«سي آي إيه» تؤسس وكالة استخبارات في العراق للتجسس على منفذي الهجمات

TT

اقرت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تشكيل استخبارات عراقية للتجسس على الجماعات والافراد داخل العراق الذين يستهدفون القوات الاميركية والمدنيين الذين يعملون لتشكيل حكومة جديدة، حسبما افاد مسؤولون اميركيون. وستتولى وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) تدريب وتمويل وامداد الجهاز الجديد بالمعدات بالتعاون مع الاردن. وسيرأس الجهاز الجديد، في البداية، وزير الداخلية العراقي نوري بدران، وهو شيعي علماني وناشط في حركة الوفاق الوطني العراقية ومقرها الاردن وتضم عددا من المسؤولين العسكريين والاستخباريين السابقين في حزب البعث العراقي. ويقضي بدران واياد علاوي زعيم حركة الوفاق الوطني معظم هذا الاسبوع في مقر «س آي ايه» في لانغلي بولاية فيرجنيا لإعداد تفاصيل البرنامج الجديد. وكان الرجلان قد عملا عن كثب مع الوكالة في الحقبة الماضية في طار جهود غير ناجحة لترتيب انقلابات ضد صدام حسين. ويعتقد الرجلان والوكالة الاميركية ان بالامكان غربلة مسؤولي النظام السابق لتجنيد الصالحين منهم للعمل في الوكالة الجديدة والتخلص من اولئك غير الموثوق بهم.

الا ان بعض المسؤولين في «البنتاغون» واحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي يعارضون معارضة شديدة السماح للمسؤولين العسكريين والاستخباريين السابقين بالعمل في المنظمة الجديدة بسبب عدم الثقة بهم. وبالرغم من عدم تحديد وقت لبداية عمل الجهاز الجديد، فإن المسؤولين يأملون في ان يبدأ نشاطه في منتصف فبراير(شباط). وكان الكونغرس قد اقر مبلغا من المال من اجل الجهاز الجديد في الملحق السري لميزانية العام الحالي. وستركز الاستخبارات العراقية جهودها على الاستخبارات الداخلية ويعتبرها بعض المسؤولين في الادارة خطوة هامة في اطار جهود الادارة لتسليم ادارة البلاد للعراقيين.

تجدر الاشارة الى ان تشكيل الاستخبارات هو واحد من الخطوات الجديدة المتعددة التي اتخذتها «سي آي ايه» للتعامل مع المقاومة العراقية المثيرة للقلق. ففي الاسابيع الاخيرة، شكل نائب مدير الوكالة لشؤون الاستخبارات، جيمي ميسك مجموعة تحليلية في مقر الوكالة يشبه فريق العمل الذي شكلته الوكالة خلال الحرب. وقد ضاعف ميسك عدد المحللين العاملين لتحديد المتمردين ومصادر تأييدهم. وبالمثل فقد زاد حجم محطة «سي آي ايه» في بغداد منذ توقف العمليات العسكرية، بالاضافة الى عدد المحطات الفرعية في البلاد. وذكر مسؤول استخباري ان قطاع الاستخبارات لا يفهم ما يجري في العراق وقرر تشكيل مجموعة جديدة من المحللين لدراسة الوضع. وهم لم يعتقدوا ان الامر سيحدث كما يحدث الان، في اشارة الى حجم المقاومة. واستخدم مسؤول استخباري اميركي اخر عبارة «تعديل منتصف المدة» لوصف الجهود الجديدة لاجهزة الاستخبارات بصورة عامة بما في ذلك اجهزة الاستخبارات العسكرية. وكانت سلطة الاحتلال الاميركية قد قررت منذ اسبوعين تشكيل ميليشيات لملاحقة منفذي الهجمات. وستعمل الوحدة المكونة من ميليشيات اكبر خمسة احزاب سياسية في العراق، مع القوات الخاصة الاميركية وسيشرف على نشاطهم الضباط الاميركيون. وكانت وكالة الاستخبارات المركزية قد جندت ودربت، منذ الصيف الماضي ، عددا من العاملين السابقين في الاستخبارات العراقية للمساعدة في تحديد منفذي الهجمات. تجدر الاشارة الى ان تشكيل وكالة استخبارات مركزية جديدة هو خطوة تالية واضحة في الوقت الذي تبذل فيه القوات الاميركية جهدا لمواجهة الهجمات اليومية التي ادت الى قتل وتشويه مئات من الاميركيين. ولكن التحديات قوية، ولاسيما في وقت عملت فيه اربعة اجهزة استخبارات لعقود طويلة باعتبارها اداة السيطرة الرئيسية لنظام صدام حسين. ولأن المنافسات السياسية حادة في العراق، فإن المسؤولين الاميركيين الذين لديهم معلومات حول البرنامج يشعرون بالقلق من احتمال استخدام الجماعات السنية والشيعية المتعددة للاستخبارات لاضعاف منافسيهم السياسيين.

وحسب عدد من المسؤولين السياسيين فإن بول بريمر الحاكم الاميركي في العراق، يشعر بالاسف على قراره بحل الجيش العراقي، واصبح اكثر قبولا لفكرة استخدام المسؤولين السابقين في الاستخبارات العراقية في جهاز جديد. وكان بريمر قد حل، في الصيف الماضي، اجهزة الاستخبارات العراقية الاربعة، بالاضافة الى وزارتي الاعلام والدفاع. وفي اطار فحص المسؤولين السابقين في الاستخبارات، بعثت وكالة الاستخبارات المركزية باجهزة الكشف عن الكذب الى العراق. وتعتمد الوكالة، في جهدها لتحديد من يستحق تشغيله، على تعاون مسؤولين في اجهزة الاستخبارات من الاردن ومن غيرها من دول الشرق الاوسط، ومن العراقيين في مجلس الحكم ومن القادة السياسيين السابقين في المحافظات. وكانت حكومة صدام قد احتفظت بسجلات تفصيلية حول العاملين في اجهزة الاستخبارات وبخصوص عملياتها. وتحتفظ الولايات المتحدة الان بأطنان من تلك الوثائق وستستخدمها لاستجواب العاملين الجدد في جهاز الاستخبارات. وبالرغم من ذلك فإن القضية المعلقة ، حسب رأي خبير اميركي في شؤون الاستخبارات، هي «الى أي مدى تستعين بمن عملوا في جهاز الاستخبارات السابق».

*خدمة «واشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الاوسط»)