبهها من اجراءات التهديد أو الارهاب أمور محظورة».

ان اعتقال قريب للحصول على معلومات عن مكان شخص مطلوب أو ممارسة ضغط على الهارب لتسليم نفسه ينتهك، أيضا، الميثاق العالمي للأمم المتحدة حول الحقوق المدنية والسياسية، كما قال جون كويغلي أستاذ القانون الدولي في جامعة ولاية أوهايو. وأضاف انه «بموجب قانون حقوق الانسان هناك مبدأ يقول ان الاعتقال لا يمكن أن يكون تعسفيا».

وقامت القوات الأميركية باعتقال أقارب مطلوبين آخرين في محاولة الوصول الى معلومات منهم أو التفاوض معهم على عملية استسلام، وفقا لما قاله مسؤول دفاعي في واشنطن. وقال المسؤول انهم يطلق سراحهم خلال فترة قصيرة من الزمن اذا ما قرر المحققون أن لا صلة لهم بالهجمات على الأميركيين.

وقال المسؤول ان هؤلاء الأقارب اعتقلوا لمعرفة ما اذا كانوا متورطين في أية نشاطات وما اذا كانت لديهم أية معلومات هم مستعدون لتقديمها ويمكن أن ترشدنا الى الهدف الفعلي. وحسب معلوماتي فانه في كل الحالات التي اعتقلنا فيها أفراد عائلة اعتقلناهم لفترة زمنية قصيرة وأطلقنا سراحهم بعد ذلك. لقد اعتقلوا وأجري معهم تحقيق وأطلق سراحهم».

وقال كويغلي انه من الجلي أن هذه الممارسة تنتهك معاهدة جنيف والميثاق العالمي حول الحقوق المدنية والسياسية الذي أقرته الأمم المتحدة.

وتطلق جماعات حقوق الانسان أيضا تحذيراتها. فقد قال أليستر هودجيت، مدير الاعلام في منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة انه «ينبغي على الولايات المتحدة، في الأقل، ان توضح على أي أساس قانوني اعتقلت زوجة وابنة عزة ابراهيم الدوري. يجب عدم استخدام الأفراد كوسائل مساومة واعتقالهم لمجرد مقايضة المعلومات».

وتتسم عمليات الاعتقال بدلالات أوسع بالنسبة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة. فواشنطن كانت قد انتقدت، مرارا وتكرارا، الاتحاد السوفياتي السابق والدول التي كانت تدور في فلك كتلته الشرقية لقيامهم باعتقالات تعسفية واستخدام الأقارب لممارسة ضغط على الهاربين والسجناء السياسيين. وفي تقريرها الأخير حول أوضاع حقوق الانسان في العالم حددت وزارة الخارجية الأميركية عددا من الدول بينها أوزبكستان وباكستان وسورية، باعتبارها تمارس مثل هذه الأساليب للضغط على الناس من أجل الاستسلام أو ارغامهم على تقديم اعترافات.

ويقول الخبراء ان الولايات المتحدة تغامر، باستخدامها أساليب مماثلة في العراق، بفقدان أساس أخلاقي. وقال كويغلي انه «من الصعب على الولايات المتحدة أن تنتقد دولا أخرى بينما تقوم باعتقالات من هذا النوع من الواضح أنها تتجاوز ما يسمح به القانون».

وقد اعتبر مسؤولون عسكريون أميركيون الدوري يقف وراء الهجمات الأخيرة على القوات الأميركية. ولكن بعض المسؤولين العراقيين يقولون ان الدوري مصاب بسرطان الدم ومن المحتمل أنه يبذل كل طاقاته من أجل تجنب القاء القبض عليه. وكان الدوري، في عهد صدام، يتولى منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، وهو ثاني أقوى منصب في العراق، نظريا على الأقل.

وفي الشهر الماضي عرضت الولايات المتحدة جائزة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يقدم معلومات تؤدي الى اعتقال الدوري أو قتله، مما يجعله ثاني أهم المطلوبين بعد صدام، الذي رصدت الولايات المتحدة جائزة بقيمة 25 مليون دولار لقاء معلومات تؤدي الى اعتقاله أو قتله.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»