«التفحيط» هواية قاتلة في السعودية تنتهي بمعانقة السيارات لأعمدة الكهرباء

شاب يخاف القيام بالمناورة بسيارته لكنه يعشق متابعتها ورصدها عبر موقع إلكتروني

TT

ضرب من الجنون أن ترى هواية قاتلة بالفعل تسلب عقول الشباب في السعودية، وينفق عليها المال والوقت، والأهم من ذلك كله الدم والروح في كثير من الأوقات. انها هواية المناورة بالسيارات أو ما يصطلح على تسميتها محليا بالـ«التفحيط».

وبالرغم من المحاذير الاجتماعية والشرعية والنظامية لتلك الظاهرة، إلا أن أعداد المهتمين بها ما زالت في تزايد، وخاصة من قبل الشباب متوسطي العمر، وهم الشريحة الأوسع عددا في السعودية وفقا لآخر الاحصاءات الرسمية.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل بلغ الحال بشاب عاشق لـ«التفحيط» إلى رصد تلك الهواية عبر شبكة الإنترنت، مقدما من خلال موقعه تفاصيل فنية وحديثة عنها، وأهم المصطلحات والشخصيات الشهيرة في هذا المجال.

وللوقوف على تلك الظاهرة التقت »الشرق الاوسط« عبر البريد الالكتروني بذلك الشاب السعودي الجنسية، والطالب في كلية الهندسة قسم برمجة الكومبيوتر، والبالغ من العمر عشرين ربيعا، والذي اختار أسم »كامري نت« تيمنا بموقعة «http://www.camrynet.com» ليكون اسما له، فأكد أن علاقته بالتفحيط بدأت منذ 5 أعوام تقريبا، عندما كان يسير في أحد شوارع الرياض، وشاهد بالصدفة مجموعة من الشباب يمارسون هواية «التفحيط»، حيث فوجئ بما كان يفعله هؤلاء الشباب.

ويضيف »كامري نت«، أنه من المتابعين للتفحيط فقط، ولم يفكر في يوم من الأيام بممارسة هذه الهواية، كونها خطيرة، غير أن من هوايته أيضا رؤية حوادث السيارات، ليس أثناء التفحيط فقط، بل الحقيقي منها، ويقصد بذلك ما تبثه القنوات الفضائية المتخصصة لمطاردات حقيقية بين مجرمين ورجال شرطة.

ويؤكد طالب الهندسة، أن »المفحط« يبدأ عادة يومه بعد تجمع الشباب، ومن ثم البحث عن سيارة يستخدمها، سواء كانت من زميل أو ايجار أو مسروقه، ثم يأتي دور »القطْة«، وهي مايدفعه كل شخص من أصدقاء المفحط من مال ليوفروا له وجبة العشاء ومصاريف البنزين والإطارات.

ويضيف أن أفضل أوقات التفحيط تكون في نهاية الأسبوع، وكذلك بعد نهاية الاختبارات المدرسية، أما بالنسبة للأوقات فغالبا ما تكون في الليل، كون درجة الحرارة في معظم المدن السعودية مرتفعة فترة النهار.

ولم يغفل «كامري نت» الإشارة إلى أن معظم المفحطين تواجههم صعوبات عند تنفيذ بعض الحركات، مثل توفير الموارد المالية اللازمة لايجار السيارة والبنزين والإطارات، كذلك اختيار المكان المناسب لتنفيذ هذه الهواية.

ويفيد أن مدينة الرياض تعد أشهر المدن السعودية في التفحيط، ومن ثم القصيم، ومكة المكرمة،و جدة، مؤكدا أن هذا التصنيف حصل عليه من خلال تصويت نفذه في وقت سابق عبر موقعه، وشارك فيه أكثر من 5 آلاف زائر. أما أشهر الشوارع ففي الرياض يوجد شارع المليون، البراميل، الفروسية. أما في مكة فهناك منطقتا مزدلفة وعرفه. وجدة فيعد طريق الملك عبد العزيز أو كما كان يطلق عليه في السابق اسم «طريق الموت» لكثرة الحوادث التي تحدث فيه، وشارع البلاجات في أبحر الشمالية من أكثر المواقع التي تشهد التفحيط.

ويؤكد الشاب، أن اختيار الموقع من أولى أهتمامات المفحط، فكلما زاد عرض وطول الشارع كلما كان افضل له، كونه يوجد مفحطون شبه منتحرين يأتون بسرعة عالية قد تصل في بعض الأحيان إلى 220 كيلو مترا/الساعة، ومن ثم ينفذون حركاتهم كي يمتعوا الجمهور، وهنا يكون الخطأ قاتلا له ولبعض الحاضرين، إضافة إلى أن هناك عاملا آخر وهو نعومة الشارع، فكلما كان سطح الأسفلت ناعما جدا أصبح أفضل للتفحيط.

وحول أشهر المفحطين في العالم العربي فيؤكد »كامري نت« أنه من جهة المهارة يوجد في السعودية افضل السائقين أمثال: بدر عوض، وهو أحد المشاهير على مستوى الخليج، أبو زقم سابقا، قروص، احمد المحمادي، أبو عابد الصغير، وأخيرا حسن المالكي وياسر الدنه اللذين توفيا بسبب حوادث تفحيط.

