المجلس التنفيذي لوزراء أوقاف الدول الإسلامية يستنكر ما تعرضت له السعودية من أعمال إرهابية

تكليف وزارة الشؤون الإسلامية بالسعودية إعداد أطلس عن الأوقاف بالعالم الإسلامي

TT

أكد المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الاسلامية في دول العالم الاسلامي الذي تستضيفه لبنان في ختام اجتماعاته أمس، على رفض الصاق تهمة «الارهاب» بالاسلام او شريعته. مبينا ان الديانة الاسلامية جاءت بالرحمة والمحبة والوئام.

وأشار البيان الختامي للمجلس، الى ان «الإرهاب» لا علاقة له بالأديان، ودعا الى دراسة جذور الارهاب ومسبباته منعا للعنف ومعالجة الارهاب بالارهاب، واكد البيان على موقف الإسلام من اللغو والتطرف والارهاب، واستنكر ما تتعرض له السعودية من أعمال ارهابية، واقر المجلس ان هذه العمليات تستهدف قدسية الحرمين الشريفين، مؤكداً على وجوب التصدي لمثل هذه المحاولات بجميع الوسائل الممكنة، لحماية الاماكن المقدسة، موضحاً ان هذه الأعمال تعد من الافساد في الأرض، وقتل الانفس المعصومة، اضافة الى انها خروج عن الدين وعقيدته السمحة، واعتبر المجتمعون ان القضية الفلسطينية قضية «عربية ـ اسلامية»، وان ما يتعرض له الفلسطينيون من تخريب وتنكيل يعد ارهاب دولة تمارسه اسرائيل. كما دعوا الدول الكبرى الى التخلي عن الصمت، وضرورة تحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري، وان تدعم القرارات الدولية الرامية إلى تحقيق السلام العادل والشامل، مع اعطاء الفلسطينيين الحق في تقرير مصيرهم، واقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وأكدوا على ان مقاومة الاحتلال الاسرائيلي حق مشروع.

وطالب المجلس بانهاء احتلال العراق، وحفظ سيادته، والعمل على ترسيخ وحدة أراضيه وشعبه، وتسليم السلطة الى شعبه، كما حذر المجلس العراقيين من فتح الثغرات التي تؤدي الى الصراع والتنازع بما يؤدي الى اضعافهم وتفرقهم.

وكلف المجلس وزارة الشؤون الاسلامية والدعوة والارشاد السعودية باعداد أطلس عن الأوقاف في العالم الاسلامي، اضافة إلى ثنائه على الورقة التي تقدمت بها الوزارة، حول الحوار الديني، كما كلفت وزارات الأوقاف او ما يماثلها في لبنان ومصر والمغرب والأردن، بعمل ورقة عمل عن الحوار الديني، لما لهذه المؤسسات من خبرة في هذا المجال، وبغية في تعميمها على بقية الدول الأعضاء.

واختار المجلس الكويت لتكون مقراً لمنتدى قضايا الوقف الفقهية بالتعاون مع البنك الاسلامي في جدة.

وطلب المجلس من وزارة الأوقاف المصرية تزويده بقانون الأوقاف المعمول به في مصر، للافادة منه على ان تقوم الكويت برصد قوانين الأوقاف وطرق استثمارها.

كما قرر المجلس تعميم ورقة العمل التي تقدمت بها وزارة الشؤون الدينية في اندونيسيا حول «دور المرأة في مسيرة الدعوة الإسلامية ـ التجربة الاندونيسية».

وكانت الكلمات التي ألقيت في افتتاح فعاليات أعمال المجلس، ركزت على الارهاب، فقال رفيق الحريري رئيس مجلس الوزراء اللبناني في كلمته «انه على سائر الفئات الاجتماعية التعاون لصون مصالحها ورعايتها، وان لا تترك لمغامرات التشدد او استهانة المستهينين او حروب الآخرين على أراضينا ومجتمعاتنا وحقوقنا، ولفت الى وجود وعي حقيقي في اوساط الشباب بالمشكلات والاحتياجات، مؤكداً على ان لا يتخذ هذا الوعي سمات النكوص واليأس او الهرب الى الامام».

مضيفا، «ان هناك حاجة الى التغيير الثقافي والسياسي والديني، الذي يتفق مع تراثنا، وانتمائنا، ومصالحنا ،وديننا، وأوضح انه لا يجوز التوقف عن التطوير لأن الآخرين قالوا هذا الشيء او ذاك، كما لا يجوز السير باتجاه آخر ارغاماً».

وأشار الحريري في ختام كلمته الى الحاجة اكثر من أي وقت آخر للعلماء الكبار ولرجال الدولة الكبار، ولرجال العلم الكبار، ولرجال الخلق الكبار، مشيراً الى ان القضايا الكبيرة، لا يتصدى لها الا الرجال الكبار.

فيما قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ وزير الأوقاف الإسلامية والدعوة والارشاد السعودي الذي يرأس اجتماعات المؤتمر في كلمته «اننا نتطلع في أعمال وزارات الأوقاف والشؤون الاسلامية، وأعمال دور الفتوى، والمجلس، والجمعيات، الى أفق جديد رحب، نجدد فيه الخطاب الديني بكل معاني التجديد ونجدد فيه الخطاب في أطره ووسائله وأولوياته، ونسعى فيه للاصلاح الشامل الإصلاح في السياسة والمال، وقبل ذلك الاصلاح بالتشريع ويحيط ذلك كله الاصلاح في منطقتنا، وفي عقلنا، وفي تفكيرنا، واننا نروم اليوم أن نضع أسس الوعي الاسلامي الرصين، وذلك بالفقه في الشريعة الاسلامية، كما نظر إلى ذلك الأئمة المجددون فيما مضى، وفيما حضر، بالنظر الى مقاصد الشريعة، والى كلياتها، والى قواعدها.

