وزير الشؤون الإسلامية السعودي يدعو إلى تجديد الخطاب الديني في بيروت أمام المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والسؤون الإسلامية في العالم الإسلامي

TT

ألقى الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد في السعودية ورئيس المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الاوقاف والشؤون الاسلامية في العالم الاسلامي كلمة امام المؤتمر أول من أمس في بيروت، حيث دعا فيها الى تجديد الخطاب الديني في أطره ووسائله وأولوياته. وفيما يلي نص الكلمة:

تنعقد أعمال الدورة الثامنة للمجلس التأسيسي لمؤتمر وزراء الأوقاف في بلدنا الشقيق لبنان بدعوة مشكورة من سماحة المفتي ورعاية كريمة من دولة رئيس الوزراء واننا لنشكر لدولته وللحكومة اللبنانية تيسير انعقاد أعمال هذه الدورة الثامنة. وتأتي هذه الدورة في ظروف بالغة الألم فنحن نرى الاحتلال لا يزال جاثماً على عدد من أراضي المسلمين ومقدساتهم يستفز مشاعرهم ويتحدى أمنهم ويضعهم أمام خيارات صعبة بالقهر والجبروت. وكذلك لا نزال نرى ضعفاً في اتحاد هذه الأمة وضعفاً في استخدام كافة امكاناتها وطاقاتها المادية والمعنوية والعلمية والدعوية. إن هذه الأمة أمة واحدة: «وإن هذه أمتكم أمة واحدة»، يجب عليها أن تتبع جميع السبل لقوتها بوحدتها وعدم تفرقها: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم». وإن رسالة المسجد تأتي الدعامة الأساس لبناء الأمة الواحدة في عقيدتها وأخلاقها وآدابها، فالمسجد يترجم رسالة الإسلام وهو طريق لجمع الكلمة ووحدة الصف، فلا مجال لأن ينحرف المسجد عن هذه الرسالة. جاء الإسلام ليربي في الأمة العزة «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين»، ويقيمها على التراحم «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» وجاء معلناً شعاره «السلام عليكم فهو شريعة العزة والرحمة والسلام». إننا نتطلع في أعمال وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية وأعمال دور الفتوى والمجالس والجمعيات إلى أفق جديد رحب نجدد فيه الخطاب الديني في أطره ووسائله وأولوياته، ونسعى فيه للإصلاح الشامل للمنطق والعقل والتفكير، ونروم فيه وضع أسس الوعي الإسلامي الرصين بالفقه في الشريعة الإسلامية بالنظر إلى مقاصدها وكلياتها وقواعدها. فمن نظر إلى واقع الخطاب الإسلامي اليوم وجده محتاجاً إلى استشراف المستقبل والخروج من ازمة الواقع بإحياء فقه الأولويات، وفقه القوة والضعف، وفقه السياسة الشرعية في التعامل والحركة. لقد حثنا القرآن على الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن «وجادلهم بالتي هي أحسن»، «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزع بينهم»، «وقولوا للناس حسنا». فالإسلام يشرع مخالطة الناس والتعامل معهم أيا كانت اتجاهاتهم على أساس القول الحسن والفعل الجميل ما لم يظلموا أو يعتدوا. المسلم الحق تجده دائماً في الصدارة في كل عمل خير للبشرية عامة ولإخوانه خاصة، فليس المسلم الحق قابعاً في دهاليز الاختفاء، أو كهوف البلاء، لا يرى للأمة طريقاً إلا الإرهاب والعنف. لقد صادم كل متجه إلى الإرهاب والعنف الاسلام في مقاصده واحكامه، فالارهاب مرفوض منبوذ، وتجب محاربته بكل الوسائل المشروعة، ولقد حظيت الشريعة الإسلامية بأحكام وتشريعات وقائية وعلاجية وإنكارية للإرهاب ووسائله، ومقاومة المحتل بالوسائل الممكنة المشروعة حق مشروع ولا يدخل في صورة الإرهاب ولا حقيقته.

أيها الاخوة:

لقد خدم هذا المجلس المؤتمر العام لوزراء الأوقاف في احياء الاهتمام بالأوقاف ورعايتها وترتيب طرق المحافظة عليها، ثم استثمارها، وتعاون في ذلك مع جهات مالية متعددة، ولا شك انه لا أداء للرسالة الإسلامية إلا بالمال، والأوقاف سنّة ماضية تحقق مقاصد الخير ووسائله، ولا زلنا نتطلع إلى المزيد من العناية بأوقاف المسلمين.

وإن أصحاب المعالي وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية أعضاء هذا المجلس سيناقشون موضوعات مهمة في حياة المسلمين نتطلع أن تسهم في دعم مسيرة وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي، وكذلك أعمال كل المؤسسات الإسلامية.

وعوداً بالحديث إلى أوله، الحمد لله على تواتر نعمه، ثم الشكر للبنان الشقيق على هذه الحفاوة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.