أميركا أجرت منذ هجمات سبتمبر تحقيقات حول 6400 أدانت منهم 184

TT

افادت دراسة ان السلطات الاميركية اجرت منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 تحقيقات حول 6400 شخص بشبهة العلاقة مع الارهاب، ادانت منهم في الاخير فقط 184 بتهم ارهاب. وقد اصدر هذه الدراسة باحثون بجامعة سيراكوز اول من امس.

وقد دقت وزارة العدل الأميركية طبولها حول بعض القضايا الشهيرة التي صدرت فيها أحكام طويلة بالسجن على عدد من المتهمين بالتعاطف مع الشبكات الإرهابية ودعمها ماديا ومعنويا، في كل أنحاء الولايات المتحدة. لكن الدراسة أكدت انه في كثير من القضايا الأكثر جدية، فإن الأحكام أخذت تميل إلى النقصان والتخفيف. وقد تقلص عدد المتهمين الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن لمدة خمس سنوات أو أكثر، في جرائم ذات صلة بالإرهاب، خلال العامين اللاحقين لهجمات سبتمبر، مقارنة بالعامين السابقين للهجمات. وقال ديفيد بيرنهام، وهو صحافي سابق يعمل مع "ترانزاكشنل ريكوردز كليرنغ هاوس" المرتبط بجامعة سيراكوز والمتخصص في جمع المعلومات: "هذا الأمر أثار كثيرا من التساؤلات حول الكيفية التي تعمل بها الحكومة في إجراء تحقيقاتها وأولوياتها في هذا المجال. ومن الواضح أن مكافحة الإرهاب عمل في منتهى الجدية، فهناك مجموعات في هذا العالم ترغب أن تلحق بنا كثيرا من الأذى. ومن المهم إذن أن تعمل الحكومة بذكاء وكفاءة لا تحوم حولهما الشبهات". لكن كاسندرا تشاندلر، الناطقة باسم مكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي)، قالت ان التقرير "مضلل"، مشيرة الى انه يتجاهل حقيقة أن كثيرا من القضايا التي تحول إلى المحققين مرتبطة بمعلومات استخباراتية جمعت حول الإرهاب، وأن هذه القضايا لا تصدر حولها أحكام سريعة.

وتعكس الاستنتاجات كيف تبنت وزارة العدل، بقيادة جون آشكروفت، مفهوما واسعا، ومنهجا متشددا لما يمثل نشاطا إرهابيا، ماثلا أو محتملا، وذلك كنتيجة مباشرة لهجمات سبتمبر. وقد عمدت الحكومة الاميركية خلال السنتين الماضيتين إلى إدخال مئات القضايا المتعلقة بمخالفة قانون الهجرة ضمن التحقيقات في الجرائم الإرهابية، مما ترتب عليه أن المخالفين لذلك القانون يدانون بأحكام بحسن السير والسلوك أو تصدر بحقهم أحكام بالسجن تساوي فقط المدة التي قضوها في انتظار محاكماتهم.

وكانت وزارة العدل قد انتقدت من قبل لتلاعبها بالأرقام. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، اكتشف مكتب المراجعة العامة، وهو هيئة تابعة للكونغرس، أن مسؤولي وزارة العدل أخطأوا في إيراد عدد كبير من القضايا وكأنها جزء من القضايا المتعلقة بالإرهاب، مع أنها لم تكن كذلك في واقع الأمر. وقال بعض المعلقين إن الوزارة كانت ترمي إلى تضخيم عدد قضاياها المتعلقة بالإرهاب، كجزء من حملة علاقات عامة غرضها الحصول على مزيد من التمويل والدعم من الكونغرس.

أما بالنسبة لمعارضي وزارة العدل فقد كان تقرير جامعة سيراكوز يمثل مزيدا من الأدلة على أن الوزارة تبالغ في تصوير انتصاراتها في مجال مكافحة الإرهاب، كما يثير كثيرا من الأسئلة حول نواياها لنصب مزيد من الشراك للمتهمين في هذا المجال. وقال السناتور الجمهوري تشارلز غراسلي: "منذ 11 سبتمبر قيل لنا إن مكافحة الإرهاب ومنع الأعمال الإرهابية هي الأولوية القصوى لوزارة العدل. وإذا كانت المعلومات الواردة في هذا التقرير صحيحة، فإن ذلك يثير شكوكا جدية حول مزاعم الوزارة في مجال مكافحة الإرهاب".

وصرح مسؤولون بوزارة العدل بأن معدي التقرير لا يتفهمون واقع تطبيق القانون بعد 11 سبتمبر. وقالوا ان الدراسة "تتجاهل قيمة الإحباط المبكر للأعمال الإرهابية عن طريق تقديم الإرهابيين للمحاكمة على أساس تهم أقل خطورة مما كانوا يعتزمون ارتكابه". وقال مارك كورالو، المتحدث باسم وزارة العدل: "برهنت هذه الطريقة على أنها وسيلة فعالة لإحباط وردع أعمال إرهابية محتملة".

ومن جانبهم اعترف معدو التقرير أن به بعض النقائص. فالواقع أن أكثر من نصف القضايا التي حولها المحققون الفيدراليون إلى النيابة الأميركية العامة، بغرض تقديمها للمحاكمة، خلال العامين اللاحقين للهجمات، لم يكن قد نظر فيها حتى 30 سبتمبر الماضي، أي نقطة توقف الدراسة. ويعترف معدو التحقيق بأن بعض أخطر القضايا ربما ما تزال تشق طريقها عبر المحطات المختلفة للنظام الجنائي. وقالوا إن الحكم في هذه القضايا ربما يزيد عدد الناس الذي تصدر بحقهم أحكام طويلة بالسجن.

وقد اصدرت محكمة فيدرالية في نيويورك الاسبوع الماضي حكما بالسجن عشر سنوات، ضد الاميركي اليمني الاصل مختار البكري، لإدانته بتقديم دعم مادي لتنظيم "القاعدة". وكان البكري ضمن مجموعة من المتهمين عرفوا باسم "بستة لاكاوانا" ادينوا لتدريبهم في أحد معسكرات "القاعدة" في افغانستان قبل هجمات سبتمبر.

ومن ضمن 6400 تحقيق له علاقة بالإرهاب، رفعت الولايات المتحدة 2001 قضية ونجحت في استصدار أحكام في 879 منها. ومن بين الذين أدينوا لم تصدر أحكام بالسجن بالنسبة لـ 506 منهم. ومن بين 373 صدرت أحكام بالسجن بحقهم، بلغت أحكام 123 منهم سنة على الأقل، ومنهم 18 تراوحت أحكامهم بين 5 و18 سنة و5 تراوحت أحكامهم بين 20 سنة والسجن المؤبد.

ومن بين المدانين الـ 879 حوكم 184 في جرائم تتصل بـ"الإرهاب الدولي"، 80 من بين هؤلاء لم يسجنوا، و91 آخرون حكم عليهم بالسجن لمدة سنة أو أقل، و10 حكم عليهم بالسجن من سنة إلى خمس سنوات. وصدر بحق 3 احكام بالسجن لاكثر من خمس سنوات. وفي الجملة توصل التقرير الى ان عدد الذين تلقوا أحكاما تتراوح بين سنة وخمس سنوات سجناً ارتفع إلى 100 مقارنة بـ56 قبل سنتين من هجمات سبتمبر. أما عدد الذين صدرت بحقهم أحكام سجن خمس سنوات فأكثر فقد انخفض من 25 إلى 23 .

@خدمة "لوس انجليس تايمز" ـ خاص بـ "الشرق الأوسط"