انفجار طرد ملغوم موجه إلى رئيس تحرير «السياسة» الكويتية

الرسالة وصلت من «مزرعة في بيروت» باسم «غسان شربل» والتحقيقات الأولية تشير إلى احتوائها على «الجمرة الخبيثة»

TT

انفجر طرد ملغوم صباح امس موجه الى رئيس تحرير صحيفة «السياسة» الكويتية احمد الجارالله، حين قام مدير مكتبه وليد دحدوح، 40 سنة، وهو لبناني الجنسية بفتحه، مما ادى الى اصابته بجروح.

وشرح مدير تحرير «السياسة» شوكت حكيم لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل الحادث، فاشار الى ان رسالة وصلت من مزرعة في جنوب بيروت مؤرخة بتاريخ 2 ديسمبر (كانون الاول) الحالي استخدم فيها اسم غسان شربل رئيس التحرير المساعد لصحيفة «الحياة» في لندن تبدو وكأنها موجهة منه الى الجار الله، وحملت الطابع الشخصي.

واضاف شوكت «لما تسلمت البريد أول من امس لاحظت وجود الرسالة ضمن مجموعة رسائل اخرى، وتوقعت ان لها علاقة بمواد تحريرية، وهممت بفتحها، لكنني تريثت بعد ان عرفت انها موجهة من الزميل غسان شربل، وتوقعت ان تكون بطاقة معايدة بمناسبة عيد الفطر الماضي، وقررت تحويل الرسالة الى مدير مكتب الجار الله الذي فتحها، لتنفجر بوجهه».

وقال حكيم انه اجرى اتصالا بشربل امس وسأله عن علاقته بالرسالة «وان كنت اعلم يقينا ان الجناة استغلوا اسمه لتمر الى رئيس التحرير بسهولة»، فأكد لي شربل انه لم يبعث بأي رسالة الى الجار الله في الآونة الاخيرة.

وعن صحة كلام دحدوح، قال حكيم «ان المادة البيضاء التي انتشرت في مكتب رئيس التحرير كانت عبارة عن مسحوق الجمرة الخبيثة، وقد تعرض دحدوح لاصابات طفيفة في وجهه، وجرى علاجه في احد المستشفيات الحكومية بالمضادات الطبية، وحالته مطمئنة جدا ولا تدعو الى القلق».

وسئل ان كانت الرسالة وجهت الى جميع رؤساء تحرير الصحف الكويتية، فقال ان المعلومات التي لديه ان الرسالة اقتصرت على الجار الله.

من جانبه، قال الجار الله الذي عاد مساء امس من جدة لمتابعة التحقيقات الامنية «ان صحيفة «السياسة» اتخذت موقفا صلبا ضد الارهاب لمصلحة الوطنية والاعتدال». واضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ان المقالات الجريئة التي تنشرها صحيفته من حين الى آخر «والتي تركز على نبش عش الدبابير والاشخاص المتمصلحين، والمضللين للشعوب العربية بالخطابات القديمة، واهل الفساد السياسي» تثير هؤلاء المتضررين منها.

واضاف «كثير من نصحني بتهدئة طرح الموضوعات وقالوا: شو بدك بالمشاكل، لكن لم اهتم وواصلت اسلوب كشف المفسدين ووصلتني رسائل تهديد عديدة، والقيتها كلها في سلة المهملات».

وكشف ان الرسالة حملت متفجرا بلاستيكيا، لكن لم ينفجر سوى الصاعق وانتشرت البودرة.

وتوجهت القوات الامنية الى مبنى الجريدة الواقع في منطقة الشويخ لاجراء التحقيقات اللازمة. وزار المبنى النائب الاول لرئيس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ نواف الاحمد الصباح ووزير الاعلام محمد ابو الحسن للاطلاع على سير التحقيقات والاطمئنان على صحة العاملين. واعربت جمعية الصحافيين الكويتية عن استنكارها الشديد وشجبها للعملية الارهابية التي تعرضت لها جريدة «السياسة».

وأكدت الجمعية رفضها لمثل هذا الاسلوب الارهابي الرخيص الموجه ضد حرية الصحافة والديمقراطية التي تتمتع بها الكويت وصحافتها الحرة.

واعلنت وقوفها ومساندتها لجريدة «السياسة» وحرية الصحافة بشكل عام في الكويت. واشارت الجمعية الى ان مثل هذه الاساليب لن تؤثر على ايمان الكويت بالحرية والديمقراطية بل ستزيدنا اصرارا وتمسكا بثوابت الديمقراطية وبالحريات العامة وسعيا من اجل تحقيق المزيد من الحرية في هذا البلد.

وقال الجار الله في تصريحات قبل عودته من جدة الى الكويت امس انه كان متوقعاً ذلك «وإن لم يكن اليوم سيكون غداً أو بعد غد».

تجدر الاشارة الى أن هذه ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها الجار الله أو مقر جريدته بالكويت لمثل هذه الأحداث، ولكنها كما يقول الجار الله، المرة الثالثة. فقد كانت المرة الأولى عندما أطلقوا عليه النار أمام باب جريدة السياسة وأصيب، وبعدما تماثل للشفاء قام بكتابة كتاب «هكذا عدت من الموت»، والمرة الثانية عندما ذهبوا إلى مكتبه ولم يجدوا سوى سكرتيره الباكستاني في ذلك الوقت الذي أصيب، وهذه هي المرة الثالثة. وبسؤال الجار الله عن هؤلاء الذين يتحدث عنهم، قال الجار الله انهم الفئة التي يطلق عليها لفظ «الجماعة المتأسلمة وهم ارهابيون لا يملكون سوى السلاح وهو منطقهم الوحيد في الحوار». واضاف انهم بذلك يحاولون ارهابه كي يتراجع عن الكتابة «عنهم وأعوانهم ولكن لم ولن افكر أبداً في الرجوع عما بدأته منذ الكتابة».

يذكر ان الجار الله دخل في مناوشات مع عدة اطراف بكتاباته، ومؤخراً حكمت محكمة سورية عليه بالسجن 3 أشهر والغرامة 500 ألف دولار بعدما ادانته بسبب نشر صحيفة «السياسة» خبرا عن سورية نفته لاحقاً. كما كتب افتتاحية في «السياسة» قال فيها «ان سورية اصبحت تشكل خطرا على المصالح الاميركية ومصالح العالم في المنطقة، ولم يعد وجود نظامها يشكل مصلحة لأحد». ووقتها نفى رئيس تحرير جريدة «السياسة» ان تكون هناك اي غايات او اهداف شخصية خلف حملته القوية ضد سورية. وقال انه يأمل «ان تعي سورية الدرس ولا تخطئ مثلما أخطأ العراق من قبل».