وبين الوزير ان واقع الخطاب الاسلامي بأنواعه يحتاج الى استشراف المستقبل للخروج من مأزق الواقع بإحياء أنواع من الفقه، وإحياء فقه الأولويات، وتقديم الأهم على المهم، وإحياء فقه الأحكام الشرعية في حالة القوة، وفقه الأحكام الشرعية في حالة ضعف الأمة، مضيفا انه لا تساوى عند أئمة الاسلام والمجددين في الأحكام بين حالتي ضعف الأمة وقوتها ومن رام ان يجعلها حكما واحدا فقد، جعل الأمة تسير في نفق لا خروج منه.

وأكد على ان المسلم الحق ليس الذي يعي الاسلام ويطبق أحكامه قابعا في دهاليز الاختفاء والسرية، ولا مستترا في كهوف البلاء، لا يرى للأمة طريقا الا الارهاب والعنف. وأضاف لقد صادم كل متجه الى الارهاب والعنف الاسلام في مقاصده وأحكامه مبينا ان الارهاب بأنواعه مرفوض منبوذ ممن جاء منه وليس للارهاب ملة او نحلة او دين، مشيرا الى وجوب محاربة الارهاب بكل الوسائل المشروعة، لافتاً الى ان الشريعة الاسلامية لديها أحكام وتشريعات وقائية وعلاجية وانكارية للارهاب ولوسائل الارهاب وللارهابيين وأهل العنف على جميع صفاتهم.

وأوضح آل شيخ ان مقاومة المحتل بالوسائل الممكنة المشروعة حق مشروع، لا يدخل عند أهل الانصاف والعدل في صورة الارهاب ولا في حقيقته. وذكر مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني في كلمته ان من بيروت منارة العلم وحرية الكلمة المسؤولة نستطيع ان نجهر بالقول الحق ومن كلمة الحق، فالاسلام اليوم يتعرض لشتى انواع التهم والافتراءات التي تريد ان تشوه صورته لدى الرأي العام العالمي، وتظهره بأنه دين يقوم على العنف والتطرف والاكراه، ولو عدنا الى الاسلام الذي علمنا إياه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لوجدنا ما في الاسلام من قيم وتعاليم سامية تعلو بالاسلام الى أرقى درجات ومراتب الانسانية العالية والخلق العظيم.

وأوضح ان القاعدة الأساسية في الاسلام هي ما جاء في قول الله تعالى «لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي». وإعمالاً بهذه القاعدة أمر الله في القران الكريم بالدعوة الى الايمان بالله بالحكمة والموعظة الحسنة.

وقال المفتي ان ما ينسب الى الاسلام ظلما وافتراء وبهتانا من تطرف وعنف ليس له علاقة بالاسلام، وان ما حدث سابقا او اخيرا من تفجيرات وأعمال عنف ليست من الاسلام في شيء والاسلام بريء منها فهذه الظاهرة العنيفة التي تروع العالم اليوم تلقى علينا مسؤوليات وتلقى على العالم المتحضر مسؤولية، ربما اكبر فمسؤوليتنا ان نقدم الى العالم الصورة الحقيقية للاسلام ليس في أقوالنا فحسب، ولكن عن طريق العمل والسلوك، كما ان مسؤوليتنا ان نفهم الإسلام على حقيقته وان نبلور هذه الصورة في حياتنا العملية في قول الحق والصدق وفي حسن المعاملة وبالتسامح والكلمة الطيبة والرحمة والاعتدال وفي الحض على العلم والمعرفة والعمل في محاربة التخلف والفساد. ورأى ان على الدول الاسلامية مسؤولية عظيمة تجاه شعوبها في اشاعة العدل والحرية والقضاء على الفقر، والمرض، والتخلف، وتوفير سبل العيش الكريم للناس، وتحقيق المساواة والنهوض بشعوبها الامر الذي يمنع نمو بؤر العنف والتطرف.

كما شدد على مسؤولية العالم المتقدم والدول الغنية ان تتوقف عن استغلال موارد وثروات الدول الفقيرة والنامية وتحويلها الى أسواق استهلاك لمنتجاتها وان تمد يد المساعدة والعون، وان تتعامل مع شعوب هذه الدول باعتبارهم بشرا يستحقون الحياة بقدر ما تستحقها شعوبهم الى جانب مسؤولية هذه الدول الغنية في الانكباب على دراسة اسباب مظاهر العنف في العالم، واسباب ظواهر التطرف التي تعود في معظمها الى حالة التخلف والفقر والحرمان، وهي أمور لا علاقة لها بالاسلام أو الدين بدل ان تنفق الاموال الطائلة متوسلة العنف والقتل والتدمير أي طريق الارهاب بحجة القضاء على الارهاب، مشددا على ان الارهاب لا يعالج بالارهاب بل بالتعرف على جذوره واسبابه.