السجن 7 سنوات في فرنسا للبناني انتحل شخصيات أمراء سعوديين

TT

حكم في فرنسا أول من أمس بالسجن 7 سنوات مع غرامة قيمتها 300 ألف دولار على فرنسي من أب جزائري أصله اسباني، وأم لبنانية أصلها أرمني، وموصوف سابقا من جهات أمنية عدة، أهمها الانتربول الدولي ومكتب المباحث الفدرالي إف.بي.آي بأنه أخطر من انتحل شخصيات أمراء سعوديين وشيوخ خليجيين وغيرهم لسلب المجوهراتيين بشكل خاص... حكم 10 سنوات في دول بخمس قارات. إنه جان هرّينا، الرجل الذي انتفض أحد محاميه حين ادانته محكمة مدينة نيس، بالجنوب الفرنسي، وقال إنه سيستأنف الحكم بعد أن وصف موكله بأنه كان لص جنتلمان في عملياته فقد استخدم خياله فقط، لا السطو المسلح، ليربح ملايين الدولارات من سلب المجوهرات وفق ما نقلت الوكالات عن محاميه جيرارد بودو.

وكان هرّينا، الذي نشط طوال سنوات بسلب محلات المجوهرات الشهيرة أغلى ما لديها من حلل ودرر، قد اعتقل في سبتمبر (أيلول) العام الماضي في فندق فخم بنيس، بعد أن حيّر أجهزة الشرطة في عشرات من الدول زارها وسلب محلاتها، الى درجة أن إف. بي. آي خصص جائزة قيمتها مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقاله، بعد اكتشاف عمليات سلب قام بها وطالت 9 محلات شهيرة في الولايات المتحدة، منها 3 محلات بهونولولو، عاصمة جزر هاواي، وسلبها بسلاح خفة اليد والخطط الاحتيالية ما يزيد على 12 مليون دولار من أغلى مجوهراتها، معتمدا في ذلك على مساندة من أشخاص، تم اعتقال اثنين منهم معه حتى الآن: الاسبانية من أصل مغربي، أوليفيا مصطفى، 22 سنة، والمغربية التي تكبرها بعام، وهي صديقته مريم اللبياد، واللتين تم الحكم عليهما بالسجن 6 أشهر، فيما ما تزال الأجهزة الأمنية تبحث عن 4 آخرين، هم اسباني ومغربي وايطالي وفرنسي، بحسب الوارد عنه في بيان الادانة بمحكمة نيس.

وكان هرّينا، 47 سنة، يعتمد على سلاح ناجح استخدمه، وهو إجادته لأربع لغات، منها العربية، وتمتعه بسحنة سمراء خليجية السمات، الى جانب تعمده شذب شاربيه وذقنه على الطريقة السعودية، الى درجة أنه كان يبدو كواحد من السعوديين تماما، لذلك كان يستخدم أسماء عدة لتضليل باعة المجوهرات، ومنها أسماء أمراء سعوديين على جوازات سفر مزورة، وفق الوارد في أرشيفين كبيرين عنه لدى الانتربول ومكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي.

وكان هرّينا يستخدم سلاحا آخر أيضا، وهو خفة يده التي كانت تسمح له باخفاء الأشياء من أمام أصحابها، حيث لا يدرون الا بعد أن يغادرهم، كأن يضع المجوهراتي أمامه بعض العقود والخواتم والأساور ليستعرضها كزبون مهم وأمير سعودي أو مغربي، وأحيانا كمتحدر من العائلة المالكة الايطالية، ومن بعدها يخرج من المحل بعد أن يتواعد مع مديره بالعودة للشراء في اليوم التالي، فاذا بمدير المحل يكتشف بعد أن يخرج من محله بأن عددا من المجوهرات التي عرضها عليه قد اختفى تماما.. هكذا حدث حين زار هريّنا أستراليا في أوائل العام الماضي، وبجواز سعودي مزور، وهناك بقي 3 أسابيع، أمضى منها أسبوعا في مدينة بيرث، بالغرب الأسترالي، حيث ذاع صيته لنزوله في أفخم فنادقها مع 3 حراس شخصيين، ومن بعدها طار الى مدينة سيدني على الساحل الشرقي للقارة، فأقام أسبوعين يتجول بسيارة ليموزين خاصة، وخلفها ثانية تقل حراسه المرتدين أفخر الثياب مثله.

وقبل يومين من مغادرته المدينة زار أشهر محلين للمجوهرات فيها، فأوصى من الأول على طقم ماسي مطعّم بالزمرد، قيمته 150 ألف دولار، وطلب من مديره أن يهيئ له الطقم في علبة خاصة، بحيث يمر عليه بعد الظهر ليدفع له قيمته، ويحمله لأخي المقبل على الزواج في السعودية كما قال قبل الخروج من المحل.

دقائق مرت واكتشف المدير عندما فتح العلبة ليهيئ الطقم الماسي للزبون أن ما كان بداخلها قد اختفى تماما، ولم يكن في العلبة الا مخمل يغطي أرضيتها وحوافيها، فطار عقله وراح واتصل بشرطة المدينة التي فتحت تحقيقا سريعا، في وقت كان هرّينا يزور محلا ثانيا للمجوهرات، خرج منه بعد نصف ساعة وقد أخفى عن مديره معظم ما عرضه عليه الأخير من مجوهرات، وكانت قيمة المسلوب بخفة اليد تزيد على مليوني دولار ثمنا لمحتويات 3 علب مجوهراتية اختفى كل ما فيها، وهو 9 عقود و4 أساور و12 خاتما و4 بروشورات وتوابعها من حلق وأزرار، وكلها من الماس المطعم بزمرد وياقوت، فبدأ الموظفون يتهمون بعضا ودخلوا في شجار الى أن وصلت الشرطة وفتحت تحقيقا مماثلا للتحقيق في عملية سلب المحل الأول، مستعينة هذه المرة من المحل الثاني بصورة التقطتها كاميرا سرية في غرفة الزبائن المفضلين لكل ما حدث.

ولأن وجه الأمير المزيف لم يكن واضحا في الفيديو بشكل يساعد على معرفة هويته وسماته تماما، لأن الغرفة كانت معتمة بعض الشيء والاضاءة فيها مركزة عادة على ما يعرضه كبير الباعة على الزبائن الممتازين، لذلك لم تستطع شرطة سيدني حل ألغاز أكبر عملية سلب مجوهرات تعرفها المدينة في تاريخها. لكنهم اكتشفوا بعد 3 أشهر معظم تفاصيل ما حدث، وعلموا أن الأمير كان قد غادر الى سنغافورة، وفيها سلب محلين للمجوهرات، ثم طار الى روما وسلب محلا هناك أيضا، وراح يتنقل سالبا المجوهراتيين هنا وهناك، في ماربيا وبرشلونة وجنيف، بل زار بيروت وخرج بخفي حنين حتى استقرت به الحال في نيس، وفيها اعتقلوه في الفندق، وفيها أيضا ستنتهي قصة يعدون عنها فيلما منذ شهر في هوليوود، ويبدأ عرضه العام المقبل.