السنة يحتمون بعشائرهم في «الأيام الصعبة»

TT

بغداد ـ ا.ف.ب: بينما يحتمي الشيعة بـ«مرجعياتهم» الدينية التي تحولت الى رموز سياسية ذات صوت مسموع، يعاني سنة العراق من تفكك شديد اثر سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين، وفضلوا الانتقال من التبعية للنظام الى الاحتماء بعشائرهم التي كانت لها حظوة خاصة لدى النظام السابق. وافاد احد شيوخ هذه العشائر السبت ان الرئيس المخلوع صدام حسين موجود في غرب العراق الذي يشكل جزءا من «المثلث السني» الذي يشهد غالبية الهجمات ضد القوات الاميركية في العراق. وشكلت العشائر في العراق في الايام الصعبة خاصة عنصر لحمة للمجتمع وملجأ تغلب فيه العصبية العشائرية على اي اعتبار آخر. وغداة سقوط العاصمة العراقية بايدي القوات الاميركية عقد زعماء العشائر في محافظة الانبار غرب بغداد اجتماعا اعلنوا فيه تسليم منطقتهم الى الاميركيين من دون قتال، الا انهم طالبوا بالمقابل الا تدخل القوات الاميركية الى مدنهم.

ويقول منصور الحديثي التابع لاحدى هذه العشائر ان «هذا الموقف الحكيم للعشائر كان يهدف الى الحفاظ على التقاليد القديمة القائمة اي منع الاجانب من التدخل في حميمية العائلات العربية». وتابع ان القوات الاميركية دخلت مع ذلك المدن وجرت مظاهرة دعا اليها الشيخ مزهر عبد الكريم الخربيط احد زعماء العشائر في المنطقة احتجاجا على هذا الدخول.

واعتقدت قوات التحالف انها بتعاملها مع زعماء عشائر مثل علي سليمان وابو نمر ستتمكن من تقسيم العشائر وبالتالي الحد من تاثيرها. الا ان عشيرة علي سليمان التي تعاونت مع البريطانيين في 1930 لا تتمتع بثقل فعلي بين العشائر. كما ان هذه العشيرة تعرضت لاحقا للاهانة عندما تلقت طردا يحتوي على عباءة نسائية واحمر شفاه، الامر الذي يعتبر اسوأ اهانة يمكن ان توجه الى زعيم عشيرة. وهناك عشائر عربية يمنية الاصل تعيش في العراق تتحدر من عشيرة زبيد مثل الطائي وشمر. اما اكبر عشيرة في العراق فهي الدليم التي تنتشر من الشمال الى الجنوب وتضم شيعة وسنة. ويقول منصور الحديثي ان مسألة الانتماء العربي لدى عشائر الانبار مهم كما هو مهم ايضا التعلق بالتقاليد الاسلامية. وقال «ان الدين يشكل خلفية لتقاليدنا العشائرية». واوضح ان المجتمع تقليدي جدا في الفلوجة خصوصا والانتماء الديني يشكل رابطا مهما. وقال «في المناطق الريفية يؤمن الدين اللحمة ويعيد المسجد هذه المناطق الى ماضيها المجيد وهي وسيلة للفرار من الحاضر».

واعتبر ان سكان هذه المناطق حاولوا ابعاد الاميركيين خارج المدن عبر التظاهر، وبعد فشل هذا الاسلوب لجأ زعماء العشائر الى اسلوب المواجهة وكانت الشرارة الاولى في الفلوجة. ورأى ان هذا النوع من التمرد لا يعني بالضرورة الولاء لصدام حسين بل هو رد فعل عشائري.

واوضح ان صدام حسين تمكن خلال تسلمه السلطة من كسب ولاء هذه العشائر عبر تقديم المال والغذاء وبعض المعدات لهم وخصوصا تمكينهم من ممارسة نفوذ معين. وبعد سقوط النظام البعثي تغيرت المعادلة. واخيرا قال الحديثي «في كل مرة يسقط فيها عنصر من العشيرة قتيلا على العشيرة ان تثأر له وقوات التحالف لم تفهم هذا الامر».