مصادر أميركية: لن نعادي «الإسلام السياسي» شريطة ألا يكون «خمينياً» ويقبل الحوار

TT

قالت مصادر اميركية ان واشنطن جادة في مساعيها لنشر الديمقراطية في العالم العربي، موضحة ان الولايات المتحدة لا تعادي دعاة الاسلام السياسي شرط ان يقبلوا الحوار والا يكونوا «خمينيين». واضافت ان العرب قد يحصلون على مساعدة اميركا لتطبيق الديمقراطية في بلدانهم بيد انهم لن ينالوا كل ما يطلبونه باعتبار ان «لكل مطلب ثمنه».

جاء ذلك في حوار طاولة مستديرة حول «الولايات المتحدة والاصلاحات في الشرق الأوسط»، عقد في «المعهد الملكي للشؤون الخارجية» بلندن بالتعاون مع «مركز التواصل مع الاعلام الاسلامي» التابع للسفارة الاميركية في العاصمة البريطانية. وشارك في الحوار عشرات السفراء والاكاديميين والاعلاميين والدبلوماسيين العرب والاجانب.

اما الهيئة الرئيسية التي قدمت المداخلات واجابت على التساؤلات فكانت مؤلفة من من الدكتور نبيل خوري، ممثلا للسفارة الاميركية، والدكتورة جوديت يافي من معهد دراسات الدفاع بجامعة واشنطن، والزميل خالد المعين رئيس تحرير «آراب نيوز» والمحلل السياسي الاردني الدكتور مصطفى حمارنة.

ولفت عدد من المشاركين الى عدم تمتع الولايات المتحدة بالصدقية في نظر الانسان العربي. واشاروا الى تناقضات حادة بين هذا الحماس الاميركي المفاجئ لاحلال الديمقراطية في الشرق الاوسط وبين دعمها البالغ لديكتاتوريات عديدة في الوطن العربي وخارجه مثل اذربيجان. وقالوا «على اميركا اصلاح نفسها اولا قبل ان يصبح بوسعنا ان نصدقها». واعرب آخرون عن قناعاتهم بأن واشنطن لن تستطيع تحمل «ضريبة تطبيق الديمقراطية على المدى القصير، كالارهاب مثلا». واعتبروا ان «الاميركيين لن يتابعوا مشروع احلال الديمقراطية في سورية مثلا وغيرها حتى النهاية» وانهم سيقدمون «مزيدا من العبارات الطنانة بدلا من الامور الجوهرية» لان كل ما تفعله واشنطن حاليا بخصوص الديمقراطية العربية يهدف الى ابقاء الرئيس بوش في السلطة. ولفتوا الى عدم وجود «فضاء مفتوح» امام المشاركة السياسية العربية في العراق، كما لن يتوفر ذلك في دول عربية اخرى حسب الرؤية الاميركية التي لا توافق على اشراك الاسلاميين.

واشير الى دور المثقفين العرب الحاسم في اجراء اصلاحات ديمقراطية في الشرق الاوسط. وقال مشاركون «لقد آن الأوان ان يبدأ المثقفون العرب بانتقاد انفسهم (لغياب الديمقراطية) فقد قضوا وقتا طويلا في انتقاد الانظمة او الغرب. ولفتوا الى ان العرب يتحملون مسؤولية كبيرة لعدم تمتعهم بالديمقراطية. وذكروا ان «الديمقراطية لا يمكن ان تفرض فرضا من الخارج، بل لا بد لها ان تتم على ايدي ابناء هذه المجتمعات انفسهم». واضافوا ان بوسع الاميركين ان «يساعدوا المثقفين في اطار تحقيق الديمقراطية بيد ان المهمة الاساسية ملقاة على عاتق هؤلاء المثقفين وشعوبهم».

ولفت محاورون الى ان واشنطن لا تستطيع غرس الديمقراطية في الشرق الاوسط. وقالوا ان السياسة الاميركية قادرة على تغيير قيادات الانظمة الديكتاتورية «الا ان هذا لن يؤدي الى تبديل الانظمة بصورة جوهرية تكفي لجعلها موضع مساءلة من قبل الشعوب». واعربوا عن اسفهم لان الدعوة الى نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط «لم تأت من المؤسسة السياسية والحزبية الرئيسية في اميركا، بل كان مصدرها المحافظون الجدد فقط».

وفي تعقيب على هذه الآراء قالت الدكتورة يافي «لا نعرف كيف نتعاطى مع الاسلام او مع علماء الدين المسلمين» بيد أن واشنطن تأمل ببروز رجال قادرين على تفنيد الارهاب الذي يمثل تشويها للاسلام. واضافت ان «هذا يجب ان يأتي من المنطقة نفسها». واقرت بأن الاميركيين «ارتكبوا اخطاء كثيرة، بيد انه لا يمكننا ان نتحمل مسؤولية كل ما يجري».

واعتبرت ان الرغبة الاميركية باجراء الاصلاحات الديمقراطية في الشرق الاوسط «ليست جديدة» ولا تتعلق بالبحث عن مخرج من ورطة «عدم العثور على اسلحة الدمار الشامل» (المزعومة في العراق) او «بأحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001». واضافت ان هذه الرغبة خلاصة «سياسية موجودة لدى الادارة الاميركية منذ القرن التاسع عشر، بيد ان بعض الادارات لم تعمل على تفعيلها». وطالبت المحاورين بأن يكونوا «حذرين حول ما تطلبونه، كما ان علينا ان نكون حذرين بشأن ما نطلبه، خصوصا ان لكل مطلب ثمنه». وذكرت «قد تحصلون على الدعم الاميركي (لتطبيق الديمقراطية) لكنكم لن تنالوا كل ما تريدونه».

اما الدكتور خوري فشدد على ان واشنطن «جادة» للغاية في مساعيها لاحلال الديمقراطية في الشرق الاوسط. وقال: ليس لدى الولايات المتحدة «سياسة عامة ضد الاسلام السياسي» مشددا على احترام اميركا ورئيسها للدين الاسلامي. وقال ان الموقف الاميركي من الاسلاميين مرهون بتوجهاتهم وقناعاتهم. واضاف ان «آية الله السيستاني يستشار (بالشأن العراقي) اكثر من اي شخص آخر في البلاد»، كما ان مجلس الحكم العراقي يضم سياسيين ذوي توجهات اسلامية. وذكر ان اميركا لا تمانع بالتعاطي مع الاسلاميين اذا كانوا يؤمنون بأن الحوار هو الوسيلة الاساسية للعمل السياسي مشددا على ان نظاما على شاكلة نظام طهران غير مقبول لدى واشنطن لان «النظام الخميني مغلق لا يرضى بوجود معارضة وهو بطبيعته غير ديمقراطي». وكانت هناك آراء قدمها بعض المشاركين عن وجوب «قطع رؤوس» الانظمة الديكتاتورية او ايقاف المساعدات الاميركية عن انظمة شمولية، وذلك لتمهيد الطريق امام شعوب هذه البلدان لاجراء تحول ديمقراطي كما اشير الى اهمية المشاركة الاوروبية في عملية التحول الديمقراطي بالشرق الاوسط.