جنود اسرائيليون يهددون بمحاكمة قائد سلاح الجو أمام محكمة أوروبية

TT

ازاء التقاعس الذي تبديه المحكمة العليا في القدس ونيابة الدولة في اسرائيل بشأن محاكمة قائد سلاح الجو الاسرائيلي، الجنرال دان حالوتس، هدد مجموعة من الأدباء والضباط والجنود في الجيش بالتوجه الى احدى المحاكم في دول اوروبا ومطالبتها بمحاكمة حالوتس بتهمة ارتكاب جريمة حرب.

وقال ناطق بلسان تلك المجموعة، في حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، امس، ان تهديدهم جدي للغاية: «فنحن حاولنا ان نحاكم حالوتس في اسرائيل، وبذلك قصدنا اعطاء محكمة العدل الاسرائيلية، شرف الموقف القضائي النزيه في الدفاع عن القانون والاخلاق الاسرائيلية وحماية حقوق الانسان الفلسطيني. ولكن، اذا كانت المحكمة الاسرائيلية غير معنية بهذا الشرف او لا تستحق حمله، فلن يكون هناك مفر من ان نتوجه الى محكمة تحترم حقوق الانسان والقانون».

والمحاكمة للجنرال حالوتس تتعلق بجريمة الاغتيال التي ارتكبتها الطائرات العسكرية الاسرائيلية (اف ـ 15) يوم 23 يوليو (تموز) 2002، وقصدت بها قتل قائد الذراع العسكرية لحركة «حماس»، صلاح شحادة. فألقت طنا من المتفجرات، من نوع كشف أخيرا ان استخدامه محظور دوليا، على سيارته وبيته في منطقة مأهولة بالسكان. فقتل شحادة وزوجته وبناته الثلاث الصغيرات. وبلغ عدد القتلى عموما 15 (بينهم طبيب،حضر لتقديم الاسعاف، و9 أطفال) والجرحى حوالي المائة.

وفي حين، سكت المجتمع الاسرائيلي ازاء هذه الجريمة، ولم يصدر حتى صوت معسكر السلام ضدها لكنها ادت الى انفجار نقاش حاد داخل سلاح الجو الاسرائيلي. وبدأت حركة اعتراض واحتجاج داخل الجيش. واضطر قائد سلاح الجو، دان حالوتس، الى السفر الى القواعد الجوية لالتقاء الجنود والضباط ليفسر لهم الدوافع وراء هذه العملية ويشرح لهم مدى «صدقها وضروتها للحفاظ على امن اسرائيل». ولم يدرك حالوتس خطورة المعارضة داخل صفوف جيشه، فراح يتباهى بهذه العملية وقال في حوار صحافي انه ينام بضمير مرتاح. ولا يزعجه انه يقود سلاح الجو الذي نفذ تلك الجريمة.

وقبل حوالي الشهرين، عندما انفجر النقاش المذكور الى الخارج، اعلن 27 قائد طيارات في الجيش الاسرائيلي تمردهم على الاوامر بتنفيذ اغتيالات كهذه في المستقبل. واعتبروها اوامر غير اخلاقية وغير قانونية. ودعوا الحكومة الى الجنوح لخيار السلام وطرح خطة سلمية حقيقية تفضي الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي تماما عن الضفة الغربية وقطاع غزة واحترام حقوق الانسان الفلسطيني في الحياة الحرة الكريمة وحقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة.

وقد كانت مبادرتهم هذه كالزلزال في المجتمع الاسرائيلي، وفاجأت كل جيوش العالم. اذ من المعروف ان سلاح الجو، هو ليس اغنى سلاح في كل جيش وحسب بل هو الاكثر طاعة ايضا. والتمرد في الجيش الاسرائيلي هو حدث تاريخي، يكون الاول في تاريخ العسكر في العالم.

على اثر ذلك تآزر نشطاء حركات السلام، وفي مقدمتهم حركة «يوجد حد»، التي تضم مئات الضباط والجنود الذين يرفضون الخدمة العسكرية في جيش اسرائيل في المناطق المحتلة (معظمهم قبعوا عدة اشهر في سجن عسكري بائس بسبب هذا الرفض)، ورفعوا دعوى الى محكمة العدل العليا تطالب محاكمة الجنرال حالوتس بسبب هذا الاغتيال، باعتباره جريمة حرب. وانضم الى الدعوى خمسة من كبار الادباء والشعراء اليهود في اسرائيل: نتان زاخ وسامي ميخائيل وعاموس كينان ورونيت مطلون واسحق ليئور.

وقد امرت المحكمة نيابة الدولة بأن تعطي جوابها على الدعوى في غضون 45 يوما. وقد نفدت المدة ولم تقدم جوابا. واعتذرت للمحكمة. وطلبت ان تمدد الفترة اسبوعين. ثم طلبت امس تمديدا آخر لمدة اسبوعين. وتجاوبت المحكمة معها. الامر الذي جعل رافعي الدعوى يحتجون. وينتقدون المحكمة. ويطالبونها بألا تتيح لحكومة اسرائيل، بواسطة النيابة، ان تتهرب من العدالة. وهددت بالتوجه الى احدى المحاكم الاوروبية، في حالة استمرار المحكمة في هذه المسايرة او في حالة رد الدعوى.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان محامي رافعي الدعوى درس امكانية التقدم بمثل هذه الدعوى في اوروبا فوجد ان القانون في كل من المانيا وبلجيكا وفرنسا واسبانيا وايرلندا وسويسرا والنرويج وجميع دول اوروبا الشرقية يتيح اجراء محاكمة كهذه ضد مجرمي حرب. ولهذا، فقد بدأ الاستعداد لمثل هذه المرحلة.