ممثلو المجتمع المدني العراقي يخشون «ديمقراطية الفوضى» وتفشي الطائفية

TT

عمان ـ ا.ف.ب: شكا ممثلون عن هيئات المجتمع المدني التقوا في عمان في اطار ورشة عمل خلال الايام القليلة الماضية، من «ديمقراطية الفوضى» التي تسود العراق اليوم، محذرين من تفاقم النزعة الطائفية واحتمالات تفجرها، في عراق ما بعد صدام حسين.

وعلى مدى ثلاثة ايام، ناقش ممثلون عن هيئات مدنية واكاديميون من العراق ولبنان وسورية ومصر واليمن والاردن وتونس والجزائر والمغرب وفلسطين ودول اوروبية، كيفية المساهمة في دعم المجتمع المدني العراقي الناشئ، في ندوة نظمتها مؤسسة فريديريتش ناومان وبرنامج الامم المتحدة الانمائي في العراق.

وقالت الباحثة العراقية مهى النعيمي، من مركز الدراسات الفلسطينية في بغداد ان العراق يعيش اليوم «ديمقراطية الفوضى في حين اننا نريد ديمقراطية راقية ومؤسسات تقوم على احترام القانون». ورأت ان «العراق يشهد اليوم نمو مجتمع سياسي جديد يحمل عاهة دائمة هي الطائفية» محذرة من ان «الاختراق الطائفي في العراق امر شديد الخطورة» ودعت الى «التعامل مع الموضوع بحكمة والانطلاق من اننا نريد عراقا واحدا موحدا يضم كل الاطياف والاتجاهات».

وانتقدت النعيمي «تفشي الفساد الاداري الذي كان مستشريا قبل سقوط النظام وكنا نأمل زواله لكننا نراه اليوم في كل مكان حتى ان شركات كبيرة ترشو هذا الطرف وذاك».

وتحدثت ليلى محمد، الناشطة في منظمة حرية المرأة في العراق التي نشأت بعد سقوط النظام عن ضغوط تتعرض لها الجمعيات النسائية من جانب الاحزاب الاسلامية في العراق. وقالت «تعرضنا للتهديد بالاسماء من على منابر المساجد بتهمة اننا نروج للفساد في المجتمع العراقي وذلك لانتقادنا الصريح للاحزاب الاسلامية التي تريد فرض الحجاب بالقوة على النساء». وقالت «السلطات تغض الطرف عن حمايتنا، حتى الشرطة المدنية العراقية تنصلت من القيام بواجباتها في ملاحقة مروجي هذه التهديدات».

واتهمت هذه الناشطة التي كانت هربت من البلاد بسبب تعرضها لضغوط من النظام السابق، قوات التحالف بأنها «تؤمن الغطاء لتحركات هذه القوى حتى ان بريمر (بول بريمر الحاكم المدني الاميركي) قال في احد المؤتمرات ان المجتمع العراقي يغلب عليه الطابع الاسلامي». ورأت ان «فكرة التقدمية موجودة في المجتمع العراقي الذي يرفض بصورة عامة قيام نظام اسلامي، الا ان القوى الرجعية تستغل الفوضى المستشرية لفرض سيطرتها ومحاولة دفع المجتمع الى الوراء». وقالت «القضية الاساسية اليوم هي انهاء الاحتلال اذ ان ذلك يتيح وقف اللعبة بين طرفي الصراع ويسمح اخيرا لنواة المجتمع المدني العراقي ان تدافع عن حقوقها بحرية فعلية».

ورغم الازدهار الكبير الذي يشهده العمل الاهلي في العراق في الاونة الاخيرة بفضل الحرية الجديدة التي تنعم بها البلاد، الا انه يترافق في الوقت نفسه مع فوضى وتضارب في النشاطات.

وشكت سهى العزاوي، الباحثة في مركز الدراسات الدولية في جامعة بغداد، من انتشار ما تسميه «الجمعيات الطفيلية» في مرحلة ما بعد سقوط نظام صدام حسين بفعل الفوضى السائدة. وقالت «قبل سقوط النظام، كانت مؤسسات المجتمع المدني واضحة ويمكن التعاون من خلالها، الا اننا نشهد قيام جمعيات من خمسة او ستة اشخاص، هي مجرد هيكل لتحصيل المساعدات». انها اكدت في الوقت نفسه ان نشاط الجمعيات الاهلية في العراق اليوم يشهد نموا كبيرا «فالجمعيات وسعت اعمالها وباتت تتجه الى حقوق المرأة والطفل وقضايا المقابر الجماعية والاحتلال».

وروت هذه الناشطة التي تقوم بزيارات الى سجينات كن مسؤولات في النظام السابق «في البدء كنت ارفض ان التقي في القاعة نفسها مع من كان عدو الأمس، ولكن، مع الاختلاط، باتت الوجوه مقبولة الى حد ما». ورأت ان «تبادل وجهات النظر هو الطريق الوحيد للوصول الى انهاء حالة العنف مع مرور الايام وتحقيق المصالحة» بين مختلف اطراف المجتمع العراقي.

بالنسبة للاستاذ في جامعة بغداد عبد الستار جواد، فان المجتمع العراقي اليوم يشبه «عباءة تمسك كل جهة بطرف منها وتكاد تتمزق بين كل هذه الاطراف». وقال «نريد انقاذ العراق قبل التفكير بأمور اخرى، نريد الامن والاستقرار وبناء المؤسسات والمصالحة الوطنية قبل اي شيء اخر» مضيفا «ليس المهم ان تكون عملية تحرير العراق قد نجحت بل ان نتمكن من انقاذ المريض من الموت».