الفلسطينيون يريدون قرارا من محكمة العدل يلزم إسرائيل هدم الجدار العازل

TT

ينتظر أن تقبل الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار تقدم به الفلسطينيون يسأل محكمة العدل الدولية ما اذا كانت اسرائيل ملزمة قانونا بهدم الجدار العازل الذي تقيمه في الضفة الغربية.

وطلبت الدول العربية عقد الجلسة الطارئة بعد أن صرح كوفي انان الامين العام للأمم المتحدة في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) ان بناء الجدار الفاصل يلحق ضررا جسيما بالفلسطينيين. وقال ايضا ان من حق اسرائيل أن تحمي مواطنيها لكن هذا يجب ألا يتعارض مع القانون الدولي. ويقول القرار الذي ترعاه 27 دولة ان الجدار ينتهك حدود خط الهدنة لعام 1949 لانه يخترق أراضي الضفة و«يضم فعليا مساحات كبيرة من الاراضي». ويطالب قرار الجمعية العامة محكمة العدل «بتقديم مشورة على وجه السرعة فيما يتعلق بالسؤال التالي: ما هي التبعات القانونية المترتبة على اقامة الجدار الذي تبنيه اسرائيل، والذي ورد وصفه في تقرير الأمين العام مع الوضع في الاعتبار قواعد ومبادئ القانون الدولي بما في ذلك معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة».

ومحكمة العدل الدولية ومقرها لاهاي ليست ملزمة بابداء رأي، لكن ناصر القدوة المراقب الفلسطيني في الأمم المتحدة قال انه على يقين من أنها ستفعل ذلك. وفي الشهر الماضي أيدت الجمعية العامة قرارا يطالب اسرائيل بوقف بناء الجدار بأغلبية 144 صوتا مقابل اعتراض أربعة وامتناع 12 عن التصويت. ولم يعترض على القرار سوى الولايات المتحدة واسرائيل وجزر مارشال ومكرونيزيا في حين أبدى الاتحاد الاوروبي انقساما. وقد تمتنع دول الاتحاد الاوروبي عن التصويت في وقت متاخر مساء امس للحفاظ على موقف موحد. وتريد بعض دول الاتحاد تأييد مشروع القرار بينما تخشى دول أخرى مثل بريطانيا من تسييس المحكمة في قضية من الافضل تركها لمفاوضات السلام. وقال القدوة ان اللجوء لمحكمة العدل الدولية هو الاجراء الوحيد المتاح الان. وأضاف ان الرأي القانوني قد يجبر دولا على الضغط على اسرائيل لهدم الجدار. فقرار المحكمة له ثقل قانوني أكبر من قرار الجمعية العامة غير الملزم.

وعلى الرغم من الاستخفاف الظاهر الذي تبديه مؤسسة المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية في نقل موضوع الجدار العازل الى محكمة العدل الدولية العليا في لاهاي، الا ان رئيس الوزراء، ارييل شارون، عقد امس جلسة طارئة في مكتبه بحضور وزير الخارحية، سلفان شالوم، وكبار المستشارين والمسؤولين، للبحث في الأمر وتبعاته. وتقرر في ختام الجلسة ان اسرائيل لا تستطيع تجاهل القضية. وأقيم طاقم خاص من الخبراء في السياسة الدولية وفي القضاء والقانون الدوليين لاقرار رد اسرائيلي رسمي حذر، والاتجاه السائد في الجلسة كان بروح المواجهة والمشاركة في ابحاث المحكمة والامتناع عن ترك الساحة الدولية للخطاب الفلسطيني وحده.

وكانت اسرائيل قد بدأت حملة ضغوط شديدة على دول الغرب والعديد من دول العالم الثالث الصديقة لضمان التصويت ضد قرار الجمعية العامة احالة موضوع الجدار العازل الى محكمة لاهاي، ونجحت في اقناع الاميركيين بالامتناع، وربما بالتصويت ضد المشروع. كما نجحت في تحييد اوروبا وجعلها تمتنع عن التصويت لكنها لم تفلح في تجنيد اكثرية ضد القرار ولذلك قررت مهاجمة كوفي انان، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي اصدر قراره ضد الجدار معتبرا اياه خرقا للاتفاقات الدولية، وبفضل تقريره تمكنت المجموعة العربية من طرح المشروع على الجمعية العامة.

وخلال المحاولات الاسرائيلية تم التهديد بأن توقف اسرائيل محادثاتها السياسية مع الفلسطينيين زاعمة ان «الفلسطينيين اختاروا نقل الصراع الى الأمم المتحدة ومحكمة لاهاي والمحافل الدولية وعليهم ان يتحملوا نتيجة ذلك، فلا يحظون بعد بمحادثات مباشرة». وقد اقلق هذا التهديد القيادات الاوروبية، فتقدمت نحو اسرائيل بخطوة كبيرة حين قررت الامتناع عن التصويت.

يذكر ان الجهات القانونية في اسرائيل تحاول تحجيم البحث في لاهاي، فتقول ان محكمة العدل الدولية هي ليست بوزن محكمة جرائم الحرب ولا تملك صلاحيات اتخاذ قرارات ملزمة، وكل ما تستطيعه هو رفع توصيات الى مجلس الأمن الدولي تقول فيها ان اسرائيل تخرق القانون الدولي بواسطة بناء الجدار والمجلس هو الذي يقرر خطواته، وفي كل الاحوال تضمن اسرائيل ان تتخذ الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لكي تمنع اية اجراءات عقابية.

وتشير المصادر الى ان مسيرة اتخاذ القرار في هذه المحكمة طويلة جدا والتجارب تدل على ان المسألة قد تستغرق سنوات، فهذه المحكمة ما زالت تبحث في شكوى صربيا ضد بريطانيا وكندا وبلجيكا والمانيا بخصوص الغارات التي نفذتها قوات حلف الاطلسي ضدها في سنة 1999 وتبحث شكوى المكسيك ضد الولايات المتحدة حول اعدام 54 مواطنا من سكانها الذين تسللوا الى اراضيها بشكل غير قانوني، وتبحث شكاوى نيكاراغوا ضد كولومبيا لقيامها بضم بعض الجزر التي تعتبرها نيكاراغوا جزءا من اراضيها، وهكذا.

وبناء على ذلك، ترى اسرائيل ان الجدار الفاصل سيكون ناجزا بالكامل قبل ان ينتهي البحث في المحكمة.