مصادر مصرية وإيرانية لـ«الشرق الأوسط»: لا تغييرفوريا على طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن ايران قررت تعيين محمد حقيقيان القائم بالأعمال الإيراني في بغداد حاليا رئيسا لشعبة رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة، خلفا لسلفه خسرو شاهي الذي غادرها الشهر الماضي بعد انتهاء فترة عمله الدبلوماسية التي دامت ثلاث سنوات. ومن المقرر أن يصل حقيقيان الشهر المقبل إلى العاصمة المصرية لتقديم أوراق اعتماده.

ورغم وجود توقعات بقرب استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد القمة التي عقدها أول من أمس رئيساهما المصري حسني مبارك والإيراني محمد خاتمي في جنيف، إلا ان مصادر رفيعة قالت: «لن يطرأ أي تغيير فوري على العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين والتي تقتصر حاليا على وجود بعثة دبلوماسية محدودة برئاسة قائم بالأعمال ولا ترقى إلى مستوى السفارة أو العلاقات الدبلوماسية الكاملة». وقال مسؤول مصري بارز لـ«الشرق الأوسط»: «اظهرت القمة عزم الرئيس خاتمي على كبح جماح التيار المناوئ لتطبيع العلاقات المصرية الإيرانية داخل أروقة الحكم الإيرانية، والقاهرة، على كل حال, ليست طرفا في صراع التيارين المتشدد والليبرالي في إيران».

ويأتي انعقاد هذه القمة متأخرا عن موعده الأصلي عامين، حيث كان من المقرر أن يجتمع مبارك وخاتمي في نيويورك عام 2001 على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وسبق لمبارك أن وجه أخيرا انتقادات لطهران بسبب «عدم تعاونها» مع بلاده في اعتقال عدد من المتطرفين المطلوبين للعدالة المصرية، والذين تقول السلطات المصرية انها سلمت نظيرتها الإيرانية قائمة تضم أرقام هواتف وعناوين مقار إقامتهم في إيران.

واشارت مصادر مصرية وإيرانية الى ان القمة التي تأتي تتويجا للاتصالات الدورية بين احمد ماهر وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني كمال خرازي، تطرقت إلى الوضع المتوتر حاليا في العراق، والمخاوف المصرية الإيرانية من كيفية تحديد مستقبل العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين. واضافت: «كلها عوامل تدفع باتجاه تحسين العلاقات المصرية الإيرانية وفتح صفحة جديدة بين القاهرة وطهران».

وأوضحت: «من شأن قمة مبارك ـ خاتمي فتح الباب واسعا أمام إيران للانضمام بصفة مراقب لدى الجامعة العربية بناء على طلبها، باعتبار أن القاهرة هي المقر الدائم للجامعة العربية منذ عام 1945».

وقال دريوش صولات السكرتير السياسي بشعبة رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» ان بلاده «تأمل في أن يمثل هذا اللقاء التاريخي غير المسبوق نقطة تحول إيجابية لصالح تعزيز وتطوير وتوطيد العلاقات المصرية الإيرانية في مختلف المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة». وأعرب عن تفاؤله بأن تساهم القمة في دفع العلاقات قدما، «لأن هناك حرصا مشتركا من الجانبين على استمرار الحوار الإيجابي واللقاءات الثنائية للوصول إلى علاقات طبيعية وكاملة».

واشارت مصادر دبلوماسية عربية الى انه «بالنظر إلى عمق وقوة العلاقات التي تربط بين الرئيس المصري والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية ,فانه من المتوقع ان يكون الرئيس مبارك قد طالب خاتمي بإبداء المزيد من المرونة تجاه مشكلة الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران منذ سنوات في الخليج العربي».

وعلى الرغم من التفاؤل الذي يسود الأوساط المصرية والإيرانية حيال نتائج القمة فان مصادر عربية أشارت إلى وجود ملفات صعبة يتعين على الطرفين حسمها قبل بدء علاقات طبيعية وتقليدية، في إشارة إلى استمرار الجدل الدائر حول ما بات يعرف بحرب أسماء الشوارع بين القاهرة وطهران.

فبينما تطالب السلطات المصرية بإزالة اسم خالد الاسلامبولي قاتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي يطلق على أحد شوارع طهران، تقول السلطات الإيرانية في المقابل انه يجب منع الإمبراطورة فرح ديبا قرينة شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي من الاحتفال سنويا وسط عائلتها والمقربين منها بذكرى رحيله بضريحه الموجود داخل مسجد الرفاعي، أحد أفخم واجمل مساجد منطقة القاهرة القديمة.

وتحرص الإمبراطورة على زيارة القاهرة سنويا وسط اعتراض غير معلن من الحكومة الإيرانية التي تريد إزالة ضريح الشاه، ومنع الاحتفال بذكراه «لانه من المعادين لمصالح الشعب الإيراني».

وتوترت العلاقات المصرية الإيرانية بعد رفض السادات طلبا رسميا من آية الله الخميني المرشد الراحل للثورة الإيرانية بتسليم شاه إيران السابق لمحاكمته، وموافقته على منح الشاه اللجوء السياسي بعد قيام الثورة الإيرانية والإطاحة بعرشه. كما ساهمت اتفاقية كامب ديفيد التي وقعتها مصر وإسرائيل عام 1979 في قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث تقول طهران انه يتعين على القاهرة إلغاء هذه الاتفاقية قبل تطبيع العلاقات المصرية الإيرانية.