ويفيد أن هذه الأسماء غير حقيقية، حيث أن المفحط عادة ما يستبدل اسمه الحقيقي بآخر «حركي» يكون معروفا لدى الناس ويصعب على رجال المرور الوصول إليه، ويمكن للمتابعين معرفة المفحط من خلال قراءة اسمه المستعار المكتوب على نافذة سيارته.

وأوضح أنه بالكاد ينقضي يوم تفحيط من دون وقوع حادث، لكن تختلف قوته باختلاف الموقع والسرعة التي تكون عليها السيارة وأخيرا مهارة قائد السيارة. مشيرا، إلى أن من أشهر الحوادث التي شهدها بنفسه، ما حدث قبل 5 أعوام، عندما ارتفعت سيارة من نوع كامري عن الأرض من شدة سرعتها، وأثناء ارتفاعها خرج أحد الركاب من الشباك الخلفي وتوفي اثر ذلك على الفور، وبعد نزولها وانقلابها أكثر من مرة توفي الراكبان الآخران اللذان كانا بها.

ويشدد «كامري نت»، على أن الإجراء المتبع عند حدوث أي حادث هو مسارعة الجمهور للسيارة التي حصل لها الحادث، ومحاولة انقاذ المفحطين واخراجهم من السيارة، ثم وضعهم في سيارة احد الموجودين وإسعافه الى أقرب مستشفى إن كانت هناك إصابات.

ويضيف، على الرغم من وجود أعراف لدى المفحطين، في حال وجود في الساحة أكثر من «مفحط» فتجنبا للحوادث ينتظر أحدهم حتى ينتهي من وصلته ومن ثم يأتي الدور على الذي بعده، ويتم إخفاء المفحط بين الجمهور متى ما داهمت الموقع سيارات المرور أو الشرطة، إلا أن ظواهر شاذة بدأت تظهر أثناء عمليات التفحيط، وتحديدا خلال إنقاذ المصابين، مثل البحث عن غنائم السيارة من جوالات المصابين أو محافظهم، والبحث عن قطعه في السيارة المصدومة التي ربما تكون ملائمة لسيارة أحد المنقذين.

ويجمل »كامري نت« أنواع حركات التفحيط مثل:

* العقد، وهي جعل السيارة تدور حول نفسها وكأنها نصف ريال معدني.

* السفتي، جعل السيارة تتحرك مثل حركة أنوار السفتي الموجودة في اعلى سيارات المرور.

* الموت، جعل السيارة تمشي الى الامام بشكل جانبي اطول مسافة ممكنة.

* التنطيل، جعل السيارة تذهب يمينا وشمالا فقط على عرض الشارع بسرعة عالية.

* العكسية، الأندفاع بسرعة إلى الأمام ومن ثم جعل السيارة تمشي الى الخلف.

ويعتقد أن أفضل سيارة تستخدم لتنفيذ حركات التفحيط هي الكامري. مشيرا، إلى أن هذه المعلومة حصل عليها من احصائية سابقة أجراها عبر موقعه الالكتروني، شارك فيها اكثر من 8 آلاف زائر. وهذا لا يعني أن باقي السيارات لا يمكن أن تقوم بالتفحيط، لكن يجب عليها أن تكون من نوع سيدان كبيرة الحجم، كون الصغيرة منها تكون عرضة للانقلاب بمجرد تنفيذ حركة العقد، اما سيارات الـ«جي إم سي» والجيوب فهي غير مفضلة عند التفحيط. ويفيد أن بعض المفحطين يدخلون تعديلات على سياراتهم لتنفيذ بعض الحركات، مثل تهبيطها من الخلف كي تكون أرسى اثناء التفحيط، وبعضهم يحدث تعديلات ميكانيكية على المحرك حتى يحصل على أندفاع قوي في مسافة قصيرة. وهناك أشخاص لا يستطيعون القيام ببعض الحركات بأنفسهم فيلجأون إلى المشاهير لتنفيذها بمقابل عائد مالي قد يصل في بعض الأحيان إلى 1500 دولار.

ويقدر «كامري نت» عدد المفحطين في السعودية بنحو 300 شخص، وأعمارهم عادة تتراوح بين 20 ـ 25 عاما، وقد يتجاوز البعض هذه السن. مؤكدا أن المفحط متى ما ابتعد عن التفحيط لفترة طويلة فإنه يفقد مهارته.

ويشدد على أن التفحيط بالنسبة للمفحط أكثر من هواية، وبالتالي لا يستمع للتحذيرات التي تطلقها الجهات المختصة حتى تكون نهايته إما الوفاة أو الاعاقة، ولذلك يطالب محبو التفحيط بتخصيص اماكن لممارسة هذه الهواية، تكون موفرة لها وسائل الأمان، وبالتالي تخفيف نسبة المخاطر التي قد يتعرض لها المفحط أو الحضور.

ويختتم «كامري نت» قوله بأنه عادة يحصل على مشاهد التفحيط لموقعه الالكتروني بطريقتين، الأولى تصويرها شخصيا أو عبر أصدقائه، أما الثانية فشراؤها من بعض الأشخاص الموجودين في ساحات التفحيط، والذين يحرصون على تصوير هذه المشاهد بكاميرات الفيديو أو فوتوغرافيا.