الخارجية الأميركية: اتفاق السلام السوداني قد يوقع قبل احتفالات الميلاد

اتفاق حول الثروة سيكون جاهزا للتوقيع خلال 9 أيام إذا تعذر توقيع اتفاق شامل بالأحرف الأولى

TT

قال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية انه قد يتم التوصل الى اتفاق سلام في السودان قبل 25 ديسمبر (كانون الاول) الحالي، فيما أشارت مصادر سودانية مقربة من المفاوضات الى احتمالين احدهما توقيع اتفاق بالاحرف الاولى، أو توقيع اتفاق اطاري حول الثروة على اقل تقدير خلال 9 أيام. وقال تشارلز سنايدر مساعد وزير الخارجية للشؤون الافريقية، ان المفاوضات التي تجرى حاليا في كينيا بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق، تقدمت الى حد انها قد تسفر عن «اتفاق شامل» قبل احتفالات الميلاد في 25 ديسمبر (كانون الاول) الجاري. وقال سنايدر للصحافيين في وزارة الخارجية ان «هناك رغبة حقيقية في ابرام اتفاق والامل في انتهاء كل ذلك قبل نهاية العام بل وقبل عيد الميلاد». لكنه اشار الى استمرار بقاء «تفاصيل تتعلق بنقطة أو اثنتين» بشأن وقف اطلاق النار بدون حل، كما ان مسألة تقاسم الثروات ما زالت تؤخر التوصل الى اتفاق.

وكان وزير الخارجية الاميركي كولن باول، الذي حصل على تعهد من الجانبين بابرام اتفاق قبل نهاية العام الحالي خلال زيارة لكينيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قد ابدى تفاؤله الثلاثاء حيال احترام طرفي المفاوضات لهذه المهلة.

من جهة ثانية وصف باقان اموم رئيس وفد الحركة الشعبية الذي زار الخرطوم أخيرا ان الواقع السياسي بات جاهزا نحو التغيير والتحول الديمقراطي عبر السلام. وأوضح ان هناك ثقة بين الحركة وكافة القوى السياسية بدأت تنمو وتكبر. وقال اموم في مؤتمر صحافي عقده في نيروبي امس، ان وفد الحركة تلمس خلال زيارته للخرطوم احساسا عميقا عند السودانيين لتحقيق السلام الشامل والعادل والتحول الديمقراطي. واضاف «في كل لقاءاتنا وجدنا تشجيعا كبيرا لحل القضايا العالقة للوصول الى سلام دائم، مؤكدا ان السلام من دون ديمقراطية حقيقية لن يستمر». ونبه اموم للتحديات الكبيرة التي ستواجه السودانيين خلال الفترة الانتقالية بعد توقيع السلام، وقال ان «القضية المركزية هي اشراك كل القوي السياسية، والسير في طريق التحول الديمقراطي وليس اقصاء الآخرين. وأضاف ان «النظم السياسية منذ الاستقلال لم تحقق عدالة ومساواة بين المواطنين»، وأضاف ان أول التحديات هو بناء نظام سياسي ديمقراطي من دون تهميش لاحد واعادة بناء الاقتصاد الوطني على أسس العدالة، وخلق وطن يسع الجميع من دون تهميش لاحد. وذكر اموم ان مواطني الجنوب سيمنحون حق التصويت لتقرير المصير، اما للاستقلال او الوحدة، واوضح ان التحدي الكبير هو ان نجعل الوحدة جاذبة، وأضاف «هناك كثير من الجنوبيين يريدون الانفصال ولكن اذا تغيرت المفاهيم وطريقة التفكير لدى القوى السياسية، فيمكن ان نجعل الوحدة جاذبة». ودعا كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع الدولي لتحقيق وحدة السودان على أسس جديدة.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال أموم ان زيارة وفد الحركة الى الخرطوم خلقت قوة سياسية تدفع نحو السلام، وأوضح «ما وجدناه من ترحيب يحثنا للعمل بعزم لتحقيق السلام وتحقيق تطلعات الشعب السوداني». وقال ان المناخ الآن بات مهيئا لذلك.

من جهته اكد كبير وسطاء ايقاد الجنرال الكيني لازاراس سيمبويو، لـ«الشرق الأوسط»، ان زيارة وفد الحركة الشعبية للخرطوم يعتبر مؤشرا قويا لقرب تحقيق السلام ويدفع بالثقة بين الجانبين، وقال «لقد أضافت الزيارة مناخا طيبا وسط المفاوضين، وهناك تفاؤل في ان يتم انجاز السلام في موعده المحدد». واضاف «نحن نشجع مثل هذه المبادرات لتعزيز الثقة». وعقد نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وزعيم الحركة الشعبية جون قرنق جلسة مفاوضات ثنائية استمرت 4 ساعات، وصلوا فيها الى نقاط متقدمة حول موضوع توزيع الثروة، وقالت مصادر مقربة من المفاوضات ان الجانبين فضلا الانتهاء أولا من موضوع الثروة، بعد ان استهلا مفاوضاتهما بقضية المناطق الثلاث المتنازع عليها، وهي قضية تعرف بأنها شائكة. والتقى طه وقرنق امس كل على حدا، مع وزير التنمية والتعاون الدولي البريطاني هيلاري بين، حيث بحثا المساعدات التي ستقدمها بريطانيا للسودان عقب توقيع اتفاق السلام، ووضع خطة أولويات لبرامج التنمية. واستبعدت المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط»، ان يتم توقيع اتفاق شامل خلال الفترة المتبقية (9 أيام) من نهاية الجولة، بسبب صعوبة القضايا المتبقية، لكنها اشارت الى احتمالين احدهما ان يتم توقيع اتفاق بالاحرف الاولى على ان يستكمل الحوار لاحقا بواسطة قنوات وسيطة، ثم يوقع اتفاق شامل لاحقا في يناير (كانون الثاني) المقبل، والاحتمال الثاني هو ان يتم توقيع اتفاق اطاري حول توزيع الثروات، وهو اقل قضايا الخلاف تعقيدا، ويمكن الوصول فيه الى تفاهم خلال الفترة المتبقية، أسوة بما حدث حول موضوع الترتيبات الأمنية، وأشارت الى ان اتفاق حول الثروة سيكون جاهزا خلال 9 ايام للتوقيع اذا تعذر الوصول الى اتفاق شامل. وأحالت اللجان الفنية التابعة للحكومة والحركة في الأيام الماضية 14 نقطة خلاف حول السلطة ليتم حسمها خلال لقاءات طه وقرنق، الى جانب الخلافات حول المناطق الثلاث. أما فيما يخص الثروة فلا يزال الخلاف حول عائدات البترول، وأسس التمثيل في مفوضية البترول، والنظام المالي، والعملة، قائماً، لكن مسالة حسمها لن يحتاج إلا الى قرارات صعبة من الجانبين.