واشنطن: سلطة التحالف في العراق غير خاضعة لمنظمة التجارة العالمية

الولايات المتحدة تستعد لمعركة قانونية بشأن عقود إعادة الإعمار والأوروبيون يعدون ملفات الشكوى

TT

ذكرت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش التي تدافع عن قرارها بمنع فرنسا والمانيا وروسيا من الحصول على عقود لاعمار العراق، ان سلطة التحالف المؤقتة التي تقودها الولايات المتحدة في العراق غير ملزمة بتعهدات التجارة الدولية الحرة. وتعتبر ادارة بوش سلطة التحالف وكالة دولية وليس هيئة تابعة للحكومة الاميركية ملتزمة بقواعد منظمة التجارة العالمية. لكن الخبراء التجاريين يقولون انه ليس من الواضح ما اذا كانت منظمة التجارة العالمية ستوافق على ذلك نظرا لان تمويل سلطة التحالف يأتي من الولايات المتحدة وحدها. وقال مسؤولون من المفوضية الاوروبية انهم يدرسون 26 عقدا تتعلق بتحديد ما اذا كانت هذه القيود تنتهك الاتفاق الخاص بالمشتريات الحكومية في اطار المنظمة.

ودافع بوش عن قراره هذا أول من امس قائلا «الامر في غاية البساطة. شعبنا غامر بحياته، والاصدقاء داخل التحالف غامروا بحياتهم، لذلك فان التعاقدات ستعكس ذلك، وهذا ما يتوقعه دافع الضرائب الاميركي».

ومازال يتعين على المسؤولين الاميركيين توضيح كيف ستدافع الادارة الاميركية عن موقفها في مواجهة شكوى اوروبية محتملة لمنظمة التجارة العالمية سوى بالقول انها لن تستخدم اعفاء يتعلق بالامن القومي.

من جانبه، قال بول وولفويتز نائب وزير الدفاع في مذكرة عن العقود «من الضروري من اجل حماية المصالح الامنية الاساسية للولايات المتحدة قصر المنافسة على العقود الرئيسية لهذه المشتريات على شركات من الولايات المتحدة والعراق والشركاء في التحالف والدول التي أسهمت بقوات». وقال مسؤولون تجاريون أميركيون انهم سيدفعون بان سلطة التحالف المؤقتة غير خاضعة لمنظمة التجارة العالمية. ورغم ان السلطة يديرها مسؤولون اميركيون ويمولها دافعو الضرائب الاميركيون، يقول الخبراء ان الادارة ستؤكد على ان سلطة التحالف ليست «هيئة اميركية» بل منظمة متعددة الجنسيات مؤلفة من عشرات الدول الاعضاء، فيما اسماه بوش «تحالف الراغبين». وفي حين وافقت الولايات المتحدة على اتباع قواعد اتفاق المشتريات الحكومية رفضت سلطة التحالف ذلك، وتجاهلت الاتفاق الذي يمنع الحكومات من التمييز ضد الشركات الاجنبية استنادا الى جنسياتها. واذا فشلت القنوات القانونية قد تلجأ الادارة الاميركية الى ثغرات واعفاءات من قواعد منظمة التجارة العالمية بتصنيف عقود الاعمار على انها مساعدات خارجية. فالمساعدات الغذائية المقدمة من الوكالة الاميركية للتنمية الدولية معفاة بالفعل من قواعد المنظمة.

وفي بروكسل انضم خافيير سولانا مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي صوته الى الانتقادات الموجهة لقرار واشنطن منع معارضي الحرب على العراق من الحصول على عقود اعمار في حين تطالبهم بشطب ديونهم المستحقة على العراق. وحث الزعماء الاوروبيون واشنطن على اعادة النظر في قرارها الذي أثار خلافا جديدا عبر الاطلسي بشأن العراق.

وابلغ سولانا الصحافيين لدى وصوله الى بروكسل لحضور قمة الاتحاد الاوروبي «انه ليس اكثر القرارات حكمة، ففي الوقت نفسه الذي يقولون فيه ان هذه الدول لا يمكنها المشاركة في العطاءات، يطلبون من هذه الدول نفسها التعاون بتقديم المال وشطب الديون».

وكان بوش قد طلب من وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر القيام بجولة تشمل فرنسا والمانيا وروسيا فضلا عن ايطاليا وبريطانيا اللتين ايدتا الحرب لطلب اعادة هيكلة دين العراق الخارجي البالغ 120 مليار دولار.

وتعتبر المانيا وفرنسا وروسيا من اكبر الدائنين للعراق واسهامها سيكون مطلوبا لشطب نسبة كبيرة من الدين. وقال سولانا ان الصعوبات التي سيواجهها بيكر «لن تكون بسبب اتخاذ الدول موقفا سلبيا بل لانها تريد حلا عادلا للمشكلة».

ـ ودفع قرار بوش العديد من الشركات الاوروبية الى حساب ما قد تخسره، كما ان من شأنه اثارة خلافات تجارية جديدة. لكن الخبراء يشككون في ان تحكم منظمة التجارة العالمية بعدم مشروعية القرار الاميركي.

وفي حين اغلق الباب امام الدول التي عارضت الحرب فإن هناك اكثر من 60 دولة مؤهلة للحصول على عقود منها اليابان وبريطانيا واستراليا وبولندا وايطاليا واسبانيا وتركيا والسعودية والاردن ومصر وجنوب افريقيا والفلبين ورومانيا. وكانت المانيا وروسيا والصين ضمن الدول التي اعربت عن قلقها من القرار الاميركي.

وكان المستشار الألماني غيرهارد شرودر قد اعتبر أن إعادة إعمار العراق من واجب الجميع، مشددا على أهمية سيادة القانون الدولي ورفع القيود التي تفرضها واشنطن بشكل لا يخدم القضية. من جهته حث الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الولايات المتحدة على إعادة النظر في قرارها، واصفا إياه بأنه ينزع إلى إشاعة روح الفرقة لا الوحدة. وتساءل أنان عن حكمة الخطوة «المثيرة للانقسام» التي أعلنتها واشنطن و«لا تساعد على تحقيق الاستقرار في العراق».

كما انتقدت روسيا على لسان وزير خارجيتها إيغور إيفانوف الموجود حاليا في بافاريا بألمانيا، القرار الأميركي، معتبرة أنه يعمق الانقسام الذي تشهده الأسرة الدولية بسبب احتلال العراق. وفي موسكو قال نائب وزير الخارجية يوري فيدوتوف إن بلاده تؤيد رغبة المفوضية الأوروبية في دراسة مدى تطابق الالتزامات الأميركية مع معايير منظمة التجارة العالمية.

أما العراق المعني الأول بالوضع فقد قلل على لسان وزير التخطيط والتعاون مهدي الحافظ من أهمية استبعاد شركات الدول المعارضة لغزو بلده، قائلا في مؤتمر صحافي ببغداد إن الولايات المتحدة دولة مانحة «والقرار يخصها،لأنها قدمت أكثر من 18مليار دولار وهي حرة التصرف في منح العقود».

وتندرج ضمن العقود الـ26 صفقات تتعلق بتجهيز الجيش العراقي الجديد وإعادة إعمار الطرق والمنشآت النفطية وأنظمة الاتصالات وشبكات مد المياه والكهرباء.