الفصائل الفلسطينية ترفض اعتبار حوار القاهرة فاشلا

TT

اكدت المنظمات الفلسطينية الـ12 التي اختتمت مباحثاتها في القاهرة من دون الاتفاق على هدنة في العمليات ضد اسرائيل ولو جزئية، على ضرورة «استمرار الحوار» الفلسطيني في بيان صدر امس.

واشار البيان الصحافي الذي اعد في اعقاب اربعة ايام من الحوار الشاق برعاية مصر الى ضرورة «استمرار الحوار الفلسطيني في الداخل والخارج». وقال ماهر الطاهر ممثل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» الذي قرأ البيان ان الحوار «يهدف الى تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتشكيل قيادة وطنية موحدة». وهذا البيان الصحافي يحل محل بيان ختامي للمحادثات التي جرت في القاهرة ولم ينشر بسبب عدم توصل الفصائل الفلسطينية الى الاتفاق على هدنة ومسألة «تفويض السلطة الفلسطينية» للتفاوض باسم الجميع حول وقف اطلاق نار. واكدت الفصائل الفلسطينية «على موقفها من اقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وعلى حق العودة للاجئين»، كما جاء في البيان.

وحيا البيان «الشعب الفلسطيني وصموده»، كما وجه «التحية للأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية». وقال الطاهر ان «المعتقلين وجهوا رسائل الى المجتمعين في القاهرة طالبين منهم ان لا يتوصلوا الى اتفاق لوقف اطلاق نار اذا لم يتم اطلاق سراحهم». كما وجهت الفصائل الفلسطينية «التحية لجمهورية مصر العربية والرئيس حسني مبارك ودور مصر في دعم القضية الفلسطينية». من جهته قال الرئيس المصري حسني مبارك امس ان بلاده طلبت من المنظمات الفلسطينية مساندة السلطة الفلسطينية لكي تتمكن من التفاوض بفعالية مع الجانب الاسرائيلي. ونفى مبارك في مؤتمر صحافي ان تكون مصر قد طلبت من المنظمات الفلسطينية في محادثاتها بالقاهرة الوصول الى اتفاق على وقف لاطلاق النار مع اسرائيل لمدة سنة. واضاف «لم نطلب منهم وقفا لاطلاق النار (مع اسرائيل) لمدة سنة مثلما سرب بعضهم.. كنا نقول لهم فوضوا رئيس السلطة وساندوه من أجل أن يكون قادرا على التفاوض مع الجانب الاسرائيلي» للقسم السياسي. ورفض ممثلو عدد من فصائل المقاومة الفلسطينية اعتبار حوار القاهرة «فاشلا». وقال جميل المجدلاوي، عضو المكتب السياسي لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» ان لقاءات الحوار لم تفشل، بل حققت نجاحا كبيرا لاتفاق الفصائل الفلسطينية على تشكيل قيادة موحدة تضم جميع الفصائل الفلسطينية. واكد لـ«الشرق الأوسط» ان رفض الفصائل اعلان الهدنة او القبول بتفويض السلطة للقيام بخطواتها السياسية لا يعتبر فشلا لحوارات القاهرة. واضاف انه لم يكن صائبا في البداية ولن يكون صائبا في وقت من الاوقات طرح قضية الهدنة ووقف اطلاق النار لتكون محور الحوار الفلسطيني الداخلي الرئيسي. واضاف انه يتوجب في البداية طرح الاتفاق على تشكيل قيادة موحدة للشعب الفلسطيني لتتولى هي رسم خط المقاومة، فتقرر متى يتم تنفيذ عمليات المقاومة ومتى تتوقف، فضلا عن تحديد كل الاعتبارات المتعلقة بواقع ومستقبل الشعب الفلسطيني. وقال المجدلاوي ان الذين يصرون على تصدير قضية الهدنة لكل حوار يسقطون بوعي او بدون وعي في حبائل الحكومة الاسرائيلية التي تصر على ان المشكلة تكمن في المقاومة وليس في الاحتلال. واعتبر ان الاستمرار في طرح موضوع الهدنة هو بمثابة «وضع الامور رأسا على عقب».

من جانبها تحدت حركة المقاومة الاسلامية «حماس»، اسرائيل امس بأن تقبل هدنة يتم فيها تحييد المدنيين من الجانبين قائلة انها ستبحث أي عرض بهذا الشأن من جانب اسرائيل. وقال موسى أبو مرزوق القيادي البارز في الحركة «اذا أحضر أي جانب عرضا من اسرائيل بوقف اطلاق النار فاننا سندرسه. وسنتخذ قرارنا بعد أن يحضروا مثل هذا العرض.. واذا طلب أبو علاء (رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع) عقد اجتماع اخر أعتقد أنه ستتم الموافقة عليه». وقال عبد العزيز الرنتيسي، عضو القيادة السياسية لحركة «حماس» ان ممثلي حركته لم يذهبوا لحضور لقاء القاهرة لكي يتنازلوا عن الحق في المقاومة. واضاف ان القوانين الدولية تعطي للشعوب المقهورة الحق في الدفاع عن نفسها ومقاومة من يحتلها. وشدد الرنتيسي على انه لا يمكن التنازل عن الحق في مقاومة الاحتلال مقابل وقف اسرائيل لعدوانها، مشددا على ان زوال الاحتلال هو الذي يؤدي فقط الى توقف المقاومة.

وفي اسرائيل لم تستطع الاوساط السياسية الحاكمة اخفاء ترحيبها بفشل محادثات الهدنة وقالت ان نجاح تلك المحادثات، كان سيؤدي الى تقوية التنظيمات الفلسطينية المعارضة والمسلحة من الناحية الجماهيرية في الشارع الفلسطيني من جهة وسيعطيها من جهة ثانية الفرصة لترميم تنظيماتها العسكرية وربما تعزيز قوتها العسكرية.

وجاء هذا الترحيب الخفي في تصريحات صادرة عن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، قالت ان اسرائيل سترصد التطورات حاليا وستسعى للتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار مع السلطة الفلسطينية، فاذا لم يتحقق وقف النار ستكون المسؤولية عن ذلك وعن تبعاته محصورة بالجانب الفلسطيني اذ ان اصرار التنظيمات المسلحة على تنفيذ العمليات سيحرر شارون من ضائقته الداخلية والعالمية فلا يعودون يطالبونه باستئناف المحادثات السياسية.

ومن جهة ثانية، وفي السياق نفسه، قال مدير مكتب شارون، دوف فايسغلاس، خلال لقائه مساء الاول من امس مع امين سر مجلس الوزراء الفلسطيني، الدكتور حسن ابو لبدة، ان اسرائيل مستعدة للالتزام بوقف النار اذا التزم الفلسطينيون، وليست بحاجة الى اتفاق رسمي في هذا الموضوع. ولكن الاستمرار في المحادثات السياسية بينهما سيكون عندئذ مرهونا بما يجري ميدانيا لتطبيق المرحلة الاولى من «خريطة الطريق» اي وقف اطلاق النار وتفكيك التنظيمات المسلحة مما يعني ان اسرائيل تقول صراحة انها ستتفرج الآن على الساحة الفلسطينية، حيث تتصارع السلطة والحكومة مع قوى المعارضة.